الإهداء
مقدمة
1 - آلهة الحب عند الإغريق والرومان
2 - الحب في الميزان
3 - العواطف
4 - القبلة
5 - العشق
6 - الحب في أمثال الشعوب والأمم
7 - قصة الحب الخالد
الإهداء
अज्ञात पृष्ठ
مقدمة
1 - آلهة الحب عند الإغريق والرومان
2 - الحب في الميزان
3 - العواطف
4 - القبلة
5 - العشق
6 - الحب في أمثال الشعوب والأمم
7 - قصة الحب الخالد
الحب في الميزان
الحب في الميزان
अज्ञात पृष्ठ
تأليف
أمين سلامة
الإهداء
إلى التي بهرني حبها ... فأعماني وأعماها،
والتي أرقني هواها ... فأشقاني وأشقاها،
إليك يا من علمتني معنى الحب ... فأبغضته كل البعض،
ويا من أذقتني يوما طعمه ... فأحببته كل الحب،
إليك أهدي هذا الكتاب؛
لعل فيه لك وللعاشقات هداية،
وفيه للمحبين أيضا عبرة ودراية.
अज्ञात पृष्ठ
أمين سلامة
مقدمة
الحاء والباء
حرفا هجاء
سلني عنهما
من لا يعرفهما!
ولم تسألونني؟
وهناك من سبقوني
ممن عرفوا الحاء،
وعرفوا الباء،
अज्ञात पृष्ठ
ووضعوا الحاء قبل الباء،
ليفتكا بالناس والدهاء،
فانتشرت «الحاء» بين الأفراد،
وهامت «الباء» بين الآحاد؛
ليعبثا بالقلوب والأجساد،
فلم ينج منهما جد من الأجداد،
ولم يخل منهما بلد من البلاد،
فطغى الحب في الأقطار والنجاد،
وكانت له الغلبة فساس وساد،
ورضخ له الناس من سائر العباد،
अज्ञात पृष्ठ
فاشتعلت ب «الحاء» قلوب الغيد والعذارى،
كما اضطرمت ب «الباء» قلوب الرجال نارا،
وعمروا ب «الحاء والباء» الدور والأقطارا.
الباب الأول
آلهة الحب عند الإغريق والرومان
وجد الحب بوجود الإنسان،
وليس بعد حب آدم لحواء من حب،
فقصة هذا الحب غير معروفة لنا فعلا.
ولكن .. قد عمر الكون وامتلأ بالمخلوقات، واكتظ ببني آدم وبنات حواء.
ومن المجزوم به الذي لا مراء فيه أن آدم هو أصل هذا الكون، كما أنه مما لا شك فيه أن رسالة حواء في هذا الذي حدث لا تقل عن رسالة آدم، إن لم تزد عليها كثيرا. وفي هذا المعنى يقول أبو العلاء المعري، الفيلسوف الزاهد الشاعر، قوله المأثور:
अज्ञात पृष्ठ
أكان أبوكم آدم بالذي أتى
نجيبا فترجون النجابة بالنسل؟!
إذن عرف آدم الحب مذ هبط إلى الأرض، وعرفت حواء الحب منذ أن وجدت آدم إلى جوارها.
وكان حب، وكان نسل .. ثم كانت المعمورة.
نما الحب بمرور السنين وتعاقب الأيام، وكبر وترعرع حتى صار عملاقا تتضاءل بجانبه شم الجبال.
وتفنن البشر في ضروب الحب، فصار الحب بتعاقب الملوين فنا عظيما يقصر إزاءه كل فن جميل أو غير جميل، وتعددت صور الحب وتباينت وتلونت وتشكلت، فإذا بالحب يصبح سيدا طاغيا، له على القلوب سلطان، وعلى العقول سطوة وسيادة، وإذا به يدحر ويغلب، ويقهر ويعذب.
عظمت دولة الحب وامتد سلطانها، فأصبحت الدولة العظمى التي تضم جميع البشر في رحابها، وفي ركابها، وتحت لوائها. وإذا بالبشر أجمعين يصبحون بالنسبة إلى هذه الدولة رعايا مخلصين، مؤمنين ظاعنين،
1
راضين طيعين، ملبين خاضعين، ساجدين خاشعين، قد رضوا بالحب ملكا وسلطانا، ورئيسا وسيدا عظيما. لا يسعهم أجمعين إلا أن يرضخوا لكل أمر كبير أو صغير، يصدر من فمه الحلو المرير.
وكان للحب عند الأغارقة والرومان مكانة عظيمة، ومنزلة سامية، يقدسونه تقديسا، ويعبون من كأسه مترعة.
