हिदायत रघिबीन
هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين
शैलियों
فنقول: أما مالك بن أنس؛ فإنه لا يشق غباره في ضبط الأخبار وتمييز صحيحها، ومعرفة قويها من ضعيفها، وكان شديد الاحتراز في الرواية والتصون في النقل وحصر وقائع الصحابة رضي الله عنهم، ولا يدرك آثاره في انتقاد الرواة ومعرفة أحوالهم، وهو أول من عني في جمع الأحاديث وضبطها في كتابه (الموطأ).
وكان كثير التعظيم للعلم، شديد الورع، خلا أنه استرسل في القول بالاستصلاح حتى أدى ذلك إلى إهدار الدماء، وإتلاف الأموال لمصالح إياليه، وانتهى حاله إلى تقرير أمور منوطة بالسياسة، حتى آل نظره في ذلك إلى أن قال: (أقتل ثلث الأمة في استصلاح ثلثيها).
وهذا بعد في الخطأ؛ فإنا نعلم بالضرورة من حال الصدر الأول انكفافهم عن مثل هذا وتصونهم عن الفتوى بمثل هذا، ويعلم من حالهم أنهم لا يتجاسرون على إراقة كف من دم إلا بحقها.
وأما الشافعي محمد بن إدريس، فنظره لا يجارى، وفضله لا يبارى في تقرير أصول الأدلة وتنزيلها منازلها وترتيبها على أحسن هيئة ، وفي ذلك دلالة على سعة علمه وتبحره في علوم الشريعة مع حدة نظره وجودة ذكائه، ويشهد بفضله مسائله التي أنشأها، وعلله التي قررها واستنبطها، ولقد كان عمره يقصر عن إحراز مثل فضله، فاخترم وقد نيف على الخمسين.
पृष्ठ 140