فَنَقُولُ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَهِيَ: قَوْلُ السَّائِلِ: قَدِ اشْتُهِرَ عِنْدَكُمْ بِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ مَا مَنَعَهُمْ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا الرِّئَاسَةُ وَالْمَأْكَلَةُ لَا غَيْرَ، فَكَلَامُ جَاهِلٍ بِمَا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَبِمَا عِنْدَ الْكُفَّارِ، أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَمْ يَقُولُوا: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ أَهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا الرِّئَاسَةُ وَالْمَأْكَلَةُ لَا غَيْرَ، وَإِنْ قَالَ هَذَا بَعْضُ عَوَامِّهِمْ فَلَا يَلْزَمُ جَمَاعَتَهُمْ، وَالْمُمْتَنِعُونَ مِنَ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَغَيْرِهِمْ جُزْءٌ يَسِيرٌ جِدًّا بِالْإِضَافَةِ إِلَى الدَّاخِلِينَ فِيهِ مِنْهُمْ، بَلْ أَكْثَرُ الْأُمَمِ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ طَوْعًا وَرَغْبَةً وَاخْتِيَارًا لَا كَرْهًا وَاضْطِرَارًا.
وَإِنَّ اللَّهَ ﷾ بَعْثَ مُحَمَّدًا ﷺ رَسُولًا إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَهُمْ خَمْسَةُ أَصْنَافٍ قَدْ طَبَقُوا الْأَرْضَ: يَهُودُ، وَنَصَارَى، وَمَجُوسٌ، وَصَابِئُونَ، وَمُشْرِكُونَ.
وَهَذِهِ الْأَصْنَافُ هِيَ الَّتِي كَانَتْ قَدِ اسْتَوْلَتْ عَلَى الدُّنْيَا مِنْ مَشَارِقِهَا إِلَى مَغَارِبِهَا.
1 / 235