अज्ञात पृष्ठ
ما كان الأغارقة والرومان ليعترفوا بالحب كشيء يغزو القلوب ويلعب بالأفئدة فحسب، بل بلغ من شدة إيمانهم بهذا الحب أن جعلوا له بين آلهتهم إلهة وإلها.
فمن يا ترى هذه الربة التي ألهها الإغريق والرومان، وعبدوها كخالقة للحب، ومسيطرة على عنفوانه وجبروته، وقدرته وغزواته؟
ومن هو هذا الرب الذي بجلوه هذا التبجيل، وجعلوه على الحب مشرفا ومهيمنا، ونصبوه عليه سيدا وآمرا؟ يتصرف فيه كما يهوى ويشاء، ويوزعه هنا وهناك كما يود ويرغب، والحب له صاغر، وبأمره يأتمر، وفي حضرته خاشع ساجد. •••
أي «فينوس»! يا صاحبة التاج المعلى، ويا ربة الحب عند الرومان.
أي «فينوس»! يا زعيمة الحب، وسيدة الغرام، والمسيطرة على عالم العشق والهيام بين الآلهة وبين البشر.
أي «فينوس»! يا ملكة الملكات في دنيا السموات والأرض، وأميرة الأميرات في كل زمان ومكان، يا من خلدك التاريخ في أنصع صفحاته، فكنت وحي المحبين، وعزاء العاشقين المتيمين. •••
آمن الأغارقة والرومان في عقيدتهم ودينهم ب «فينوس» هذه، وجعلوا من اختصاصها الهيمنة على الحب في السموات والأرض.
ولقد حدثنا هسيود
Hesiod ، الشاعر الإغريقي الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد تقريبا، في منظومته «سلسلة نسب الآلهة»، عن «فينوس» ربة الحب والغرام فقال: «أنجبت الأرض في البدء السماء بنجومها، تساويها في المساحة؛ حتى تكسوها من كل صوب وناحية، ولتصير موطنا أبديا للآلهة المباركين، كما أنجبت البحر العاقر ذا العباب المتلاطم، من غير اضطجاع ولا حب ... بيد أنها اضطجعت فيما بعد مع السماء، وأنجبت أوكيانوس (المحيط) العميق الغور، ثم ولدت كرونوس (الزمن) الداهية الدهياء، أصغر وأقوى أبنائها شكيمة، وأعظمهم بأسا، وكان يكره أباه لشهوانيته.
كذلك أنجبت الأرض للسماء ثلاثة أبناء آخرين، وكان لهم من القوة والجبروت ما يعجز عنه الوصف، ويقصر عن ذكره اللسان. وكان يبرز من أكتافهم مائة ذراع لا يمكن الاقتراب منها. وكان لكل منهم خمسون رأسا فوق منكبيه وأعضائه الفتية. أما القوة الفتية التي في هياكلهم الضخمة فمن العسير مقاومتها؛ لأنهم كانوا أكثر الأبناء هولا وهيبة، دون سائر من ولد للأرض والسماء. وكان أبوهم يكرههم منذ البداية، ويمقتهم منذ ولادتهم، فمتى ولد أحدهم كان يخبئه في مكان خفي تحت الأرض، فلم يتكبدوا مشقة الصعود إلى حيث الضوء.
अज्ञात पृष्ठ
كان عمله الشرير هذا يدخل السرور على قلبه، والغبطة على فؤاده؛ فيرتاح باله ويهنأ خاطره، أما أمهم الأرض الفسيحة فكانت تئن وتتوجع أحشاؤها، فلما برح بها الألم ونال منها الحزن والكمد، حتى بلغ السيل الزبى، فكرت في مكيدة أثيمة دهياء، فصنعت في الحال عنصر الحجر الصوان الرمادي اللون، وشكلت منه منجلا ضخما، وأطلعت أبناءها المقربين على خطتها، وحدثتهم بفكرتها؛ لترفه عن أنفسهم، وهي في قرارة قلبها تتميز غيظا، وتتحرق أسى، والحزن يسري في أحنائها فيعصر فؤادها عصرا، ويشعل جذوة الحقد الدفين في صدرها، فقالت: «أي بني! يا نسل أب أثيم، ووالد شرير رجيم، أنتم تعلمون ما يقوم به ذلك الداهية من عمل مشين، ويجب علينا أن نعاقبه على ما اقترفت يداه، وجناه فكره. فإن أطعتموني فيما أطلب إليكم عمله، تمكنا من مجازاته، والحد من جرائره ونزواته، فلقد طغى وبغى، واقترف أمورا شائنة وذنوبا فاضحة».»
