فالقرآن إذن هو الدواء الذي تناوله هؤلاء فتغيروا هذا التغيير: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس/٥٧].
إنه السر الأعظم والمعجزة الكبرى التي اختص الله بها هذه الأمة: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ [الرعد/٣١].
وجواب الشرط هنا محذوف تقديره " لكان هذا القرآن ".
المربي:
ومع القرآن وقدرته الفذة والعجيبة في التأثير والتغيير كان المربي العظيم ﷺ هو الذي يشرف على عملية التغيير ويتابعها ويوجهها: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [إبراهيم/١].
إذن فالحل الذي نريده ينطلق من محورين: المنهج وهو القرآن، والمربي وهو الذي يتعهد عملية التغيير.
قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى/٥٢].
وحول هذين المحورين يدور الحديث في الصفحات القادمة.
هذا القرآن
قال تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر/٢١].
لو تأملنا هذه الآية بدون اسم الإشارة (هذا) لوجدناها تؤدي نفس المعنى، ولكن وجود هذه الكلمة أعطى للرسالة التي تحملها هذه الآية آفاقا ودلالات جديدة منها:
1 / 39