ثم ودعها إلى الباب، ووقف عنده ، وقال إنه لن يفتحه حتى تعده بالمجيء في اليوم الثاني. فوعدته ذلك .
وفي اليوم التالي جاءتها منه هدايا الزهر والألماس، فتناولتها وأذرتها في الغرفة وهي مغضبة، ولكنها مع ذلك ذهبت إلى الوليمة، وعندما انتهت السهرة بقيت كما فعلت في الليلة الماضية. وجاء إليها نابليون والغضب يقدح عينيه، وقال لها: «لم لم تلبسي الألماس الذي أرسلته لك؟ لم كنت تعرضين وتتحامين أنظاري هذه الليلة؟ هذه مسبة لا أطيقها، يجب أن تعرفي أني منتصر عليك، وأنه يجب أن تحبيني، يجب أن تحبيني؛ فإني قد رددت إلى بلادك اسمها، وحظها الآن في كفي.»
ثم أخرج ساعته وقبض عليها، وقال: «انظري إلى هذه الساعة، إن بلادك في يدي الآن مثل هذه الساعة. وإني أقدر على أن أمزقها شذر مذر، إذا لم تجيبي طلبي، وأتركها شظايا كما أفعل بهذه الساعة.»
قال ذلك، ورمى الساعة بكل قوته إلى الحائط، فذهبت شظاياها في كل جانب من الغرفة، وارتاعت ماري لهذا المنظر، فأغمي عليها، وأفاقت وهي بين ذراعي نابليون.
وبعد ذلك صارت ماري خليلته، لا يفارقها في حروبه أو وقت السلام في باريس. وأحبته هي حب العبادة، فكانت تضحي بكل شيء من أجله، ولم تكن تطمع في شيء سوى حبه، وحتى إنه عندما انهزم واستأسر في سنة 1815، ونفي إلى جزيرة القديسة هيلانة طلبت أن تذهب معه، ولكن حيل بينه وبينها، وعاشت مدة وجيزة بعده، وماتت فقيرة. وكانت آخر كلمة لفظتها في نزع الموت هي: نابليون!
وكانت كلما استأدت نابليون وعدها بتحرير بلادها يراوغها ويقول: «إني أحب بلادك، ولكني لا أستطيع أن أسفك دماء الفرنسيين من أجل بلاد أجنبية عنهم.»
وقد ولدت لنابليون ولدا، هو الوحيد الذي عاش إلى سن الشيخوخة من نسل نابليون، وقد استخدمه نابليون الثالث، وعينه في المناصب العليا، فأداها بذمة وأمانة.
ماري لويز
في سنة 1809 كان نابليون في أوج عزه وسلطانه، قد خضعت له أوروبا كلها أو معظمها، وعندئذ أخذ صباغ الثورة الذي تخضب به ينصل عنه، وصار يرتدي رداء الملوك، ويحمل شعارهم، ويبحث عن زوجة تلد له ولي عهده الذي يحمل اسمه ويخلد ذكره.
وكان إلى هذا الوقت متزوجا جوزفين، تلك الأرملة الجميلة التي عشقها وهو بعد ضابط فقير، فانفصل منها، وحصل على طلاقها، وأجال نظره في قصور الملوك في أوروبا، ينشد أميرة من سلالة ملوكية قديمة، تكون أما لملك أو إمبراطور، يحمل اسم نابليون.
अज्ञात पृष्ठ