هكذا حدثتهم أمهم الأرض، ولكنهم ارتجفوا لهول ما حدثتهم، واجتاحتهم جميعا نوبة من الفزع والهلع، حتى سكتوا كأن على رءوسهم الطير، ولم ينبس أحدهم ببنت شفة، ولم يجرؤ على التفوه بكلمة واحدة. وظلوا كذلك فترة لا يعرف مداها، أقصرت أم طال أمدها، غير أن الشجاعة الخارقة والجرأة النادرة، استفزتا كرونوس العظيم الداهية، فمزق ذلك السكون الرهيب، وأجاب أمه بقوله: «أماه! والدتي العزيزة، مري، فتطاعي، وأصدري ما تشائين من أوامر تجديني أطوع إليك من بنانك، سأقوم بتنفيذ خطتك، مهما لاقيت من أخطار، واعترضني من صعاب؛ لأنني لا أحترم أبانا لسوء سمعته، فهو البادئ باقتراف أمور شائنة، والبادي أظلم، والمعارض منتصر.»
ما إن سمعت الأرض الفسيحة كلام ابنها هذا، حتى ابتهجت وعم السرور جميع أحنائها، فساقته أمامها، وخبأته في كمين، ووضعت بين يديه منجلا مثلما، وأملت عليه تفاصيل الخطة كاملة.
وجاءت السماء تجلب الليل معها، والصبا والصبابة، ثم رقدت فوق الأرض ناشرة طياتها عليها نشرا تاما. عندئذ مد كرونوس يده اليسرى، وهو قابع في مخبئه، وقد حمل في يمناه المنجل الضخم الطويل ذا الأسنان المثلمة، فقطع بسرعة البرق عضو أبيه الذكر، وألقى به بعيدا ليسقط خلفه، غير أنه لم يسقط من يده هباء، فإن جميع قطرات الدم التي تساقطت، تلقتها الأرض، وبمرور الزمن، أنجبت ربات الانتقام القاسيات، والجبابرة الشديدات، بدروعهن اللامعة، ورماحهن الطويلة بأيديهن، وكذا الحوريات الفاتنات، في سائر بطاح الأرض الواسعة.
ما إن بتر كرونوس عضو الذكر بالحجر الصوان، وألقى به من فوق الأرض إلى البحر المتلاطم، حتى جرف بعيدا إلى عرض البحر مسافة بعيدة، ثم انتشر حوله زبد أبيض من اللحم الخالد، ونمت فيه عذراء، اقتربت في البداية من كيثيريا المقدسة، ومن ثم وصلت إلى قبرص التي تحيط بها المياه من كل جانب، وبزغت ربة رهيبة ذات جمال فذ وفتنة نادرة، ذات عينين نجلاوين لحاظهما كالسهام فتكا، وعود فارع نحيل، وقد أهيف، تتثنى في مشيتها في رقة ودلال، وسرعان ما نما الحشيش حول أسفل قدميها الرقيقتين، وقد أطلق عليها الآلهة والبشر اسم أفروديت، أي «فينوس»، كما سموها بالربة الزبدية المولد ، لأنها نمت وسط الزبد، وب «كيثيريا» ذات الهامة الناصعة المجيدة؛ لأنها وصلت إلى كيثيريا، وقبروجينيس لأنها ولدت في قبرص، ومحبة الأعضاء الذكرية؛ لأنها خلقت من عضو الذكر، وسار إروس (إله الحب) برفقتها، وقام الشوق الجميل يتبعها ساعة ميلادها في بادئ الأمر، وعندما أخذت تشق طريقها وسط جمع الآلهة.
هكذا حدثنا هسيود عن مولد «فينوس» التي هي أفروديت عند الإغريق.
كان ل «فينوس» هذا الشرف منذ البداية، واختصت بذلك النصيب بين البشر والآلهة الخالدين - همسات العذارى الفاتنات وابتساماتهن الخلابة، وأخاديعهن المتقنة. أضف إلى ذلك الانشراح الحلو، والحب والرحمة.
تفنن الأغارقة والرومان فيما خلعوه على «فينوس»، المولودة من زبد البحر ومن عضو ذكر أبيها، فلم يكتفوا بأن جعلوها ربة الحب ومسراته، والزواج وملذاته، مع القدرة على هدم وقتل الحب في قلوب البشر، بل جعلوها أيضا ربة الجمال التي تهب البشر جمال الجسد وفتنته، وسبي العقل، وربة الإخصاب بسائر ألوانه، بما في ذلك إخصاب الخضراوات والحيوانات.
كانت الزهور مقدسة ل «فينوس»، وكذا الآس والزيزفون والتفاح والخشخاش والرمان والعرعر.
