Hidayat al-Ruwat - with the Takhrij of Mishkat by Al-Albani
هداية الرواة - مع تخريج المشكاة الثاني للألباني
अन्वेषक
علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي [ت ١٤٤٢ هـ]
प्रकाशक
دار ابن القيِّم للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
प्रकाशक स्थान
دار ابن عفان للنشر والتوزيع
शैलियों
هداية الرُّواة
إلى
تخريج أحاديث
المصابيح والمشكاة
تصنيف
الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
المتوفى سنة (٨٥٢) ﵀
وبحاشيته
النقد الصريح لما انتُقد من أحاديث المصابيح للإمام العلائي
والأجوبة على أحاديث المصابيح للحافظ ابن حجر
تخريج العلّامة المحدث
محمد ناصر الدين الألباني
﵀
تحقيق
علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي
المجلد الأول
دار ابن القيِّم
دار ابن عفَّان
1 / 1
جميع الحُقوق محفوُظة
الطبعة الأولى
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
دار ابن القيم للنشر والتوزيع
هَاتف: ٨٢٧٤٥٤٥ - فاكس: ٨٠٥٦٥٥٤
الدمَّام - مدينة العمال - ص. ب: ٢٠٧٤٥
الرمز البريدي: ٣١٩٥١ بريد الخبر
دار ابن عفان
للنشر والتوزيع
القاهرة - ١١ ش درب الأتراك - الأزهر - خلف الجامع الأزهر
الجيزة- ت: ٣٢٥٥٨٢٠ - ص. ب: ٨ بين السرايات
هاتف محمُول: ٠١٠١٥٨٣٦٢٦
جمهورية مصر العربية
E.mail: ebnaffan@hotmail.com
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
إِنَّ الْحَمْدَ لله؛ نَحْمَدُهُ، وَنسْتَعِينهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعوذُ بالله مِنْ شُرورِ أَنْفِسِنا، وَمِنْ سَيِّئاتِ أَعْمالِنا؛ مَنْ يَهْدِهُ الله فلا مُضِل لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاّ الله -وَحْدَه لا شَرِيكَ لَهُ-.
وَأَشْهَدُ أَن؛ مُحمدًا عَبْدُة وَرَسولهُ.
أَمّا بَعْدُ:
فإن كِتَابَنا هَذا -بِحَمْدِ الله- مِنْ أَجَلِّ كُتُبِ السُّنةِ الْجَوامِع؛ الّتي حَوَتْ بَيْنَ دَفتَيْها بضْعَةَ آلافٍ مِنْ نُصُوصِ حَدِيثِ رَسُولِ الله ﷺ قَولِيَّةً وَفِعْلِيةً-؛ بالإضافَةِ إلى مِئاتِ الْمَرْوِيّاتِ السلَفِيةِ، وَالنقولِ الأَثَرِيَّةِ عَنِ الصَّحابَةِ وَالتّابِعِين.
وَلَقَدْ خَرجَ مُؤَلِّفنا الْكَبيرُ -الْحافِط ابْنُ حَجَرٍ الْعَسقَلانِيُّ -رَحمَةُ الله عَلَيْهِ- في هَذِا الْكِتابِ أَحادِيثَ كِتَابَيْنِ جَلِيلَيْنِ؛ أَحَدُهُما مُتَمِّمٌ للآخَرِ:
الأَوَّلُ: "مَصابِيحُ السُّنَّةِ"، للإمامِ الْحُسَينِ بْنِ مَسْعُودٍ الْبَغَوِيِّ، الْمتَوَفّى سَنَةَ (٥١٦ هـ) ﵀.
1 / 3
وَهوَ مَطْبُوعٌ عِدَّةَ طَبَعاتٍ، أَجْوَدها الطَّبْعَةُ الّتي قامَ عَلَى تَحْقِيقِها الأَخُ الدّكتور يُوسف عبد الرّحمن الْمَرعشلي (^١) -وَرَفِيقاه- وَفقَهمُ الله-، وَنشِرَتْ في دَارِ المَعْرِفَةِ- بَيْروت، سَنَةَ (١٤٠٧ هـ)، وَوَقَعت في أَربعَةِ مُجَلّدات.
الثّانِي: "مِشْكاةُ الْمَصابِيح" (^٢)، للإمامِ مُحَمّد بْنِ عَبْدِ الله الْخَطِيبِ التَّبْرِيزِيّ، الْمتَوَفَّى سَنَةَ (٧٤١ هـ) ﵀.
وهُوَ مطبوعٌ -أيضًا- عدةَ طبعاتٍ، أَجودُها الطبعةُ الّتي كانَ قد حقَّقها وخرَّجَ أَحاديثَها شيخنا العلامةُ الإمام أبو عبدِ الرحمنِ محمَّد ناصر الدين الألبانيُّ -المتوفّى سنةَ (١٤٢٠ هـ) -تغمّده الله برحمتهِ-، وطُبِعَتْ طبْعتُها الأُولى في المكتبِ الإِسلامي في دمشق (سنة ١٣٨١ هـ) في ثلاثةِ مجلدات.
