हिदायत हयारा
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
संपादक
محمد أحمد الحاج
प्रकाशक
دار القلم- دار الشامية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
प्रकाशक स्थान
جدة - السعودية
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَصَلَ إِلَيْنَا، وَهَذَا مِمَّا عُلِمَ بِالِاضْطِرَادِ. فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْبِشَارَةَ بِنُبُوَّتِهِ ﷺ لَيْسَتْ فِي الْكُتُبِ الْمَوْجُودَةِ بِأَيْدِيكُمْ، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ لَا يَكُونَ غَيْرُهُ بَشَّرَ بِهِ، وَلَمْ يَنْفَكَّ، وَيُمْكِنْ أَنْ يَكُونَ فِي كُتُبٍ غَيْرِ هَذِهِ الْمَشْهُورَةِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَكُمْ، فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَ كُلِّ أُمَّةٍ كُتُبٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا بَعْضُ خَاصَّتِهِمْ، فَضْلًا عَنْ جَمِيعِ عَامَّتِهِمْ، وَيُمَكِّنُ أَنَّهُ كَانَ فِي بَعْضِهَا فَأُزِيلَ مِنْهُ وَبُدِّلَ، وَنُسِخَتِ النُّسَخُ مِنْ هَذِهِ الَّتِي قَدْ بُدِّلَتْ وَاشْتَهَرَتْ، بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ غَيْرُهَا، وَاخْتَفَى أَمْرُ تِلْكَ النُّسَخِ الْأُولَى، وَهَذَا كُلُّهُ مُمْكِنٌ، لَا سِيَّمَا مِنَ الْأُمَّةِ الَّتِي تَوَاطَأَتْ عَلَى تَبْدِيلِ دِينِ نَبِيِّهَا وَشَرِيعَتِهِ، هَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْبِشَارَةِ بِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِهِمْ أَصْلًا. وَنَحْنُ قَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْبِشَارَاتِ بِهِ فِي كُتُبِهِمْ مَا لَا يُمْكِنُ مِنْهُمْ جَحْدُهُ وَالْمُكَابَرَةُ فِيهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُمُ الْمُغَالَطَةُ بِالتَّأْوِيلِ عِنْدَ رَعَاعِهِمْ وَجُهَّالِهِمْ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ قَدْ قَابَلَ الْيَهُودَ وَوَافَقَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهُ وَنَعْتَهُ وَصِفَتَهُ فِي كُتُبِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَدْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، وَخَيْرُهُمْ وَابْنُ خَيْرِهِمْ، فَلَمْ يَضُرَّ قَوْلَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ شَرُّهُمْ وَابْنُ شَرِّهِمْ، وَجَاهِلُهُمْ وَابْنُ جَاهِلِهِمْ، كَمَا إِذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ شَاهِدٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَعَدَّلَهُ وَقَالَ: إِنَّهُ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ عَدْلٌ رَضِيٌّ لَا يَشْهَدُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ عَلَيَّ، فَلَمَّا أَدَّى الشَّهَادَةَ قَالَ: إِنَّهُ كَاذِبٌ شَاهِدُ زُورٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ. وَأَمَّا كَعْبُ الْأَحْبَارِ فَقَدْ مَلَأَ الدُّنْيَا مِنَ الْأَخْبَارِ بِمَا فِي النُّبُوَّاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنَ الْبِشَارَةِ بِهِ، وَصَرَّحَ بِهَا بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، وَأَذَّنَ بِهَا عَلَى رُءُوسِ الْمَلَأِ، وَصَدَّقَهُ مُسْلِمُو أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَيْهَا، وَأَخْبَرُوهُ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ أَوْسَعُهُمْ عِلْمًا فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ يَمْتَحِنُونَ مَا يَنْقُلُهُ وَيُزِنُونَهُ بِمَا يَعْرِفُونَ صِحَّتَهُ فَيَعْلَمُونَ صِدْقَهُ، وَشَهِدُوا
2 / 434