263

हिदायत रघिबीन

هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين

وكم مقام هائل قد قامه .... لو قامه الفيل لسار القهقرى وله أشعار كثيرة يذكر فيها حاله وقتاله؛ وهي موجودة في كتاب سيرة أبيه الهادي عليه السلام، وكان أخذ أسيرا في بعض الحروب فأقام مدة في الاعتقال، وكتب إلى أبيه عليهما السلام هذه الأبيات يصبره عن فقده: [الوافر]

أمير المؤمنين تعز عني .... ولا تحفل ببعدي واغترابي

وهبني كنت في القتلى صريعا .... بأطراف الأسنة والضراب

وقم لله مجتهدا مجدا .... فمثلك لا يعلم بالصواب

وكيف وأنت أفضل من عليها .... وأبصر بالعلوم وبالكتاب

ومن نظر في أحوال المرتضى عليه السلام وسعة علمه مع قصر عمره، فإنه بلغ في العمر اثنتين وثلاثين سنة، وتوفي أبوه عليه السلام وتقلد الأمر بعده مديدة يسيرة، واعتزل وتخلى للعبادة والعلم، وألقى الأمر إلى أخيه الناصر لدين الله أحمد بن يحيى عليهما السلام؛ فإذا نظرت في مدة عمر المرتضى، وما نشر فيها من العلوم الكثيرة والتصانيف الوسيعة والردود البديعة؛ لكانت حرية بأن يكون صاحبها عاش عمرا طويلا ودهرا كثيرا.

هذا مع اشتغاله بالجهاد، ومباشرته في زمان والده عليه السلام للحروب، وحبسه مدة من الزمان، ومقاساته لأصناف نوائب الحدثان، واشتغاله أيام انتصابه للأمر بأحكام الإمامة وأحوال الرعية، وهذا من فضل الله الذي يخص به من يشاء؛ أن يبلغ في العلم ذلك المبلغ من مني بهذه الأشغال، وكان أجله من أقصر الآجال.

पृष्ठ 307