ولَقَدْ كانَ عَمَلُ الحافظِ ابنِ حجَرٍ ﵀ موَجَّهًا إلى الجمع بيْنَ الكتَابَيْنِ، ودَمْجِ المادَّتَيْنِ، لِلْخروج بِكِتَابٍ جامعٍ لِفوائِدِهِما، مُغنٍ عَنْ كِلَيْهِما؛ فَكانَ لَهُ - رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ- ما أَرادَهُ، مُضِيفًا إلَيْهِ تَخرِيجاتِهِ الْمُخْتَصَرَةَ، النّافِعَةَ، الْمُفِيدَةَ.
_________
(^١) وَفي مُقَدِّمَتِهِ -جَزاهُ اللهُ خَيْرًا- (١/ ٦٣ - ٧٣) بَحْثٌ مُفِيدٌ حَوْلَ جُهودِ عُلَماءِ الْحَدِيثِ حَوْلَهُ- شَرْحًا وَتَخْرِيجًا-.
(^٢) وَفي مَجلةِ "الْجامِعَةِ السّلَفِيّة" الصّادِرةِ في الهنْدِ مُجَلّد: ١٠، عَدَد: ٥ - شَهر رَجَب، سَنَةَ (١٣٩٨ هـ)، بَحْث نافِعٌ للشيخ رَفيع أَحمد السّلَفي حَولَ جُهُودِ عُلَماءِ الهِنْدِ -خاصّةً- في شَرح هَذا الكِتَابِ، وَتَخْرِيجِهِ.
وَفي كِتَابِ "جُهود مُخْلِصَة في خِدْمَةِ السنةِ الْمُطَهرَة" (ص ٦٠ و١١٠ و١٣٨ و١٥٢ و١٥٦ و١٩٨ و٢٠٠ و٢١٣ و٢٢٩ و٣٢٥) لأخِينا الْكَبِيرِ الْفَاضلِ الشّيخ الدّكْتور عَبدِ الرّحِمَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبارِ الْفَريُوائِيِّ- نَفَعَ اللهُ بِهِ- إشاراتٌ غالِيَاتٌ حَولَ جُهودِ عُلَماءِ الْهِنْدِ -أَيضًا- حَولَ والمشكاةِ".
قُلْتُ: وَفي كِتَابِ "الثقافَةِ الإسْلامِيةِ في الْهِنْدِ" (ص ١٣٥) للشيخ عَبْدِ الْحَي الْحَسَنِي ﵀ إشارَةٌ إلى كَبِيرِ اهْتِمامِ علَماءِ الْهِنْدِ بـ "الْمَصابِيح"، وَ"المشكاةِ"؛ بَلْ إلى اقْتِصارِ جُهلهم عَلَيهِما، أوْ أَحَدِهِما!!
1 / 4
وَأَصْلُ كِتَابِنا هذا (^١) - "هِدايةُ الرّواة"- هو للصَّدْر المُنَاويّ (^٢) -شيخِ ابنِ حَجَر-، وقد تُوُفِّي الصَّدْرُ سنةَ (٧٤٨ هـ) -رحمَة الله-، واسم كتابهِ "كشف المناهج والتناقيح في تخريج أَحاديثِ المصابيح"، وهو مخطوطٌ، منه عدَّةُ نُسَخٍ في مكتباتِ العالم- كما في "تاريخ الأدب العَربي" (٦/ ٢٤٧) لكارل بروكِلْمان-.
وانظر -له- "كشْفَ الظنون" (١٧٠١) لحاجيّ خليفة، و"الرسالةَ المسْتَطْرَفة" (١٨٧) للكتّاني.
وقد أوردتُ -في (طلائع الكتاب) - الآتِيَةِ بَعْدُ- مقدِّمَتَه تامَّةً، مُحَقِّقًا إِيّاها عن نسخةٍ مصورَةٍ وصَلَتْني مِنْ بَعضِ إخواني طلبَةِ العلمٍ في بلاد الحَرَمَين الشريفَيْنِ -صانَها الله-؛ فجَزاهُ الله خيرًا.
وأَمّا نُسْخةُ "هداية الرواة" -المخطوطةُ-؛ فأصْلها في تركيّا، في المكتبة الحميديَّةِ برقم ٤١٠، وهي مكوَّنةٌ مِنْ (٢١٥) ورقة.
وقد تكرّم بتصويرِها لي فضيلةُ الأَخ الشّيخ عبدِ الله بنِ صالح العُبَيْلان -نَفَعَ الله به، وزادَه مِنْ فضْلِه-.
وَبَعْدُ:
فَلَقَدْ كانتْ بدايةُ العَمل العلْمِيِّ في هذا الكتَابِ قَبْلَ ما يَقْربُ مِن ثلاثِ سَنَواتٍ؛ حيثُ كنتُ قد عَرَضْتُ على شيخنا أبي عبدِ الرحمنِ محمدٍ ناصر الدين الأَلبانيِّ فِكْرَةَ تَحْقيقهِ وَنشْرِهِ؛ فوافقَ ذلكَ قَبولًا عِنْدَهُ، ورحَّبَ بِه، وَدَفَعَ إِليَّ ما عِنْدَه من تخريجاتٍ وتعليقاتٍ؛ لإلحاقها في مواضِعها من حواشي "الهداية"، فجزاهُ الله كلَّ خيرٍ وأكملَه.
