पश्चिम की बुद्धि
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
शैलियों
إلى جانب الأسئلة السابقة، هناك الأسئلة الأخلاقية عن الخير والشر؛ فهل ثمة طريق صائب وخير للحياة، وآخر باطل، أم أن الطريقة التي نحيا بها محايدة بين الخير والشر؟ أهناك شيء يمكننا أن نسميه حكمة، أم أن ما يبدو حكمة إنما هو جنون محض؟
هذه كلها أسئلة محيرة، ومن المحال أن يبت فيها المرء بإجراء تجارب في معمل، كما أن أصحاب التكوين الذهني المستقل لا يقبلون أن يرتدوا إلى ما يقوله أولئك الذي يوزعون النبوءات الشاملة يمينا ويسارا. مثل هذه الأسئلة هي التي يقدم إلينا تاريخ الفلسفة ما يمكن تقديمه من إجابات عنها.
وهكذا فإننا حين ندرس هذا الموضوع الصعب، نعرف ما فكر فيه الآخرون في أزمنة أخرى عن هذه الأمور، فيؤدي بنا ذلك إلى فهم أفضل لهؤلاء الناس؛ إذ إن طريقتهم في معالجة الفلسفة كانت مظهرا هاما من مظاهر أسلوب حياتهم، وقد يؤدي بنا ذلك آخر الأمر إلى أن يبين لنا كيف نظل نحيا على الرغم من أننا لا نعرف إلا القليل.
الفصل الأول
«قبل سقراط»
تبدأ الفلسفة حين يطرح المرء سؤالا عاما، وعلى النحو ذاته يبدأ العلم. ولقد كان أول شعب أبدى هذا النوع من حب الاستطلاع هو اليونانيون؛ فالفلسفة والعلم - كما نعرفهما - اختراعان يونانيان. والواقع أن ظهور الحضارة اليونانية، التي أنتجت هذا النشاط العقلي العارم، إنما هو واحد من أروع أحداث التاريخ، وهو حدث لم يظهر له نظير قبله ولا بعده؛ ففي فترة قصيرة لا تزيد عن قرنين، فاضت العبقرية اليونانية في ميادين الفن والأدب والفلسفة بسيل لا ينقطع من الروائع التي أصبحت منذ ذلك الحين مقياسا عاما للحضارة الغربية.
إن الفلسفة والعلم يبدآن بطاليس الملطي
Thales of Miletus
في أوائل القرن السادس قبل الميلاد، ولكن على أي نحو سارت الأحداث قبل ذلك، حتى تهيئ لهذا الظهور المناجي للعبقرية اليونانية؟ سنحاول، بقدر استطاعتنا، أن نهتدي إلى إجابة عن هذا السؤال. وسوف نستعين بعلم الآثار، الذي خطا خطوات عملاقة منذ بداية هذا القرن، من أجل جمع شتات الصورة التي تكشف لنا، إلى حد معقول، عن الطريقة التي وصل بها العالم اليوناني إلى ما هو عليه.
إن الحضارة اليونانية حضارة متأخرة بالقياس إلى حضارات العالم الأخرى؛ إذ سبقتها حضارتا مصر وبلاد ما بين النهرين بعدة ألوف من السنين. ولقد نما هذان المجتمعان الزراعيان على ضفاف أنهار كبرى، وكان يحكمهما ملوك مؤلهون، وأرستقراطية عسكرية، وطبقة قوية من الكهنة كانت تشرف على المذاهب الدينية المعقدة التي كانت تعترف بآلهة متعددين. أما السواد الأعظم من السكان، فكانوا يزرعون الأرض بالسخرة.
अज्ञात पृष्ठ