العهد، فكان من محاسن الإسلام أن روى هذا الحديث صاحب المصيبة والمصاب به أولا ولا ريب أن ذلك فعله الله كرامة للحسين ﵁، ورفعا لدرجته ومنزلته عند الله، تبليغا له منازل الشهداء، وإلحاقا له بأهل بيته الذين ابتلوا بأصناف البلاء، ولم يكن الحسن والحسين حصل لهما من الابتلاء ما حصل لجدهما ولأمهما وعمهما، لأنهما ولدا في عز الإسلام، تربيا في حجور المؤمنين، فأتم الله نعمته عليهما بالشهادة، أحدهما مسموما، والآخر مقتولا، لأن الله عنده من المنازل العالية في دار كرامته ما لا ينالها إلا أهل البلاء كما قال النبي ﷺ وقد سئل: أي الناس بلاء؟ فقال: "الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، وابتلى الرجل حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس خطيئة" ١.
وشقي بقتله من أعان عله، أو رضي به، فالذي شرعه الله للمؤمنين عند الإصابة بالمصائب وإن عظمت أن يقولوا: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ ٢.
وقد روى الشافعي في مسنده أن النبي ﷺ لما مات، وأصاب أهل بيته من المصيبة ما أصابهم، سمعوا قائلا يقول: "يا آل بيت رسول الله، إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا المصاب من حرم الثواب ... ".
فكانوا يرونه الخضر جاء يعزيهم بالنبي ﷺ.
_________
١-الحديث أخرجه الترمذي في الزهد باب ٥٧. وابن ماجة في سننه في الفتن باب٢٣.والدارمي في مسنده في كتاب الرقاق باب ٦٧. والإمام أحمد في المسند ١/١٧٢-١٧٤-١٨٠-١٨٥.
٢-سورة البقرة، آية:١٥٦.
1 / 45