فأجدني أميل إلى اعتبارها فكرة مصرية؛ حيث إن لروح النيل - حابي أو أوجيجا - قدرة إيصال الغريب بلده أو شاطئه الآمن كما حدث مع أوزيريس، وحسن المغني في بالاد حسن ونعيمة،
10
وهو ما يخالف تفسير فريزر في أن «طرح الطفل في الماء إثر ولادته لإثبات شرعية بنوة الطفل أو عدم شرعيته، فإذا طفا الطفل فإنه يكون ابنا شرعيا وإلا فإنه يكون ابن زنا».
وفي بعض البالاد التي جمعتها من مصر الوسطى، ما إن نزلت آسيا زوجة فرعون الثمانين سلمة الموصلة إلى النهر، ووجدت الصندوق الذي بداخله الطفل موسى حتى:
بشرت بالماء وقالت: من أنت؟ من أنت؟ من أنت؟
فهمس موسى في أذنها قائلا: «أنا صاحب الحفلة اللي تعلمي بيها.
لا يخفيك شورى ولا قولي ... أنا موسى.»
وهنا تتخذ السيدة آسيا مكان الأم بالنسبة لموسى منذ أن انتزع من صدر أمه، وأحيل بينه وبين لبنها.
وهي جزئية ترد بكثرة وصاحبت مولد الآلهة والأبطال: روميلوس، وزيوس الكريتي، وليولياو، وإبراهيم الخليل، وسميراميس.
ففي كل الحالات ينتزع الطفل من أمه، وغالبا ما تأخذ مكان الأم عيلة أو سرب من الحمام أو راع، ثم حالتنا مع السيدة الإلهة آسيا، فهي المرحلة التي يجتازها الطفل البطل القدري بادئا بالتخلي عن الأم، والتي يفسرها فريزر بقتل الأم، مرورا إلى القدسية أو البطركية، تبعا لشعائر الانتقال الأخرى المصاحبة لنمو الطفل، وهو الاصطلاح الذي أرساه للمرة الأولى أرنولد فان جنب، مشيرا إلى «الشعائر المصاحبة لكل تغيير مصاحب للبطل في المكان أو المكانة أو الوضع الاجتماعي أو العمر»، مثل ما صاحب موسى من أطوار، بدءا ببطن أمه وكيف كان يختبئ من وضع لآخر، تبعا لتفتيش أيدي جند فرعون - ونمرود في حالة سالفه إبراهيم - ثم انتزاعه من صدرها والحيلولة بينه وبين لبنها، إلى التعميد بالماء، وقصر فرعون، وقواه النامية كبطل مدهش في صراعه مع فرعون، لحين هروبه إلى سيناء للحصول على الشارة أو الطوطم السلفي وهي العصا، ومخاطبة الرب، والعودة لفرعون، ثم اللعنات أو الضربات العشر التي ألحقها موسى وأخوه الكاهن هارون بفرعون وطبقته من الكفرة وجنوده، وليس المصريين كما تشير وتجمع المصادر الدينية من عبرية وعربية، بالإضافة طبعا إلى الإسلامية.
अज्ञात पृष्ठ