_________
(^١) انْظُر كَلامَ السّخَاوِيِّ -تلميذِ المُصَنفِ- في "الجواهر والدرر" (٢/ ٦٦٧).
(^٢) وَهُوَ -بَداهَةً- غَير (عَبْدِ الرّؤُوفِ الْمُنَاوِيّ)؛ الْمُتَوَفّى سَنَةَ (١٠٢١ هـ)!
1 / 5
ولقد حالتْ ظروفُ مَرَضِ شيخِنا في السَّنَتَينِ الأخيرتَيْنِ -ثمّ وفاتِه- بعدُ ﵀ دونَ أنْ يكونَ مِنْه متابعةٌ حثيثةٌ -كما هو دأْبهُ وعادَتُه- لهذا العمَل؛ فاضطرّنا ذلك إلى (شيءٍ) مِنَ التأخير والتأخُّرِ … وَالْعُذْرُ عِنْدَ كِرامِ النّاسِ مَقْبُولُ.
ثم يشاءُ الله -تعالى- وَلَهُ الحمد على كلِّ حالٍ- أن لا يخْرُجَ هذا الكتابُ إلّا بعد وفَاتِه -تغمّدهُ الله برحمتهِ-.
وَقدِ اقتَصرَ عملُنا في هذا الكتَابِ على أمور:
أوّلًا: عَزْوُ الأحاديثِ إلى مواضِعها منْ كُتبِ السُّنةِ المطبوعَةِ، وذلك بوضْعِها بَيْنَ معكُوفيْن في مَتْنِ الكتاب (^١)؛ خَشيةَ إثقالِ الحواشي بمجرّدِ العَزْوِ والأَرقام.
ثانيًا: إيرادُ نُصوصِ الأحاديث بتمامِها من مَصْدَرَيِ الكتَابِ الأَساسييْنِ:
"المصابيحِ"، و"المشْكاة"، (^٢) فإنّ مؤلّفنا الحافظَ ﵀ قدِ اقتَصَرَ في إيرادِ نصوصِها على ما يدلُّ عليها -بشيء مِنَ الاختِصار -كمَا سيأتِي-.
ثالثًا: ضَبْطُ ما يُشكِلُ منَ الأَلفاظِ، والأَسمَاءِ، ونحوِها.
رابعًا: إيرادُ نُصُوصِ كَلامِ الحافظِ المؤلِّفِ ﵀ في كتابهِ "الأجْوِبةِ على أحاديثِ المصابيح"، وكلَامِ الحافِظِ العلائيِّ ﵀ في كتابِه "النقْدِ الصريح" كامِلَيْنِ، وَإثْباتُهُما في مواضعِهما مِنَ الكِتاب.
_________
(^١) وما كان خلْوًا من ذلك؛ فَبِسَبَبِ أنَّهُ لم يتيسّر لنا -لسببٍ أو آخرَ- الوقوفُ عَلَيهِ، فَنَظِرَة إلى ميْسَرة.
(^٢) وقد رقمنا أحاديث "الهداية" -وهو المحتوي على أحاديث الكتابين معًا- ترقيمًا تسلسليًا واحدًا، ثم جعلنا رقم "المصابيح" الأصليَّ في آخر أحاديثه -في الفصلين الأول والثاني-، وأمّا رقم "المشكاة" الأصليّ للفصل الثالث -فجعلناه أيضًا- في آخره أحاديثه.
1 / 6
خامِسًا: أَوْرَدْتُ مُقَدِّماتٍ عِلْمِيةً مفِيدَةً مُتَنَوِّعَةً، وَوَضَعْتُها -بتمَامِها -أيضًا- في (طلائع الكتاب).
سادسًا: صنعنا فهرسًا لأطراف الأحاديث النبوية -قولية وفعلية-، والآثار السلفية على نسق حروف الهجاء (^١).
سابعًا: جعلت تعليقاتي على الكتاب مختصرةً؛ وقد ذيلتها برمز حرف (ع).
وأمّا تعليقاتُ شيخِنا أبي عبدِ الرحمنِ ﵀؛ فَهِي المزَيِّنةُ للكتابِ، المعْظِمَةُ لفوائدهِ، والمُكثِّرة لبركاتهِ.
وخِتامًا: فَشُكْرُنا -كله- للهِ-تعالى- أولًا-؛ على ما وفَّقَنا إليه من إتمامِ العَمَل العلمِيِّ بهذا الكِتَابِ الجليلِ.
ثم؛ لِشَيخِنا الوالِد الإمامِ أبي عبدِ الرحمنِ -تغمّدهُ ربُّنا برحمتهِ- على ما أوْلانا إيّاه من ثِقَةٍ كريمةٍ للقيامِ بهذا العَمَلِ العلمِيِّ؛ فجزاهُ الله خيرًا- حيًّا، ومَيْتًا-.
ثم؛ لِكُلِّ مَنْ ساعَدَنا، وكان مَعَنا -فيه-؛ إعدادًا، وتهيئةً، ومُشاركةً، وتنضيدًا، (^٢) وتصحيحًا، ومُراجعهً.