وكانت «فينوس» لا تفضل من الحيوانات غير البجعة والدلفين والعصفور الدوري والحمامة والسنونو والأرنب والكبش والسلحفاة.
अज्ञात पृष्ठ
وكانت حوريات البحر يقمن بخدمتها وتعليمها في مغاراتها.
ولقد كانت نظرة الرومان ل «فينوس» صورة مطابقة لنظرة الإغريق لأفروديت، بيد أنها كانت عند الرومان بمثابة ربة القوى والطبيعة المنتجة، وربة الكياسة والازدهار، وحليفة البستاني. وعلى أية حال كانوا يصورونها في هيكل جليل ذي رداء.
أما «فينوس» مدينة بومبي، فكانت تصور بتاج على رأسها، وفي يدها غصن الزيتون، وصولجان تستند عليه بيدها اليسرى، يجاورها ابنها المجنح، غير أنها كانت تصور أحيانا مدثرة، تحمل رمحا في يدها اليسرى، وخوذة في يدها اليمنى، وبجوارها درع. كما كانت تصور جالسة تحمل «كيوبيد» في يدها الممتدة.
ولقد بلغ اهتمام الحكام الرومان ب «فينوس» أن حابى «سولا» عبادتها تحت لقب «فينوس فيليكس»؛ أي «فينوس» جالبة الحظ السعيد.
كما بجلها بومبي ك «فينوس فيكتريكس»؛ أي «فينوس» جالبة النصر.
وجعلها يوليوس قيصر ذائعة الصيت ك «فينوس جينيتريكس »، جدة عائلته والشعب الروماني.
وازدهرت عبادتها في عهد الإمبراطورية بواسطة البيت الجولياني.
وفيما بعد كرمها الإمبراطور هادريان؛ فبنى معبدا عظيما مزدوج الشكل ل «فينوس» وروما.
ولقد عبدت «فينوس» أيضا على أنها «فينوس فيرتيكورديا»؛ أي تلك التي تحول القلب حتى تحفظ نساء روما من الخلود.
وكانت الفتيات الرومانيات إذا تزوجن يكرسن دماهن إلى «فينوس».
अज्ञात पृष्ठ
وكانت العادة المتبعة أن يوضع قبر الفتاة الصغيرة تحت حماية «فينوس»، وأن يزين أحيانا بتمثال لها.
أحبت «فينوس» كما يحب البشر، وهام قلبها بالحب والغرام، وتدلهت بالعشق والهيام، حتى صار يضرب المثل بغرامياتها، وعشقياتها.
وقد طلب آلهة كثيرون الزواج منها فرفضت، ثم طلب زوس كبير الآلهة، وملك الأرباب والبشر أن يتزوجها فرفضت بإباء وشمم رفضا باتا؛ فعز على كبير الآلهة أن ترفضه «فينوس» التي أسرت قلوب الجميع بجمالها ورشاقتها، وحلو حديثها ورقتها، وطلاوتها وبهجتها، فصمم على الانتقام منها.
انتقم زوس من «فينوس»، انتقاما ينم عن الحقد الكامن والغيظ المتلهب، فزوجها من «رب النار» ذي الوجه القبيح المشوه.
ولكن «فينوس» أحبت «رب الحرب والكرب والضرب»، وتملك حبه من شغاف قلبها، واستولى على فؤادها ولبها؛ فألحق بها هذا الحب العار والفضيحة، بعد أن كشف سره زوجها المسكين «هيفايستوس» رب النار، والحداد الماهر، الدميم الخلقة، المشوه الأعضاء.
راحت «فينوس» بعد ذلك تنتقل من حب إلى حب، ومن أحضان إلى أحضان. فأحبت من الآلهة من أحبت، واشتهت من البشر من اشتهت.
هامت بحب «أدونيس» الفتى الصياد الجميل القسمات، العريض المنكبين، الأدعج العينين، بعد أن أقنعته بترك الصيد من أجلها.
كذلك أحبت «أنخيسيس» الراعي، واشتبكت من أجله ومن أجل حبه في نضال مستمر مرير مع ملكة الآلهة، حتى يحقق حبيبها حظه في الحياة، بأن يؤسس الإمبراطورية الرومانية.
كان يلذ ل «فينوس» حب جميع الرجال ولا سيما الشباب منهم، المفتولو العضلات، الأقوياء الأجسام، ذوو الوجوه الباسمة الجميلة، والرقة الأخاذة.
وهناك قصص لا تعد ولا تحصى عن الكيفية التي كانت تساعد بها من يحظى بحبها، ويتذوق حلو غرامها، وكذلك المآسي التي سببها نشاطها. ورغم كل ذلك، اعتبرت «فينوس» مثال الأنوثة الكاملة التي يمشي في ركابها كل ما يمثل الحب والضحك والكياسة والرقة واللطافة.
