हिकाया वा मा फिहा
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
शैलियों
لماذا الحبكة؟
تلعب الحبكة في روايتك دور المغوي، الذي يأخذ بيد القارئ ويغوص به في أعماق وطبقات حكايتك وعالمك من نقطة إلى التي تليها. عنصر الغموض والإخفاء والإظهار في حبكتك سيجعله يتساءل من وقت إلى آخر: «وماذا حدث بعد ذلك؟» لكن إشباع الفضول - بحسب فورستر - ليس بالطموح الكافي للرواية الجيدة، بل عليك أن تجعله أيضا يتساءل: «لماذا؟ وكيف؟» وأن يستعمل ذاكرته وذكاءه في محاولته الوقوف على التركيب الكلي لحبكتك، لكي يستشعر تلك الدهشة الكلية مع سطور النهاية؛ دهشة الوقوف أمام نموذج للجمال لم يتخذ شكله النهائي إلا مع السطور الأخيرة.
الشخصية والحبكة على قدم وساق
قال الروائي إف سكوت فيتزجيرالد، كاتب الرواية الرائعة «جاتسبي العظيم»: «إن الشخصية هي الحبكة، والحبكة هي الشخصية.» وسيتفق معه كثير من الكتاب في هذا الرأي؛ لأن كل حلقة من حلقات سلسلة الحبكة هي تطور آخر يطرأ على تكوين شخصيتك؛ عقبة جديدة تتجاوزها، كشف مغاير تواجهه. وهكذا، فقبل أن تستغرق في تضفير جديلة حبكتك، يجب أن تكون ملما - ولو بقدر ما - بطبيعة شخصيتك الأساسية، ومن الأفضل أن تعمل عليهما معا بالتوازي؛ أي تطوير الحبكة ورسم ملامح الشخصية، وأن تكون أيضا قد حددت نوعية الصراع الذي ستخوضه شخصيتك: هل هو صراع داخلي مع قيمها وأفكارها الخاصة؟ أم مع قوى خارجية؛ أشخاص آخرين أو مؤسسات مجتمعية أو حتى قوى تنتمي للطبيعة أو الغيب؟ إن شكل ذلك الصراع، وتطوره، ونتيجته، تحدد معا صورة حبكتك، التي قد يلخصها البعض في محاولات البطل للتغلب على المصاعب لتحقيق هدفه، والتغيرات التي تطرأ عليه في إطار هذا المسعى. لكن الأمور لا تكون عادة بهذه الدرجة من البساطة واليسر إلا في أفلام هوليوود التجارية.
اترك الزمام
قبل الوقفة التالية مع الحبكة من منظور آخر، أنصت الآن لما يهمس لك به الإنجليزي راي برادبري، صاحب رواية «451 فهرنهايت» عن الحبكة:
تذكر: الحبكة ليست أكثر من آثار أقدام تركت على الجليد بعد أن ركضت شخصياتك في طريقها نحو غاياتها غير المعقولة. تلاحظ الحبكة بعد ملاحظة الحقيقة وليس قبلها؛ لا يمكن لها أن تستبق الفعل؛ إنها الخط البياني الذي يتبقى بعد إتمام أحد الأفعال أو الأحداث. هذا ما ينبغي أن تكون عليه الحبكة تماما؛ إنها الرغبة الإنسانية في الانطلاق والركض ومحاولة بلوغ هدف ما. لا يمكن لها أن تكون ميكانيكية، بل حيوية وفعالة فقط؛ لهذا، تنح أنت جانبا، وانس ما تستهدفه، واترك الزمام لشخصياتك، لأصابعك، لجسدك، لدمك، لقلبك.
الوجه الآخر للحبكة
ولو شربة ماء
في تعريف الحبكة - بصيغتها التقليدية - أشرنا أن سلسلة الأحداث المترابطة لا بد وأن تتعلق بشخصية ... ولنتوقف عند هذا العنصر الهام من التعريف لوهلة، قبل أن نتناول مسألة رسم الشخصية تفصيلا فيما بعد. من زاوية الحبكة، لا بد أن تكون شخصيتك ترغب في شيء ما، تسعى إلى تحقيقه، عظيما كان هذا الشيء أم تافها؛ فهذا هو المحرك الأساسي لسلسلة الأحداث، وبحسب تعبير مرح للقاص والروائي الأمريكي كورت فونيجت، فإنه «حتى الشخصيات المتعثرة في عبثية الحياة المعاصرة ما زالت بحاجة إلى شرب كوب ماء من وقت لآخر.» قد يكون صراع شخصيتك - أو بالأحرى أزمتها - له طبيعة نفسية وداخلية أكثر منها اجتماعية وخارجية، ولكن يرى البعض أنه لا بد من انعكاس هذا الصراع خارجيا؛ أن يكون مرئيا وملموسا في حركة وحدث وحوارات؛ أي في سلسلة الحبكة المتصلة الحلقات.
अज्ञात पृष्ठ