وأجد في مجتمع الليل فرصة للكشف عن موهبتي الصوتية، كما يجد فيه قلبي الصغير نشوته في حضرة البهاء الأنثوي، ويصبح الغناء هوايتي، وسماع أسطوانات المهدية قرة عيني، أما أغنيات الجبل فينشدها قلبي وحنجرتي معا.
وتقول جارتنا لأمي ذات يوم: الولد له صوت جميل.
فتقول أمي بسرور: حقا؟ - لا يجوز إهماله! - فليغن كيف شاء، فهو أفضل من العفرتة. - ألا تودين أن يكون ابنك مطربا؟
فتؤخذ أمي ولا تجيب، فتواصل الجارة: ما له سي أنور وسي عبد اللطيف؟ - إني أحلم أن أراه يوما موظفا مثل أبيه وإخوته. - المغني يربح أكثر من مصلحة حكومية.
وأصغي باهتمام وأنا جالس على حجر الجارة مزهوا بالدفء والمجد. •••
ولا تدوم أيام السعادة والفن طويلا، فذات يوم أرى أمي تهز رأسها بأسف وتتمتم: يا للخسارة!
فأسألها عما يؤسفها، فتقول: جيراننا الطيبون راحلون إلى بر الشام.
ينقبض قلبي بالرغم من أنني لا أحيط بأبعاد الخسارة وأسأل: أهو بعيد؟
فتجيب بحزن: أبعد مما نستطيع أن نبلغه.
أود من صميم قلبي أن أغير الواقع، أن أرجع الزمن إلى أمس، ولكن كيف؟
अज्ञात पृष्ठ