अज्ञात पृष्ठ
أنجبت «فينوس» صبيا يسميه الرومان «كيوبيد» أو «أمور»، فكان الرفيق الدائم الصحبة لأمه، واعتبر إله الحب الذي يمثل مبدأ الاتفاق والاتحاد في بناء العالم ومخلوقاته.
ظل «كيوبيد» هذا طيلة حياته طفلا يملؤه المرح والحزن، ولكنه مع ذلك كان لا يعرف الرحمة، قاسي القلب، تصعب مقاومته، ليس لسلطانه حد على الآلهة وعلى البشر سواء بسواء.
صوره الإغريق والرومان مسلحا بقوس وجعبة مملوءة بالسهام، وشعلة كي يتمكن من أن يطعن أو يشعل قلوب ضحاياه.
وكانت له أجنحة ذهبية تساعده على سرعة الحركة، كما دفعته عيونه التي لا تبصر إلى أعمال تهورية لا تحمد عقباها.
كان «كيوبيد» شريكا لأخيه إله الحب المتبادل، وشريكا لإله الشوق وإله الشهرة، وربة الإقناع، وربات الفنون.
وهناك قصص يخطئها الحصر عن نشاط «كيوبيد» وإيقاظه الحب في قلوب الآلهة والبشر، تارة بدافع من نفسه، وتارة بإيعاز من والدته «فينوس».
فمثلا، عندما نصحه رب الشمس مازحا أن يترك سهامه إلى الأبطال، أصاب رب الشمس بسهم جعله يندفع اندفاعا نحو دافني ابنة إله أحد الأنهار، في حين أنه رمى دافني بسهم آخر جعلها تنفر منه نفور الحمر المستنفرة من القسورة.
ولم تنج «فينوس» نفسها من سهام «كيوبيد»، فقد حدث لها أثناء لعبه معها أن جرحت بسهم من سهامه فوقعت في غرام أدونيس. وكذلك «كيوبيد» نفسه لم يكن بمنجاة من سهامه؛ فذات مرة جرحه أحدها، فخر صريع الهوى الذي أقض مضجعه، ولقي فيه شتى ألوان العذاب.
الباب الثاني
الحب في الميزان
अज्ञात पृष्ठ
نتحدث كثيرا عن الحب في حين أننا لا نعرف عنه شيئا، ولا يشارك المحب شعوره إلا من ذاق مرارة الهوى وحلاوته، وجرب ويلاته ولذاته.
ما الحب إلا شرك تنصبه الطبيعة للبشر؛ فلذا يجب على المرء أن يراعي جانب الاعتدال في الحب، فإن العاطفة العنيفة لا تدوم، والإسراف في الحب أقرب إلى الحماقة.
ولو نظرنا إلى العالم مليا لألفينا أنه لا شيء يدير عجلة الكون غير الحب؛ لأننا في الواقع نحيا في هذا العالم عندما نحب، ولولا الحب ما عرف الخالق.
فالحب إذن كلمة جميلة مغرية، محبوبة إلى السمع؛ فهو الذي يمنحنا في الأرض ما نطمح إليه في السماء.
إنه كلمة قصيرة مسلية، وكما يحتاج العقل إلى التجربة، والقرابة إلى المودة، كذلك يحتاج الحب إلى الأدب.
وقد يكون الحب بلسما للجراح.
وقد يكون مصدرا لأعمق الجراح.
ومع ذلك فالخلاص من الحب إحدى معجزات الكون.
فالحب عظيم .. وقد لا يعظمه شيء آخر.
وهو تافه .. لا يدانيه شيء في تفاهته.
अज्ञात पृष्ठ
والحب حياة عند بعض الناس، وهو ممات عند معظم الناس.
والحب دواء قد يبتلى به المرء، فيئن ويتوجع.
وهو دواء قد يتجرعه الإنسان فيثمل ويترنح.
والحب إحدى صور الإيمان المقدسة.
وقد يكون أحد مظاهر الكفران المدنسة.
والحب قطرة غيث صافية، تنزل بالتربة الطيبة؛ فتثمر الرحمة والشفقة والبر والإحسان.
الحب طوفان قد يحطم كل شيء أمامه.
وهو أيضا سلام قد يرمم كل شيء في طريقه.
ففي الحب لطافة النسيم العليل، وقوة العاصفة الهوجاء.
والحب وردة جميلة، إن تعهدتها صغيرة نمت وأينعت وأنجبت السعادة والسلام.
अज्ञात पृष्ठ
الحب مملكة من السهل أن تسوسها لو أوتيت الحكمة والرزانة والروية.