ثم؛ لِنَاشرِهِ الفاضلِ الأَخ المكرَّمِ كمالِ الدينِ حُسين عويس -بارك الله فيهِ، ولَهُ، وسدّدَهُ بالحقِّ إلى الحقِّ- صاحِبِ (دار ابنِ عفّانَ للنشْرِ والتوزيع) - جزاءَ صَبْرهِ، وَبَذْلهِ، واهْتِمامهِ.
_________
(^١) مع التنبيه إلى اعتبار (ال) التعريف من ضمن حرف (الألف).
(^٢) وبخاصة الأخ المهندس محمَّد حسن شتات -وفقه الله- صاحب (مركز تقنيات الحاسوب والنشر الإلكتروني) على ما بذله من جهود مشكورة في فهرسة الكتاب، وتنضيده، وترتيبه، وتنسيقه. فجزاه الله خيرًا.
1 / 7
وأخيرًا:
هذا عملُنا بين أيديكُمْ -إخوانَنا، ومشايِخَنا-؛ لكُم غُنْمُهُ، وعَلَينا غُرْمُهُ، والله يغفِرُ لنا ما قدْ نكونُ قَصَّرْنا فيه، أو فرّطنا بهِ.
وكلُّنا أَملٌ بِدَعْوةٍ صالحةٍ، أو مُلاحظةٍ نافعةٍ، تُبْنَى علَى الرَّحْمَةِ، وتُؤَسَّسُ عَلَى الشفقة.
وصلى الله وسلّمَ وباركَ على نبينا محّمدٍ، وعلى آلهِ وصحْبِهِ وسلّمَ.
وآخرُ دَعْوانا أنِ الحمدُ للّهِ ربِّ العالَمين.
وكتب
عليُّ بْنُ حسنٍ الحلبيُّ الأثريُّ
-عفا الله عنه، بمنِّه-
الزرقاءُ الأُرْدُنيَّةُ
لأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ شَوّال، سَنَةَ (١٤٢١ هـ).
1 / 8
طَلائِعُ الْكِتابِ:
١ - مُقَدِّمَةُ الْخَطِيبِ التَّبْرِيزِيِّ عَلَى "مِشْكاةِ الْمَصابِيحِ".
٢ - مُقَدِّمَة صَدْرِ الدِّينِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى "كَشْفِ الْمَنَاهِجِ وَالتّناقِيح".
٣ - مُقدِّمَةُ مُحْيي السُّنةِ الْبَغَوِيِّ عَلَى "مَصابِيحِ السُّنَّةِ".
٤ - مُقَدِّمَةُ الْعَلائِيِّ عَلَى "النقْدِ الصَّرِيح".
٥ - مُقَدِّمَةُ ابْنِ حَجَرٍ عَلَى "أَجْوِبَةِ الْمَصابِيح".
٦ - دِراسَةٌ عامَّةٌ لِمَنهَجِ ابْنِ حَجَرٍ في كِتَابهِ "هِدايَة الرّواة".
٧ - مُوجَزُ تَرْجَمَةِ ابْنِ حَجَرٍ.
٨ - نماذج من صور مخطوطة "هداية الرواة".
٩ - نماذج من تخريجات وتعليقات العلامة الألباني -بخطه-.
1 / 9
مُقَدِّمَةُ
الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله الخَطِيبِ التِّبْرِيزِيِّ
لِكِتَابِهِ "مِشْكَاةُ المَصَابِيحِ"
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَبِهِ نَسْتَعِينُ
الحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُة وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرهُ وَنَعُوذُ بِالله مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمَنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِّلَ لَه، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إلَّا الله، شَهَادَةً تَكُونُ لِلنَّجَاةِ وَسِيلَة، وَلرَفْع الدَّرَجَاتِ كَفِيلَة.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الذِي بَعَثَهُ وَطُرُقُ الإِيمَانِ قَدْ عَفَتْ آثَارُهَا، وَخَبَتْ أَنْوَارُهَا، وَوَهَنَتْ أَرْكَانُهَا، وَجُهِلَ مَكَانُهَا، فَشَيَّدَ صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مِنْ مَعَالِمِهَا مَا عَفَا، وَشَفَى مِنَ العَلِيلِ في تَأْيِيدِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ مَنْ كَانَ عَلَى شَفَا، وَأَوْضَحَ سَبِيلَ الهِدَايَةِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْلُكَهَا، وَأَظْهَرَ كُنُوزَ السَّعَادَةِ لِمَنْ قَصَدَ أَنْ يَمْلِكَهَا.
أمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ التَّمَسُّكَ بِهَدْيِهِ لَا يَسْتَتِبُّ إلَّا بِالاقْتِفَاءِ لمَا صَدَرَ مِنْ مِشْكَاتِهِ، وَالاعْتِصَامَ بِحَبْلِ الله لَا يَتِمُّ إلَّا بِبَيَانِ كَشْفِهِ.
1 / 11
وَكَانَ كِتَابُ "المَصَابِيحِ" الَّذِي صَنَّفَهُ الإِمَامُ مُحِيِي السُّنَّةِ، قَامِعُ البِدْعَةِ، أبو مُحَمَّدٍ الحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الفَرَّاءُ البَغَوِيُّ رَفَعَ الله دَرَجَتَهُ أَجْمَعَ كِتَابٍ صُنِّفَ في بَابهِ، وَأَضْبَطَ لِشَوَارِدِ الأَحَادِيثِ وَأَوَابِدِهَا.
