हिदायत हयारा
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
अन्वेषक
محمد أحمد الحاج
प्रकाशक
دار القلم- دار الشامية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
प्रकाशक स्थान
جدة - السعودية
शैलियों
दर्शनशास्त्र और धर्म
فِي مَشْرِقِ الْأَرْضِ وَمَغْرِبِهَا أَعْظَمَ مِمَّا ظَهَرَ بِالْكِتَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، كَمَا يَظْهَرُ نُورُ الشَّمْسِ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا إِذَا اسْتَعْلَتْ وَتَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ، وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى سِرَاجًا مُنِيرًا، وَسَمَّى الشَّمْسَ سِرَاجًا وَهَّاجًا، وَالْخَلْقُ يَحْتَاجُونَ إِلَى السِّرَاجِ الْمُنِيرِ أَعْظَمَ مِنْ حَاجَتِهِمْ إِلَى السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، فَإِنَّ هَذَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، وَأَمَّا السِّرَاجُ الْمُنِيرُ فَيَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَعَلَانِيَةً.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ ﷾ هَذِهِ الْأَمَاكِنَ الثَّلَاثَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ الَّتِي بُعِثَ مِنْهَا الْمَسِيحُ، وَأُنْزِلَ فِيهَا الْإِنْجِيلُ وَطُورِ سِينِينَ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى ﵊ تَكْلِيمًا، وَنَادَاهُ مِنْ وَادِيهِ الْأَيْمَنِ مِنَ الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ فِي الشَّجَرَةِ الَّتِي فِيهِ، وَأَقْسَمَ بِـ الْبَلَدِ الْأَمِينِ وَهُوَ مَكَّةُ، الَّتِي أَسْكَنَ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ وَأُمَّهُ فِيهِ وَهُوَ فَارَانُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَمَّا كَانَ مَا فِي التَّوْرَاةِ خَبَرًا عَنْ ذَلِكَ أَخْبَرَ بِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ الزَّمَانِيِّ، فَقَدَّمَ الْأَسْبَقَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ بِهِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا، وَإِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَآيَاتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، فَأَقْسَمَ بِهَا عَلَى وَجْهِ التَّدْرِيجِ دَرَجَةً بَعْدَ دَرَجَةٍ، فَبَدَأَ بِالْعَالِي، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى أَعْلَى مِنْهُ، ثُمَّ أَعْلَى مِنْهُ، فَإِنَّ أَشْرَفَ الْكُتُبِ الْقُرْآنُ، ثُمَّ التَّوْرَاةُ، ثُمَّ الْإِنْجِيلُ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ الثَّلَاثَةُ.
(فَصْلٌ): وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ تَأَمَّلَ التَّوْرَاةَ وَجَدَهَا نَاطِقَةً بِهِ صَرِيحًا فِيهِ، فَإِنَّ فِيهَا " وَغَدَا إِبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ الْغُلَامَ وَأَخَذَ خُبْزًا وَسِقَاءً مِنْ مَاءٍ
2 / 347