54 - وأما ابن كلاب فجاء ببدعة ... وجعد وجهم والمريسي ذوو الدبر
عبد الله بن سعيد بن كلاب: كان نصرانيا من أهل البصرة، فأسلم وفارق قومه.
كما أخبرنا الإمام سعد بن علي، الإسناد إلى الحسن بن #607# محمد -وكان جارا لابن كلاب- قال: لما أسلم ابن كلاب هجرته أخته، وكانت أكبر منه، وأخرجته من المحلة والدار، وكانت عالمة في النصارى راهبة مقبولة القول، يصدرون عن رأيها، فحمل عليها بكل أحد من مسلم ونصراني في أن تمكنه من الدخول عليها فأبت، فاحتال حتى تسلق عليها، فلما رأته صاحت وحملت عليه، فقال: يا سيدتي! تسمعي مني كلمة واحدة ثم افعلي ما شئت.
فقالت: هات. فقال: اعلمي أني وجدت هذا الإسلام ينتشر ويزداد كل يوم ظهورا، والنصرانية تضمحل وتندرس آثارها، فوضعت فصولا ووضعت مسائل -ذكرها لها-، قد أودعتها خفي النصرانية، وقد دسستها في الإسلام وشوشت عليهم أصولهم! فحين سمعت ذلك منه طابت نفسها.
وهو الذي يزعم أن ليس لله عز وجل كلام مسموع منه! وأن جبريل لم يسمع منه شيئا مما أداه إلى رسله! وأن الذي نزل به إلى الأنبياء حكاية كلام الله! وأن كلام الله عز وجل ليس بأمر ولا نهي ولا استخبار، وإنما يعرف ذلك منه لمعنى آخر، وأنه ليس لله كلمات! وأن كلامه شيء واحد ليس بسور ولا آيات ولا لغة من اللغات!!.
وأما الجعد بن درهم فإنه أول من أنكر تكليم الله موسى بكلام مسموع منه!
فرفع أمره إلى خالد وهو أمير على العراق، فأشخصه إلى واسط، وأحضر جماعة من العلماء فنابشوه عن فعله، فأقر وأصر فأجمعوا على زندقته، فأحضره هشام بن عبد الملك #610# المصلى يوم عيد الأضحى، وحضر خالد ، فخطب خالد ثم قال: أيها الناس! ارجعوا فضحوا، تقبل الله منا ومنكم، فإني مضح بالجعد بن درهم! إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما!! سبحانه وتعالى عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا، ثم نزل فذبحه.
وأما الجهم: هو الجهم بن صفوان الراسبي، كان كاتبا #611# للحارث بن شريح التميمي، فلما طرده تعبد، وكان يغشى مجلس أبي حنيفة، ثم أحدث مقالا خبيثة منه: أن علم الله تعالى محدث وكلامه محدث! لم يكن عالما ولا متكلما حتى أحدث لنفسه علما وكلاما! وأحدث مذهب الجبر، وأن الله تعالى جبر الخلق على الكفر والمعاصي، وله أن يفعل ما يشاء، وأن تكليف ما لا يطاق حكمة منه بالغة! وأن الإيمان علم بالقلب بوجود الله تعالى دون الإقرار والعقد والعمل! وأن الزيادة والنقصان والقوة والضعف لا يدخل الإيمان! وكان ترك الصلاة نيفا وأربعين يوما متعمدا، وقال: أنا في مهملة النظر حتى يصح لي ثبوت من أعبده!! وأن الجنة والنار ما خلقتا بعد!
فرفع أمره إلى أمير العراق، فجمع العلماء وأحضره، وسألوه عما يعتقده ويعول عليه.
पृष्ठ 605