وَلَمَّا سَلَك ﵁ طَرِيقَ الاختِصَارِ، وَحذَفَ الأَسَانِيدَ؛ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ النُّقَّادِ، وَإنْ كَانَ نَقْلَهُ وَأنَّهُ مِنَ الثِّقَاتِ كَالإِسْنَادِ، لَكِنْ لَيْسَ مَا فِيهِ أَعْلَامٌ كَالأَغْفَالِ؛ فَاسْتَخَرْتُ الله تَعَالَى، وَاسْتَوْفَقْتُ مِنْهُ، فَأَعْلَمْتُ مَا أَغْفَلَهُ؛ فَأَوْدَعْتُ كُلَّ حَدِيثٍ مِنْهُ في مَقَرِّهِ كَمَا رَوَاهُ الأَئِمَّةُ المُتْقِنُون، وَالثِّقَاتُ الرَّاسِخُون، مِثْلُ أَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْن مُسْلِمِ بْنِ الحَجَّاجِ القُشَيْرِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الله مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الأَصْبَحِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيس الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الله أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ، وَأَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ السّجِسْتَانِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ مَاجَه القَزْوِينيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَّارَمِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الحُسَيْنِ البَيْهَقِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ رَزِينِ بْنِ مُعَاوِيةَ العَبْدَرِيِّ (^١)، وَغَيْرِهِمْ، وَقَلِيلٌ مَا هوَ-.
وَإنِّي إِذَا نَسَبْتُ الحَدِيثَ إلَيْهِمْ كَأَنِي أَسْنَدْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ؛ لأنَّهُمْ قَدْ فَرَغُوا مِنهُ، وَأَغَنُوْنَا عَنَهُ (^٢).
وَسَرَدْتُ الكُتُبَ وَالأَبْوَابَ كَمَا سَرَدَهَا، وَاقْتَفَيْتُ أَثَرَهُ فِيهَا، وَقَسَّمْتُ كُلَّ بَابٍ -غَالِبًا- عَلَى فُصُولٍ ثَلَاثَةٍ:
_________
(^١) وسائر زياداته منكرة ولا أصل لها.
(^٢) وليس الأمر كذلك -كما سيظهر من التعليقات-.
1 / 12
أَوَّلُهَا: مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَاكْتَفَيْتُ بِهِمَا وَإنِ اشْتَرَكَ فِيِهِ الغَيْرُ؛ لِعُلُوِّ دَرَجَتِهِمَا فِي الرِّوَايَةِ-.
وَثَانِيهِمَا: مَا أَوْرَدَهُ غَيْرُهُمَا مِنَ الأَئِمَّةِ المَذِكُورِينَ.
وَثَالِثُهُمَا: مَا اشْتَمَلَ عَلَى مَعْنَى البَابِ مِنْ مُلْحَقَاتٍ مُنَاسِبَةٍ مَعَ مُحَافَظَةٍ عَلَى الشرِيطَةِ، وَإِنْ كَانَ مَاَثُورًا عَنِ السَّلَفِ وَالخَلَفِ.
ثُمَّ إِنَّكَ إِنْ فَقَدْتَ حَدِيثًا في بَابٍ؛ فَذلِكَ عَنْ تَكرِيرٍ أُسْقِطُة، وَإنْ وَجَدْتَ آخَرَ بَعْضَهُ مَتْرُوكًا عَلَى اخْتِصَارِهِ، أَوْ مَضْمُومًا إِلَيهِ تَمَامُهُ؛ فَعَنْ دَاعِي اهْتِمَامٍ أَتْرُكُهُ وَأُلْحِقُةُ، وَإنْ عَثَرْتَ عَلَى اختِلَافٍ في الفَصلَيْنِ مِنْ ذِكْرِ غَيْرِ الشَّيْخَيْنِ في الأَوَّلِ، وَذِكْرِهِمَا في الثَّانِي؛ فَاعْلَمْ أَنّي بَعْدَ تَتَبُّعِي كَتَابَي "الجَمْع بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ" لِلْحُمَيْدِيِّ، وَ"جَامِع الأُصُولِ"؛ اعْتَمَدْتُ عَلَى "صَحِيحَيِ" الشَّيْخَيْنِ وَمَتْنَيهِمَا.
وَإنْ رَأَيتَ اخْتِلَافًا في نَفْسِ الحَدِيثِ؛ فَذلِكَ مِنْ تَشَعُّبِ طُرُقِ الأَحَادِيثِ، وَلَعَلِّي مَا اطَّلَعْتُ عَلَى تِلْكَ الرّوَايَةِ التِي سَلَكَهَا الشَّيْخ ﵁.
وَقَلِيلًا مَا تَجدُ أَقُولُ: مَا وَجَدْتُ هذِهِ الرِّوَايَةَ في كُتُبِ الأُصولِ! أَوْ: وَجَدْتُ خِلَافَهَا فِيهَا! فَإِذَا وَقَفْتَ عَليْهِ فَانْسُبِ القُصُورَ إِلي؛ لِقِلّةِ الدِّرَايَةِ، لَا إِلَى جَنَابِ الشَّيْخ رَفَعَ الله قَدْرَهُ في الدَّارَيْنِ حَاشَا للهِ مِنْ ذلِكَ-.