قد يكون الحب نعمة إن راعيت فيه اللين، وقد يكون نقمة لو تعسفت فيه.
وهو كالقتال لا يخلو من الكر والفر .. للحبيب فيه أن يتدلل، وعلى المحب أن يتذلل، وفي ذلك قال عمر بن أبي ربيعة:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد
وشفت أنفسنا مما نجد
واستبدت مرة واحدة
إنما العاجز من لا يستبد
بيد أن الحب ليس بمادة، بل هو شعور، فقد توجد مادة ولا يوجد حب .. ولكن لو وجد الشعور فلا بد من حب.
والحب شرارة تلمع في القلب فتضيء ظلمته. كما أنه قد يهذب كثيرا من أخلاق الشاب، وخاصة إذا كان المحبوب راقيا مهذبا.
إنه كالنور كلما زدته ضياء زادك احتراما. وقل أن يعيش فتى لم يملك الحب فؤاده وجوارحه وعواطفه يوما ما.
अज्ञात पृष्ठ
فالحب هو اختلاج القلب، ووجوده يبعث الأمل، وزواله يورث الألم.
بيد أن الحب المقيم بالتفكير العميق الكثير، قد يقلب نعيم دنياك جحيما لا يطاق.
ولا شك أنه من الخير أن تحب بعقل وروية، ولو أنه من الممتع أحيانا أن تحب بجنون. •••
لا ريب في أن الكلام عن الحب لذيذ كطعم الحب نفسه، بيد أن الكلام عن الحب شيء، والوقوع فيه شيء آخر. ومن ذاقوا الحب يجاهرون بأن ألذ أنواعه أكثرها ألما وتبريحا. قد يكون هذا صحيحا، وربما يكون العكس هو الصحيح؛ فالحب يبدأ باختيار الإنسان، غير أنه ليس له يد في نهايته. إنه علاقة بين سيد وعبد، فالسيد يريد أن يكون عبدا، والعبد يرغب في أن يصبح سيدا.
تتباين آراء الناس وتتعدد في الحب، فلكل فرد نظرته الخاصة، تكيفها بيئته وميوله واستعداده، وتهذبها ثقافته وتعليمه ومدى تمسكه بدينه. ومهما تعددت آراء الناس واختلفت في الحب، فكلها لا تنكر أهميته، وتعترف بالدور الهام الذي يلعبه في كل قلب، وما أكثر القلوب!
ولكن لم نعير الحب كل هذا الاهتمام البالغ؟
دعنا الآن نسأل ما هو الحب؟ هل هو قوة؟ وإن كان كذلك، فهل هو قوة أقوى من الحياة والموت، وأعلى من السماء وأعمق من البحر كما يقول البعض؟ أم هل الحب احترام؟ وعندئذ فلا سبيل إلى مزجه بالخوف. وهل لنا أن نأخذ برأي فرجيل الشاعر حين يقول:
الحب يقهر كل شيء ... إذن فلنرضخ للحب.
يبدو أننا سنضطر إلى موافقة فرجيل في رأيه، فقد أجمعت الآراء على أن الحب قوة، تتضاءل إزاءها كل قوة.
شبه «ماسفيلد» الحب بالنار فقال: «الحب كاللهيب المستعر المتقد، يحرق العزيمة .. ولا يتركها إلا رمادا لا حياة فيه.»
अज्ञात पृष्ठ
غير أن هناك من يرى أن الفيضانات تعجز عن إطفاء أوار الحب! «إن المياه الغزيرة لا تستطيع أن تطفئ ظمأ الحب، كما أن الفيضان لا يقدر أن يغرقه.»
أما «برتون»، فلكي يدلل على قوة الحب يقول: «لكي تستطيع فهم مدى قوة الحب ووضوح نوره، ضع شمعة تحت ضوء الشمس.»
ويحدثنا «بيكنسفيلد» عن الحب وقوته فيقول: «إن كل حياتنا، بما فيها من ضرورات وعادات، لتتلاشى أمام الحب. إن الطعام والنوم اللذين - في الظاهر - يتقاسمان كياننا كما يتقاسم الليل والنهار الزمان فيما بينهما، يفقدان تأثيرهما على العاشق الولهان. المحب كائن روحاني يصلح فقط أن يعيش على طعام الآلهة الذي يحفظ المرء شابا كل أيام حياته، وأن ينام في فردوس يصوره له الخيال. لا تمسه هموم الحياة، ولا تكون أكثر حوادثها اضطرابا وشغبا في نظره سوى حوادث الأيام المنصرمة، وتكون كل ثروة العالم من غير حبيبة بؤسا، وفي وجود المعشوقة تصبح جميع مصائب الدهر حلما زائلا. إن الثورات والزلازل وانقلاب الحكومات وسقوط الإمبراطوريات ليست في نظر العاشق غير ألعاب صبيانية تشمئز منها نفس الرجل الشهم. إن الرجال ليعشقون في زمن الطاعون وينسون الوباء وخطره، ولو أنه يفتك بالعباد حولهم؛ لأنهم يعيشون في حياة مسحورة، كلها غبطة وسرور، ولا يفكرون في الفناء حتى يمس معبودهم، وحينئذ يموتون دون أن يتجرعوا كأس المنون وغمراته، كما يموت المتعصبون من أجل دينهم المضطهد.»
