पश्चिम की बुद्धि
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
शैलियों
أما شخصية دنز سكوتس
Duns Scotus (حوالي 1270-1308م) فلها أهمية فلسفية أكبر. وقد كان أسكتلنديا كما يوحي اسمه، وعضوا في الطريقة الفرنسسكانية. وقد درس في أكسفورد حيث أصبح معلما وهو في الثالثة والعشرين من عمره. وفيما بعد قام بالتدريس في باريس وكولونيا، ومات في هذه الأخيرة. وعلى يد دنز سكوتس أصبح الانشقاق بين العقل والإيمان أشد وضوحا. وعلى حين أن هذا ينطوي من جهة على تضييق لمجال العقل، فإنه يضمن الحرية والاستقلال الإلهيين كاملين. إذ لا يعود اللاهوت الذي يختص بما يمكن أن يقال عن الله علما عقليا، بل يغدو مجموعة من المعتقدات المفيدة المستلهمة من الوحي. وبهذه الروح رفض سكوتس أدلة توما على وجود الله، على أساس أنها ترتكز على التجربة الحسية. وبالمثل رفض أدلة أوغسطين؛ لأنها تعتمد إلى حد ما على النور الإلهي، ولما كان البرهان والحجة ينتميان إلى الفلسفة، وكان كل من اللاهوت والفلسفة يستبعد الآخر، فإنه لا يستطيع أن يقبل أدلة أوغسطين. ومن جهة أخرى فإنه لم يكن يرفض الدليل العقلي المبني على فكرة الموجود الذي لا علة له، على طريقة ابن سينا. والواقع أن هذا كان في حقيقته تحويرا لبرهان أنسلم الأنطولوجي، غير أن معرفة الله لا تكون ممكنة عن طريق الأشياء المخلوقة التي لا يكون لها إلا وجود عارض، والتي تعتمد على الإرادة الإلهية، فالحقيقة هي أن وجود الأشياء هو ذاته ماهيتها. ولعلنا نذكر أن هذا التوحيد بين الوجود والماهية تستخدم عند الأكويني في تعريف الله. فالمعرفة إنما تكون بالماهيات، ومن ثم فإن هذه الماهيات تختلف عن الأفكار الموجودة في العقل الإلهي، ما دمنا لا نستطيع أن نعرف الله. ولما كانت الماهية والوجود متوحدين، فإن ما يجعل كل فرد على ما هو عليه، لا يمكن أن يكون هو المادة، بل ينبغي أن يكون هو الصورة، وذلك على عكس ما قال الأكويني. وعلى الرغم من أن الصور عند دنز سكوتس جوهرية، فإنه لا يقول بواقعية أفلاطونية كاملة، فمن الممكن أن تكون هناك صورة متنوعة في الفرد الواحد، غير أن هذه لا تتميز إلا بطريقة صورية، بحيث يستحيل القول بوجودها على نحو مستقل.
وكما أن القدرة العليا إنما تكمن في الإرادة الإلهية، فكذلك يرى دنز أن الإرادة في الإنسان هي التي تحكم العقل. وتضمن قوة الإرادة للبشر حريتهم، على حين أن العقل يتقيد بالموضوع الذي يبحثه، ويترتب على ذلك أن الإرادة لا تستطيع أن تحيط إلا بما هو متناه، ما دام وجود كائن لا متناه أمرا ضروريا، ومن ثم فهو يلغي الحرية. والواقع أن فكرة الحرية في مقابل الضرورة إنما تتمشى مع تراث أوغسطين. وقد أصبحت في أيدي الباحثين الفرنسسكان أداة قوية للشك؛ ذلك لأنه إذا كان الله غير مقيد بالقوانين الأزلية للعالم، فعندئذ قد يكون من الممكن الشك فيما نعتقده بشأنه أيضا.
وفي أعمال وليام الأوكامي
William of Occam
وهو أعظم علماء الفرنسسكان، نجد مذهبا تجريبيا أشد تطرفا حتى من هذا. وقد ولد في بلدة أوكام من مقاطعة سري
Swrrey
في وقت ما بين عامي 1280م و1300م، ودرس وعلم في أكسفورد، ثم في باريس. ولما كانت آراؤه قد خرجت إلى حد ما عن حرفية العقيدة، فقد صدر إليه الأمر في عام 1324م بالمثول أمام البابا في أفينيون. وبعد أربع سنوات نشب خلاف آخر بينه وبين البابا يوحنا الثاني والعشرين.
ولقد كان البابا يصب جام غضبه على «الروحانيين
Spirituals »، وهم طائفة متطرفة متفرعة عن طريقة الفرنسسكان، كانت تأخذ العهد الذي قطعته على نفسها بالزهد والفقر مأخذ الجد. وكان قد نفذ منذ بعض الوقت اتفاق يتضمن حلا وسطا، يحتفظ البابا بموجبه بالملكية الصورية لممتلكات طائفة الفرنسسكان، غير أن هذا الاتفاق قد انتهك في الوقت الذي نتحدث عنه، وتحدى بعض الأعضاء السلطة البابوية. وكان أوكام ومارسيليو
अज्ञात पृष्ठ