رَحِمَ الله مَنْ إِذَا وَقَفَ عَلَى ذلِكَ نبَّهَنَا عَلَيْهِ، وَأَرْشَدَنَا طَرِيقَ الصَّوَابِ.
وَلَمْ آلُ جُهْدًا في التَّنْقِيرِ وَالتفْتِيشِ بَقَدْرِ الوُسعِ وَالطاقَةِ-، وَنَقَلْتُ ذلِكَ الاخْتِلَافَ كَمَا وَجَدْتُ.
وَمَا أَشَارَ إِلَيهِ ﵁ مِنْ غَرِيبٍ أَوْ ضَعِيفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ بَيَّنْتُ وَجْهَهُ غَالِبًا، وَمَا لَمْ يُشِرْ إِلَيْهِ مِمَّا في الأُصُول؛ فَقَدْ قَفَّيْتُهُ في تَرْكِهِ، إِلَّا في مَوَاضِعَ لِغَرَضٍ.
وَرُبَّمَا تَجدُ مَوَاضِعَ مُهْمَلَةً، وَذلِكَ حَيْثُ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى رَاوِيهِ؛ فَتَرَكْتُ البَيَاضَ، فَإِنْ عَثَرتَ عَلَيْهِ فأَلْحِقْهُ بِهِ أَحْسَنَ الله جَزَاءَكَ-.
1 / 13
وَسَمَّيْتُ الكِتَابَ بِـ: "مِشْكَاةِ المَصَابِيحِ".
وَأَسْأَلُ الله التَّوْفِيقَ وَالإعَانَةَ، وَالهِدَايَةَ وَالصِّيَانَةَ، وَتَيْسِيرَ مَا أَقْصِدُهُ، وَأَنْ يَنْفَعَنِي في الحَيَاةِ وَبَعْدَ المَمَاتِ، وَجَمِيعَ المُسْلِمينَ وَالمُسْلِمَاتِ.
حَسْبِيَ الله وَنَعْمَ الوَكِيلِ.
وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلَّا بِالله العَزِيزِ الحَكِيمِ.
1 / 14
مُقَدِّمَةُ الحَافِظِ صَدْرِ الدِّينِ المُنَاوِيِّ لِكِتَابِهِ "كَشْفِ المَنَاهِجِ وَالتَّنَاقِيحِ في تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ المَصَابِيح"
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ لِلَّهِ كَاشِفِ مَصَابِيح الهُدَى، وَجَاعِلِهَا نَجَاةً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهَا وَاهْتَدَى؛ الَّذِي هَدَى قُلُوبَ أَوْليَائِهِ بَاقْتِفَاءِ آثَارِ نَبِيِّهِ المُصْطَفَى، وَرَسُولِهِ المُجْتَبَى، صلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ- أَهْلِ البِرِّ وَالوَفَا؛ صَلَاةً دَائِمَةً إِلَى يَوْمِ العَرْضِ وَالجَزَا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَجْمَعَ المُصَنَّفَاتِ المُخْتَصَرَاتِ في الأَخْبَارِ النَّبَوِيَّة، وَأَحْسَنَ المُؤَلَّفَاتِ الجَامِعَاتِ لِلآثَارِ المُحَمَّدِيَّة؛ كِتَابُ "المَصَابِيحِ"، جَمع العَلَّامَةِ الإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الحُسَيْنِ بْنِ مَسْعُودٍ البَغَوِيِّ شَكَرَ الله مَسْعَاه، وَجَعَلَ الجنةَ مَثْوَاه-.
وَهُوَ الكِتَابُ الذِي عَكَفَ عَلَيْهِ المُتَعَبِّدُون، وَاشْتَغَلَ بِتَدْرِيسِهِ الأَئِمَّةُ المُعْتَبَرُون، وَأَقَرَّ بِفَضْلِهِ وَتَقْدِيمِهِ الفُقَهَاءُ وَالمُحَدِّثُون، وَقَالَ بِتَمَيُّزِهِ المُوَافِقُونَ وَالمُخَالِفُون.
1 / 15
لَكِنَّهُ لِطَلَبِ الاخْتِصَار لَم يَذْكُرْ كَثِيرًا مِنَ الصَّحَابَةِ رُوَاةِ الآثَار، وَلَا تَعَرَّضَ لِتَخْرِيجِ تِلْكَ الأَخْبَار، بَل اصْطَلَحَ عَلَى أَنْ جَعَلَ الصِّحَاحَ هُوَ مَا في "الصَّحِيحَيْنِ" أَوْ أَحَدِهِمَا-، وَالحِسَانَ مَا لَيْسَ في واحدٍ مِنْهُمَا.
وَالْتَزَمَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ ضَعِيفٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ مَا كَانَ مُنْكَرًا أَوْ مَوْضُوعًا لَمْ يَذْكُرْهُ، وَلَا يشِيرُ إِلَيْهِ، فَوَقَعَ لَهُ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ ذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنَ الصِّحَاحِ وَلَيْسَتْ في وَاحِدٍ مِنَ "الصِّحِيحَيْنِ"! وَأَحَادِيثَ مِنَ الحِسَان وَهِيَ في أَحَدِ "الصُّحِيحَيْنِ"!! وَأَدْخَلَ في الحِسَانِ أَحَادِيثَ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهَا وَهِيَ ضَعِيفةٌ وَاهِيَة؛ وَرُبَّمَا ذَكَرَ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً في غَايَةِ السُّقُوطِ مُتَنَاهِيَهَ.
