٥ - وقال أبو تمام:
فلاذت بحقويه الخلافة والتقت ... على خدرها أرماحه ومناصله
أتته معدًا قد أتاها كأنها ... ولا شك كانت قبل ذاك تراسله فالبيت الأول جيد بالغ، والبيت الثاني في غاية السخف والرداءة لأنه جعل الخلافة قد أتته وجعله قد أتاها، وكان ينبغي أن يقتصر على إتيانه إياها أو إتيانها إياه وهو أجود، فأما أن يجمع بين الحالين فما وجهه؟ وكان ينبغي أن يعلمنا لما توجه كل واحد إلى صاحبه: أين التقيا؟ أفي منتصف الطريق؟ وقصد هذا الرجل الأغراب في الألفاظ والمعاني، ومن هاهنا فسد أكثر شعره (١) .
وشبيه بهذه التأثرية في الذوق، نوع من العناد في الرأي، فإذا استثنيت أشخاصًا يحترم الآمدي آراءهم كأبن الجراح وأبن المعتز وبعض العلماء الآخرين، تجد الآمدي لا يطيق رأيًا سابقًا، بل يثيره هذا الرأي إلى المخالفة والمعارضة. ومن حسن حظ أبي تمام أن يكون قد عاب معنى من معانيه ناقد سابق، ليجيء الآمدي فيدافع عما عابه غيره، إلا أن هذا ليس كثيرًا في الكتاب.
الأركان النقدية في كتاب الموازنة
بعد ذلك كله يمكن أن نقول إن كتاب الموازنة يعتمد على ثلاثة أركان نقدية كبرى وهي:
١ - الكشف عن السرقات: فقد عد لأبي تمام ١٢٠ بيتًا أخذ معانيها عن الشعراء، ثم ناقش أبن أبي طاهر في ما عده من سرقات أبي تمام فصحح له ٣١ بيتًا أيده في أنها مسروقة، ورد مما عده أبن أبي طاهر خمسة عشر بيتًا فكأن كل ما
(١) الموازنة ٢: ٣٣٢.