ولبيكنسفيلد هذا برهان آخر على قوة الحب فيذكر: «يؤثر تهكم الناس أكثر مما يؤثر تضرع الأب، ودمعة الأم قد لا تصادف غير الاستخفاف، أما زفرة الحبيبة فقد أحدثت تغييرا عظيما حتى في أشد الناس عنادا.»
أما قوة الحب فيعبر عنها «مارتن» في قوله الموجز: «الحب .. يا له من مجلد في كلمة! وأوقيانوس في دمعة، وسماء سابعة في نظرة، وعاصفة في زفرة، وألف عام في لحظة.»
وعن الحب يقول ابن حزم الذي عرف الدنيا وخبر الناس: «لقد وطئت بساط الخلفاء، وشاهدت محاضر الملوك، فما رأيت هيبة تعدل هيبة محب لمحبوبه، ورأيت تمكن المتغلبين على الرؤساء وتحكم الوزراء وانبساط مديري الدول، فما رأيت أشد تبجحا ولا أعظم سرورا بما هو فيه من محب أيقن أن قلب محبوبه عنده، ووثق بميله إليه، وصحت مودته له. وحضرت مقام المعتذرين بين أيدي السلاطين، ومواقف المتهمين بعظيم الذنوب، والمتمردين الطاغين، فما رأيت أذل من موقف محب هيمان بين يدي محبوب غضبان، قد غمره السخط، وغلب عليه الجفاء ، ولقد امتحنت الأمرين وكنت في الحال الأول أشد من الحديد، وأنفذ من السيف، لا أجيب إلى الدنية، ولا أساعد على الخضوع، وفي الثانية أذل من الرداء، وألين من القطن، أبادر إلى أقصى غايات التذلل لو نفع، وأغتنم فرصة الخضوع لو نجع، وأتحلل بلساني وأغوص على دقائق المعاني ببياني، وأفنن القول فنونا، وأتصدى لكل ما يوجب الترضي.»
لا جدال إذن في أن الحب كما يقول جبران خليل جبران: «عزم يلازم كياننا، ويصل حاضرنا بماضي الأجيال ومستقبلها، وأنه قوة تبتدع قلوبنا، وقلوبنا لا تقدر أن تبتدعها.»
ولا سبيل إلى نكران قوة الحب؛ إذ رأينا كيف أنه يشجع على إتيان الأعمال العظيمة، ويرقي قوة طبيعتنا المبدعة.
لقد نجح قليل من عظماء العالم ونبغوا، ولكنهم لم يعترفوا بالفوائد الجمة التي استفادوها في فاتحة حياتهم العملية من روح المرأة وعطفها.
فكم من منصب رسمي في الوزارة لم يكن في المقدور الوصول إليه لولا روح المرأة الواثقة، وحبها القوي.
अज्ञात पृष्ठ
وكم من محام كاد يقتله اليأس ويهلكه الاكتئاب، قد سبق الأمراء في المنصب محمولا إلى الأمام على نسيم حب الحبيبة المشجع، ومسترشدا بنور ابتسامتها الحلوة الدالة على النبوة.
إن صديقة محبة ذكية مخلصة، لمقتنى أكثر قيمة من أجمل الحدائق وأعظم القصور.
ومن ثم فإذا قلنا «الحب» يجب أن يتبادر إلى الذهن معنى «الحب الحقيقي» ومعناه «الحق والقوة والجمال» ذلك هو الحب.
فحبنا الحق تقديس لله، وفي غرامنا بالقوة عبادة للخالق، وفي هيامنا بالجمال تسبيح للرب.
ولعل هذا سبب قول أوسكار وايلد: «في مقدوري أن أقاوم كل شيء إلا الحب.»
قلما يتسلط الحب على الجبان؛ لأن الجبان دائما يتردد والحب جريء.
ويقول ميخائيل نعيمة في هذا الصدد قولين صريحين، آية في الروعة والجمال، وغاية في الدقة والإتقان.