فَجَعَلْتُ مَوْضُوعَ كِتَابِي هذَا لِتَخْرِيجِ أَحَادِيثِهِ، وَنِسْبَةِ كُلِّ حَدِيثٍ إِلَى مُخَرِّجهِ مِنْ أَصْحَابِ الكُتُبِ السِّتَّةِ: "صَحِيحَيِ" البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنًّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَه إِنْ كَانَ فِيهَا، أَوْ في شَيْءٍ مِنْهَا-، وَرُبَمَّا أُضِيفُ إِلَيْهَا غَيْرَهَا.
فِإنْ لَمْ يَكُن الحَدِيثُ في شَيْءٍ مِنَ الكُتبِ السِّتةِ: خَرَّجْتُهُ مِنْ غَيْرِهَا؛ كـ "مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ"، وَ"مُوَطَّإِ مَالِكٍ"، وَ"مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحمَدَ"، وَ"مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ"، وَلا أَبِي يَعْلَى الموصِليِّ"، وَ"سُنَنِ الدَّارَقُطنِيِّ"، وَ"سُنَنِ البَيهَقِيِّ"، وَ"شُعَبِ الإِيمَان" لَهُ-، وَ"دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ" لَهُ-، وَ"صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ البُسْتِيِّ"، وَ"مُسْتَدْرَكِ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّه الحَاكِمِ"، وَغَيْرِ ذلِكَ مِنْ مَسَانِيدِ الأَئِمَةِ المُعْتَبَرِين، وَالعُلَمَاءِ المُتَقَدِّمِين.
وَأُبيِّنُ الصَّحِيحَ، وَالحَسَنَ، وَالضَّعِيفَ، وَالمُسْنَدَ، وَالمُتَّصِلَ، وَالمَرْفُوعَ، وَالمَوْقُوفَ، وَالمَقْطُوعَ، وَالمُنْقَطِعَ، وَالمُعْضَلَ، وَالمُرْسَلَ، وَالشَّاذَّ، وَالمُنْكَرَ، وَالغَرِيبَ، وَالعَزِيزَ، وَالمَشْهُورَ، وَالُمعَلَّلَ، وَالمُضطَرِبَ، وَالمَوْضُوعَ، وَالناسِخ، وَالمُنْسُوخ.
وَأُبَيِّنُ جَرْحَ رُوَاتِهِ وَتَعْدِيلَهُمْ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ الجَرْحِ وَالتعْدِيلِ-، وَأَذْكُرُ اسْمَ الصُّحَابِيِّ الرَّاوِي، وَرُبَّمَا أَذْكُرُ غَيْرَهُ مِنْ رُوَاتِهِ- لأَمْرٍ اقْتَضَى ذلِكَ-، وَأُضِيفُ تَوْثِيقَ كُلِّ رَاوٍ أَوْ
1 / 16
تَجْرِيحَهُ إلَى مَنْ وَثقَهُ أَوْ جَرَّحَهُ، وَكُلَّ حَدِيث إِلَى مَن رَوَاهُ، وَفِي أَيِّ بَابٍ أَخْرَجَهُ؛ لِيَسْهُلَ مُرَاجَعَةُ أَصُولِهِ مَعَ شَرِيطَةِ الاخْتِصَارِ؛ فَإِنَّ الإِطَالَةَ تُورِثُ السَّآمَةَ.
وَإذَا كَانَ الحَدِيثُ في "الصَّحِيحَيْنِ" -أَوْ في أَحَدِهِمَا-: عَزَوْتُهُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَتُ تَخْرِيجَ غَيْرِهِ كَالنَّافِلَةِ عَلَيْهِ، وَمَا لَيْسَ في وَاحِدٍ مِنَ "الصَّحِيحَيْنِ" إِنْ صَحَّحَهُ إِمَامٌ مَعْتَبَرٌ، أَوْ ضَعَّفَهُ اكتَفَيتُ بِنَقْلِ تَصْحِيحِهِ أَوْ تَضعِيفِهِ عَنْه.
وَإنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْحِيح لِذلِكَ الحَدِيثِ وَلَا تَضْعِيفٍ؛ فَإنْ كَانَ في "أَبِي دَاوُدَ"- وَسَكَتَ عَلَيْهِ- فَهُوَ صَالِحٌ لِلاحْتِجَاجِ؛ فَأَنْسِبُهُ إِلَيْهِ، وَأَقُولُ: إِنَّهُ سَكَتَ عَلَيْهِ؛ لِيَعْلَمَ النَّاظِرُ أنَّهُ صَالِح لِلاحْتِجَاجِ؛ لأنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْهُ أنَّهُ يَذْكُرُ الصَّحِيحَ، وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ، وَمَا كَانَ فِيهِ وَهْنٌ شَدِيدٌ بَيَّنَهُ، وَمَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا فَهُوَ صَالِحٌ.
