فهو سبحانه أولى وأحق بنا من الآباء والأمهات؛ لأنه الصانع لنا المصور المنعم علينا بجميع النعم الظاهرات والخفيات.
فأين وإلى أين المعدل عن إعظامه وإجلاله وشكره، فياويل لمن غفل عن اتباع ما أمر، والانتهاء عما نهى، فنهانا عما لا يرضاه، وأمرنا بأداء ما يرضيه فلهى، ساهيا عما يحق ويحب من تسبيحه، وخشيته وذكره.
فعليكم يابني أبدا ما بقيتم، وما بلغته قوتكم وما استطعتم باستشعار حبه، والكلف بذكره في باطن ضمائركم، وخوفه ورهبته في علانيتكم وخفي سرائركم، وأن يكون حياؤكم منه أكثر من حيائكم من أمهاتكم وآبائكم، ومحبتكم له أعظم أضعافا لا يؤتى على عددها من محبتكم لأولادكم وأحبابكم.
فمن ذا وأين ذا الذي هو أولى بكم ومن جميع الخلق بالتقوى والطاعة، والمودة والحب من الله الإله البر الرؤوف الرب الكريم، الذي يحتمل منا مالا يحتمله أباؤنا البررة، ويحلم عنا مع وجوب عظيم حقه علينا فيما نفرط فيه من طاعته وإغفالنا ذكره، ولولا فضله وحلمه ورأفته وكرمه، لما حلم عنا ولا أخرنا طرفة عين، إذ خالفناه وعصيناه فيما عنه نهانا وبه أمرنا.
पृष्ठ 35