ضحكت بولين وقالت: «هل يخون أحدهما الآخر؟ يمكنني أن أتخيل هذا.»
قال براين: «طبعا. أقصد مثلهما في أسلوب حياتهما. أرى أنه من المنطق أن يقتل المرء نفسه حتى لا يصير كوالديه. لا أصدق أن امرأ قد يحذو حذو أبويه.»
قالت بولين حالمة: «لكل إنسان اختياراته؛ فأمها وأبوه كلاهما بغيض، لكن ليس بالضرورة أن يكون أورفيوس ويوريديس مثلهما. إنهما ليسا فاسدين. هي ليست فاسدة لمجرد أنها أقامت علاقات مع هذين الرجلين. لم تكن حينها قد وقعت في الحب بعد. لم تكن قد قابلت أورفيوس. هناك مشهد يقول لها فيه إن كل ما فعلته يلازمها طوال الوقت، وإن هذا لأمر مقزز. الأكاذيب التي حدثته عنها، والرجلان اللذان ضاجعاها؛ كل هذا سيلازمها إلى الأبد. وحينها بالطبع سيلعب السيد هنري على هذا الوتر، ويقول لأورفيوس إنه لن يقل عنها سوءا، وإنه يوما ما سيمشي مع يوريديس في الطرقات، وسيبدو كرجل معه كلب يحاول التخلص منه.»
ما أدهشها هو أن براين ضحك.
قالت: «كلا، هذه حماقة. ما قلت ليس حتميا، ليس حتميا على الإطلاق.»
أخذا يتأملان الأمور، ويتجادلان بأريحية بشكل لم يعتاداه؛ وإن لم يكن غريبا عليهما بالكلية. لقد فعلا هذا من قبل على فترات طويلة متقطعة على مدار حياتهما الزوجية. كانا يقضيان نصف الليل يتحدثان عن الرب أو الخوف من الموت، أو يتساءلان كيف يجب أن تتعلم صغيرتاهما، أو عما إذا كان المال مهما. ولكن أخيرا قالا إنهما قد أرهقا على نحو يتعذر معه الفهم والإدراك لفترة أطول، فاتخذا وضعا حميميا واستغرقا في النوم. •••
وأخيرا، أمطرت السماء ذات يوم. استقل براين وأبواه سيارتيهم واتجهوا نحو مدينة كامبل ريفر ليبتاعوا البقالة والجن، وليذهبوا بسيارة الأب إلى ورشة الإصلاح لتفقد المشكلة التي طرأت عليها في الطريق من نانايمو. كانت مشكلة بسيطة جدا، لكن السيارة كانت لا تزال في فترة الضمان؛ لذلك أراد والد براين أن يتم فحص السيارة على وجه السرعة. واضطر براين أن يذهب معهما مستقلا سيارته تحسبا لأن يضطروا لترك سيارة الأب في الورشة. أما بولين فقالت إن عليها أن تظل في البيت حتى تحظى مارا بقيلولتها.
كذلك أقنعت كيتلن بأن تأوي إلى فراشها أيضا، وسمحت لها بأن تأخذ معها صندوق الموسيقى إلى الفراش، شريطة ألا تشغله بصوت عال. وبعد ذلك، فتحت بولين نص المسرحية على طاولة المطبخ، واحتست فنجان قهوة، وأخذت تراجع المشهد الذي يقول فيه أورفيوس إنه من غير المحتمل - في النهاية - أن يظلا جسدين منفصلين، كل منهما منغلق على ما فيه من دم ولحم، كل في عزلته، فتطلب منه يوريديس أن يصمت. «لا تتكلم، لا تفكر، فقط دع يدك تلمسني، دعها تستمتع.»
تقول يوريديس: يدك سبب سعادتي. تقبلها على هذا النحو. تقبل سعادتك.
وبالطبع يقول إنه لا يستطيع.
अज्ञात पृष्ठ