أما كلمته الأولى فهي: «الحب سيد مطلق، لا يطيق فوق سيادته سيادة؛ فهو يقود ولا يقاد، ويسوق ولا يساق، ويأمر ولا يأتمر. ولأنه سيد الزمان والمكان نراه إذا احتل قلبا ولو لحظة أو لحظات قصيرات جعله أفسح من الأرض والسماء، وأعتق من الأزل، وأفتى من الأبد. هو الطريق والدليل. وهو الغاية والواسطة، والبداية والنهاية.»
وهاك كلمته الثانية: «لو جندنا كل ما في الإنسان من ذكاء وعبقرية ودهاء، لما استطعنا أن نخلق من القرد غزالا، أما الحب إذا ما تربع في القلب وبث أنفاسه في نياطه وشغافه، استطاع في أقل من طرفة عين أن يعبث بالناس وتقاليدهم، وبالطبيعة وسننها على هواه؛ فالعليل يبرأ، والقبيح يجمل، والضعيف يقوى، والقصي يدنو، والخشن ينعم، والقاسي يلين، والمحدود يغدو بغير حدود. وإذا الأبدية لمحة واللمحة أبدية، وإذا الفضاء بكل ما فيه سرير دافئ وثير. فالزمان والمكان كلاهما عبد طيع للحب ومطية ذلول.»
هذا هو الحب في نظر ميخائيل نعيمة. إنه قوة مطلقة مجردة من كل ضعف .. تسود ولا تساد .. وتفني ولا تفنى .. بل وتجعل الأسود أبيض، والأبيض أسود.
अज्ञात पृष्ठ
ومع هذا فإن «فاجنر» يذكر الحب مقرونا بالضعف، ولكن بضعفنا نحن، لا بضعف الحب نفسه، ولذلك يقول: «الحب ضعف فطري، ورثناه عن الإنسان الأول.»
والحب في نظر فريق من الناس نزاع لا بد فيه من غالب ومغلوب .. إنه حرب .. والحرب قوة وخدعة كما نعرف.
يرى نابليون أن «الانتصار في الحب هو الفرار منه.» ويشاركه «بترارك» في رأيه هذا إذ يقول: «في معركة الحب، الفرار انتصار!»
ولكي يدلل «قاسم أمين» على قوة الحب، نراه يشبه الحب بالنار فيقول: «أكثر الناس لا يفهمون من الحب إلا أنه تمتع يشبه أكلة لذيذة، وإذا حضرت أكلوها هنيئا، وإذا غابت استعاضوها بغيرها. والحقيقة أنه إحساس عميق يستولي على النفس كلها ويجعلها محتاجة إلى الاختلاط بنفس أخرى احتياجا ضروريا كاحتياج العليل إلى الشمس، والغريق إلى الهواء. نار تلهب القلب لا يطفيها البعد ولا يبردها القرب، بل يزيدها اشتعالا. ومرض يقاسي فيه العاشق عذابا يظهر باحتقان في مخه، وخفقان في قلبه، واضطراب في أعصابه، واختلال في نظام حياته. يظهر في الأخص في الأكل وفي النوم وفي الشغل، ويجعله غير صالح لشيء سوى أنه يقضي أوقاته شاخصا إلى صورة محبوبته مستغرقا في عبادتها، ذاكرا أوصافها وحركاتها وإشاراتها وكلماتها. نظرة في عيون محبوبته، تملأ قلبه فرحا وتجعله يتخيل أنه ماش في طريق مفروش بالورد، أو راكب سحابة وطائر في المرتفعات العالية. في هذه اللحظة يكون سعيدا أسعد من أكبر ملوك الأرض، فإذا انقضت عاد إلى ما كان فيه من العذاب والألم.»
وتجرنا كلمات قاسم أمين الأخيرة إلى الحديث عن الحب وما فيه من سعادة وألم، وما يتضمنه من حلاوة ومرارة، وما يحويه من شهد وحنظل.
قال الشاعر:
سلني عن الحب يا من ليس يعلمه
ما أطيب الحب لولا أنه نكد
طمعان حلو ومر ليس يعدله
في حلق ذائقه مر ولا شهد
अज्ञात पृष्ठ
وقال آخر:
سلني عن الحب يا من ليس يعلمه
عندي من الحب إن ساءلتني خبر
إني امرؤ بالهوى ما زلت مشتهرا
لاقيت فيه الذي لم يلقه بشر
الحب أوله عذب مذاقته
لكن آخره التنغيص والكدر
وقال ثالث:
يا أيها الرجل المعذب بالهوى
إني بأحوال الهوى لعليم
अज्ञात पृष्ठ