भारत गांधी के बाद: विश्व के सबसे बड़े लोकतंत्र का इतिहास
الهند ما بعد غاندي: تاريخ أكبر ديمقراطية في العالم
शैलियों
بحلول شهر نوفمبر لعام 1946، كان أكثر من 5 آلاف شخص قد راحوا ضحية أحداث الشغب؛ إذ كما ورد في إحدى المذكرات العسكرية: «أحداث كلكتا انتقم منها في نواخالي، وأحداث نواخالي في بيهار، وأحداث بيهار في جارموك تشوار، وأحداث جارموك تشوار في ...»
12
في نهاية عام 1946 كانت إحدى المقاطعات التي أفلتت من الشغب هي مقاطعة البنجاب؛ فقد تولى الاتحاديون حكمها، وهم ائتلاف من ملاك الأراضي المسلمين والهندوس والسيخ، الذين أبقوا على سلام متقلب؛ إذ وقف أمامهم أعضاء العصبة الإسلامية المتشددين من جهة، وأعضاء الحزب السياسي السيخي أكالي دال، الذين لا يقلون عنهم تشددا من جهة أخرى. وبدءا من شهر يناير، اندلعت نوبات عنف متقطعة في مدن البنجاب، وتسارعت وتيرة تلك النوبات بعد الأسبوع الأول من شهر مارس عندما أطيح بالاتحاديين. بحلول شهر مايو، كان مركز العنف قد تحول بلا ريب من شرق الهند إلى شمالها الغربي؛ فقد أفاد بيان مقدم إلى مجلس اللوردات بأن 4014 شخصا قتلوا في أحداث الشغب التي وقعت في الهند بين 18 نوفمبر 1946 و18 مايو 1947، منهم 3024 قتل في البنجاب وحدها.
13
وقد كان ثمة أوجه تشابه ملحوظة بين البنغال والبنجاب، المقاطعتين الرئيسيتين في أحداث عامي 1946 و1947؛ فكلاهما تميز بأغلبية مسلمة؛ ومن ثم طالبت بهما باكستان، ولكن كليهما تضمن كذلك ملايين الهندوس. وما حدث كان أن قسمت المقاطعتان؛ حيث آلت المناطق ذات الأغلبية المسلمة إلى باكستان الشرقية أو الغربية، بينما آلت المناطق التي غلبت عليها الطوائف الدينية الأخرى إلى الهند.
إلا أنه كان ثمة اختلافات جوهرية بين المقاطعتين المذكورتين أيضا؛ فالبنغال كان لها تاريخ طويل من صراع كان داميا في كثير من الأحيان بين الهندوس والمسلمين، يرجع إلى العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر على أقل تقدير. وفي المقابل، تعايشت مختلف الطوائف في البنجاب في سلام إلى حد ما، فلم تنشأ صدامات ذات بال بشأن قضايا دينية قبل عام 1947. وفي البنغال، سعت قطاعات كبيرة من الطبقة الوسطى الهندوسية إلى التقسيم بحماس، فقد كانوا على أتم استعداد لهجر المناطق ذات الأغلبية المسلمة، والاستقرار في عاصمة المقاطعة أو في المناطق المحيطة بها. ولعقود من الزمان، أخذ أصحاب المهن من الهندوس ينزحون إلى الغرب، بصحبة ملاك الأراضي الذين باعوا أراضيهم واستثمروا عوائدها في عقارات أو تجارة في كلكتا. وعلى النقيض منهم، كان أكثر الجماعة السكانية الهندوسية الكبيرة في البنجاب من التجار والمقرضين وثيقي الصلة بطوائف الفلاحين، فلم يكونوا مستعدين للانتقال إلى مكان آخر، وظلوا آملين حتى النهاية في تفادي التقسيم بصورة أو بأخرى.
يتمثل الاختلاف الأخير - والأكثر دلالة - في تواجد السيخ في البنجاب؛ وهم العنصر الثالث في الصراع. كان ذلك العنصر الثالث غائبا في البنغال؛ حيث دارت المعركة بين الهندوس والمسلمين فحسب. وعلى غرار المسلمين، كان السيخ يؤمنون بكتاب واحد، وإله واحد لا صورة له، وكانوا جماعة عقائدية مترابطة، إلا أنه من الناحية الاجتماعية، كان السيخ أقرب إلى الهندوس؛ فقد نشأت بينهم علاقة تزاوج وتزاور، وعانوا مثلهم الاضطهاد على يد المغول.
فلو اضطر السيخ للاختيار، لكانوا انحازوا إلى صف الهندوس، ولكنهم لم يرغبوا مطلقا في الاختيار؛ فقد كان ثمة جماعات كبيرة من المزارعين السيخ على جانبي المقاطعة. وفي مطلع القرن العشرين، طلب البريطانيون من السيخ المقيمين في البنجاب الشرقية أن يستوطنوا مناطق في الغرب، كانت قد زودت حديثا بشبكات ري؛ ففي غضون بضعة قرون كان السيخ قد بنوا مستوطنات مزدهرة في «مستعمرات القنوات» تلك، فلماذا يتركونها الآن؟ وكانت مدينتهم المقدسة - أمريتسار - في الشرق، ولكن نانكانا صاحب (مسقط رأس مؤسس ديانتهم) كانت في الغرب، فلم لا تتاح لهم حرية الوصول إلى المكانين؟
خلافا لهندوس البنغال، تأخر سيخ البنجاب في استيعاب معنى التقسيم وحقيقته؛ فقد أصروا بعند في البداية على البقاء في محلهم، ثم إنهم - إذ ارتفع احتمال التقسيم - طالبوا بإقامة دولة مستقلة لهم، كانوا سيطلقون عليها «خالستان». لم يأخذ أحد ذلك المطلب على محمل الجد، لا الهندوس ولا المسلمون ولا البريطانيون قطعا.
أشار المؤرخ روبن جيفري إلى أن السيخ - حتى أغسطس 1947 على الأقل - كانوا «مغبونين أكثر منهم آثمين»؛ فقد «تخلى عنهم البريطانيون، وتحملهم المؤتمر الوطني كرها، وسخرت منهم العصبة الإسلامية، والأدهى من ذلك كله أنهم أحبطتهم إخفاقات قيادتهم السياسية ذاتها».
अज्ञात पृष्ठ