[ذكره عليه السلام عداوة أهل مكة والمدينة لأهل البيت عليهم
السلام وتحذيره أبنائه من سكانها]
واعلموا يابني أنكم لو لم تعتزلوا المدن في هذا الزمان والقرى، إلا لغلبة عداوتكم وعداوة آبائكم على سكان المدن وما هم عليه جميعا من مخالفتكم ومخالفة أسلافكم في الرأي والتدبير، ولا أعلم في أهل المدن كلهم أشد لكم بغضا ومقتا وعداوة من أهل قصبة المدينة ومكة، ففيهم أصل عداوتكم وبغضائكم، وأهلها الذين علموا أهل الآفاق التدين بخلاف دينكم وآرائكم، ولا تسكنوا في هذا الزمان قصبة المدينة ولا مكة، وعليكم ما بقيتم بسكنى ما حول المدينة من البادية، والمجاورة في بوادي الحجاز من أهل الكفاف والعفاف من العرب في البوادي، ولا تختلطوا ولا تجاورا من العرب أهل اللصوصية والفتنة، ولا تكثروا دخول مكة والمدينة إلا لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو لحج بيت الله الحرام، أو لأخذ حاجة تحتاجون إليها من الأسواق أو لفتنة هائجة مخوفة غالبة تخافون معها انقطاع الميرة والطعام، فإن كان عندكم ذخيرة، وكانت عندكم بلغة ونفقة وميرة، ففي البادية من الأودية والجبال والفروع والمحال في شواهق الجبال ما يعزكم عند كل فتنة إن شاء الله تعالى.
وكذلك فلا تسكنوا مدن العراق ولا مدينة الكوفة فإنهم قد صاروا إلى غاية العداوة والنفاق، وليس لكم بلد ولا لأولادكم أتقى من بوادي الحجاز تولاكم الله بالتوفيق والرشاد في الدين والدنيا وسكنى البلاد.
पृष्ठ 87