المقدمة السابعة لا يخفى على كل ذي رشد ومعرفة بطريق البحث والمباحثة، أن مباحثة أهل الدين والاعتراض على جامعتهم وأصل دينهم إنما يحسن ولا يعيد خبطا ومراوغة عن الحق إذا كان البرهان عليهم بالمقدمات المنتهية إلى بداية العقل أو المسلمة عند عمومهم، وإذا كان الجدل والإلزام لهم بما يعلم أنه من الدين الذي عكفوا عليه والقدر الجامع بينهم لا بما كان رأيا أو رواية يختص به واحد أو آحاد من أهل ذلك الدين لا يفيد علما ولا يذعن عموم أهل الدين بصحته، أو أنه من دينهم فإن تشبث خصمهم بمثل هذا في الاحتجاج على جامعتهم كان ذلك منه حيادا عن الحق لضعف الحجة وضيق الخناق، ولأجل هذا لم أعتمد في هذا الكتاب في البرهان إلا على ما هو حقه من المقدمات البديهية لدى العقل والعقلاء، ولم أجادل عموم النصارى وألزمهم في جامعة دينهم والنصرانية التي عندهم إلا بما تسالموا على إلهاميته وصدوره عن الوحي وهي كتب العهدين التي ذكرنا أنهم متفقون في هذه القرون على نسبتها إلى الوحي والإلهام، وشرحنا أسماءها في المقدمة الأولى. ولم أباحثهم خبطا بآراء آحاد مفسريهم وعلمائهم أو آحاد تقاليدهم التي لا توجب في دينهم علما أو يأبى صحتها أغلبهم.
ولكن هلم الخطب في جملة من المباحثين لدين الإسلام وخصوص الثلاثة الذين وعدناك بالتعرض لكلامهم في هذا الكتاب فإنهم قد دارت مباحثتهم للإسلام على قطبين فاسدين في شرع البحث وأدب الكاتب.
पृष्ठ 74