وَالنُّونُ زَائِدَةٌ مِنْ قَبْلِهَا أَلِفٌ ... وَوَزْنُ فَعْلَى١ وهَذَا الْقَوْلُ تَقْرِيْبُ.
النواصبُ قسمانِ:-
منها ما ينصبُ بنفسِه، ومنها ما ينصبُ بتقديرِ "أَنْ" بعدَه.
فالذي ينصبُ بنفسهِ٢: أنْ٣، ولنْ٤، و"إذن"٥، وكي٦.
_________
١ في أ "فعل".
٢ يرى الخليلُ أن أصلَ البابِ "أنْ"، وأصلُ "لَنْ" لا أن، كما سيأتي، وأن بعد إذن. وكي مضمرة، وخالف في ذلك سيبويه فقال: "أن ولن وإذن وكي هي النواصبُ". انظر: (شرح عيون الإعراب: للمجاشعي ص ٧٧) .
٣ أحيانًا لا ينُصبُ الفعلُ بعدَها، وهي لغةٌ قبيلةِ طيء، وعليها جاءتُ قراءةُ مجاهد: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرّضَاعَةَ﴾، ومنه قولُ الشاعرِ:
أَنْ تَقْرَآنِ عَلَى أَسْمَاءَ وَيْحَكُمَا ... مِنِّي السَّلاَمَ وأَلاَّ تُشْعِرَا أَحَدَا.
وقيل: لم تعملْ حملًا لها على "ما" المصدرية، لاشتراكِهما في المعنى. انظر: (شرح المفصل ٧: ١٥، وشرح ألفية ابن معطٍ ١: ٣٣٩) .
٤ لن: لنفي المستقبل، وقيل: إنَّها لتأبيدِ النفي، ويبطِلُه قولُه تعالى: ﴿ولَنْ يَتَمَنَّوه أَبَدًا﴾، لأنَّها لو كانتْ موضوعةً للتأبيد لِما احتيجَ إليه، ولأنَّها نزلتْ في حقِّ اليهودِ، ونفيُ تمنِّي الموتِ مختصٌ بالدنيا، لأنهم يتمنّونه في الآخرةِ بدليلِ قولهِ: ﴿لِيَقْضِ عَلَيْنَا ربُّكَ﴾ إلا أنَّ النفي بها أبلغُ من النفيَ بِلا، وإن اشتركا في نفيِ المستقبل. (شرح ألفية ابن معطٍ ١: ٣٣٩) .
٥ في النسخ "إذا"، وإذن مفردةٌ على الأصحَّ، وإليه ذهبَ سيبويه، وقال الخليلُ: "إنَّها مركّبةٌ من إذ أن، فأُلقيتْ حركةُ الهمزةِ على الذالِ وحُذفتْ تخفيفًا، ويُبدلُ من نونِها ألف في الوقفِ تشبيهًا له بالتنوينِ على الأظهرِ". وقيل: إذا عَمِلتْ كُتبتْ بالألفِ، وإذا أُلغيتْ كُتبتْ بالنونِ، للفرقِ بينَها وبينَ إذا الزمانية، ومعناها الجوابُ والجزاءُ لكلامٍ إما محقّقٍ أو مقدَّر، انظر: (شرح ألفية ابن معطٍ ١: ٣٤١) .
٦ انظر: اللمع ص ٢٠٨. "وكي" معناها العلُّة التي لأجلِها الفعل، وللعربِ فيها مذهبانِ:
أن تكونَ ناصبةً للفعلِ بنفسِها، بمنزلةِ أن، وتكون مع ما بعدَها بمنزلةِ اسمٍ، كما كانتْ أنْ كذلك، والآخر أن تكونَ حرفَ جرٍّ بمنزلةِ اللامِ، فينتصب الفعلُ بعدَها بإضمارِ أن، والأظهرُ أنَّها إذا دخلَ عليها اللامُ كانت الناصبةً، كقولهِ تعالى:
﴿لِكَيْ لاَ تَأْسَواْ عَلَى مَا فَاتَكُم﴾ لامتناعِ الجمعِ بينَ حرفي جرٍ، وإذا ظهرتْ أنْ بعدَها كانتِ الجارَّة لامتناعِ الجمعِ بينَ ناصبينِ، وإن تجرّدتْ منهما جازَ أنْ تكونَ ناصبةً بنفسِها وأن تكونَ جارَّة. وقال الأخفشُ: "النصبُ بعدَها بإضمارِ أن مطلقًا، وهي حرفُ جرٍ، لأنَّ الأصلَ عدمُ الاشتراكِ"، وحُكِي ذلك عن الخليل.
وأجابَ الأخفشُ عن دخولِ اللامِ عليها بأنَّه لا يمتنعُ اجتماعُ حرفي جرٍ كما لا يمتنعُ اجتماعُ حرفي جزمٍ نحو: "إنْ لَمْ تقمْ أقمْ "، وحرفي استفهام نحو: " أهل تكرمني؟ ". وقال الكوفيون: "هي الناصبةُ مطلقًا من غيرِ إضمارِ أن"، وإليه ذهبَ ابنُ يعيش. انظر: (شرح ألفية ابن معطٍ ١: ٣٤٠، ٣٤١، وشرح المفصل ٧: ١٥، ١٨، والهمع ٢: ٤) .
وحروفُ النصبِ أربعةٌ عندَ البصريين، وعشرةٌ عندَ الكوفيين، انظر: (شرح التصريح على التوضيح: للأزهري ٢: ٢٢٩) .
1 / 464