وِإنْ لَمْ يَكُنِ الحَدِيثُ في "أَبِي دَاوُدَ"، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ إِمَامٌ، وَلَا ضَعَّفَهُ: اعْتَبَرْتُ سَنَدَهُ، وَتَكَلَّمْتُ عَلَى رِجَالِهِ، وَكَشَفْتُ حَالَ مَنْ يَحْتَاجُ الحَدِيثُ إِلَى كَشْفِهِ.
وَحَيْثُ أَقُولُ: رَوَاهُ الثَّلَاثَةُ؛ فَهُمْ: أبو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنِّسَائِيُّ.
وَحَيْث أَقُولُ: رَوَاهُ الأَرْبَعَةُ؛ فَهُمْ مَعَ ابْنِ مَاجَه-.
وَحَيْثُ أَقُولُ: رَوَاهُ الجَمَاعَةُ؛ فَهُمْ مَعَ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ-.
وَقَدْ أَتَعَرَّضُ إِلَى ضَبْطِ أَلْفَاظِ الحَدِيثِ إِذَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى ذلِكَ-، وَكَذلِكَ اسْمُ الرَّاوِي.
وَأَتَعَرَّضُ أَيْضًا إِلَى ذِكْرِ فَوَائِدَ مُهِمَّات، وَإلَى تَنْبِيهَات؛ كَالتَّتِمَّات، وَإلَى بِيَانِ أَوْهَامٍ وَقَعَتْ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الرِّوَايَات.
وَأَرْجُو إنْ تَمَّ هذَا الكِتَابُ أَنْ يَكُونَ كَافِيًا لِلْمُتَعَبِّدِينَ في طَلَبِ الصَّوَابِ، وَعُمْدَةً لِلْفُقَهَاءِ في الاسْتِدْلَال، وَمُوصِلًا لَهُمْ إِلَى أَقصَى الآمَال، وَقَدْ سَمَّيْتهُ: "كَشْفَ المَنَاهِجِ وَالتَنَاقِيحِ في تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ المَصَابِيح".
1 / 17
وَالله يَجْعَلُهُ أَحْسَنَ زَادٍ إِلَى المَسِيرِ إِلَيْه، وَأَعْظَمَ عُدَّةٍ لِيَوْمِ القُدُومِ عَلَيْه؛ فَإِنّهُ تَعَالَى بِكُلِّ خَيْرٍ كَفِيل، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل.
وَهَا أَنَا أَذْكُرُ مُقَدِّمَةً تُشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:
الفَصْلُ الأَوَّلُ: في ذِكْرِ تَرْجَمَةَ البَغَوِيِّ؛ لِيُعْرَفَ قَدْرُ جَلَالِهِ.
الفَصْلُ الثَّانِي: في ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ بَيَانِ أَلْفَاظٍ قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا اصْطَلَحَ عَلَيْهَا المُحَدِّثُونَ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا؛ لِتَكُونَ عَوْنًا لِلناظِرِ في هذَا التَّألِيفِ.
الفَصْلُ الثالِثُ: في نَصِّ خُطْبَةِ "المَصَابِيحِ"، وَمَا الْتَزَمَهُ في غُرَّةِ دِيبَاجَتِهِ لِيُعْلَمَ مَضْمُونُ قَرَارِه، وَمَكْنُونُ مَصُونِ أَسْرَارِه؛ حَتى لَا يَخْلُوَ هذَا الكِتَابُ عَنْ مَجْمُوعِ مَا في "المَصَابِيحِ".
1 / 18
الفَصْلُ الأوَّلُ فَى ذِكرِ طَرَفٍ مِنْ أَحْوَاِلهِ
هُوَ الإِمَامُ أبو مُحَمَّدٍ الحُسَيْنُ بْن مَسْعُودٍ الفَرَّاءُ البَغَوِيُّ.
إِمَامُ الأَئِمَةِ بِلَا مُنَازَعَة، وَمُحْيي السُّنَّةِ بَلَا مُدَافَعَة، صَنَّفَ كِتَابَ "شَرْحِ السُّنَّةِ"، وَالتَّفْسِيرِ المُسَمَّى بـ "مَعَالِمِ التُّنْزِيلِ"، وَ"التَّهْذِيبِ"؛ الَّذِي فَاقَ بِهِ المصَنِّفِين، وَاغْتَرَفَ مِنْ بَحْرِهِ جَمِيعُ المُتَأخِّرِين.
وَلَهُ فَتاوٍ مَشْهُورَةٌ لِنَفْسِهِ غَيْرُ "فَتَاوِي القَاضِي الحسَين" الَّتِي عَلَّقَهَا هُوَ عَنْهُ-.
وَكَانَ إَمَامًا جَلِيلًا، وَرِعًا، زَاهدًا، فَقِيهًا، مُحَدِّثًا، مُفَسِّرًا، جَامِعًا بَيْنَ العِلْمِ وَالعَمَلِ، سَالِكًا سَبيلَ السَّلَفِ، لَهُ في الفَقْهِ اليَدُ البَاسِطَةُ.
تَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي الحُسَيْنِ؛ وَهُوَ أَخَصُّ تَلَامِذَتِهِ، وَكَانَ رَجُلًا مخْشَوْشِنًا يَأكُلُ الخُبْزَ وَحْدَهُ، فَعُذِلَ في ذلِكَ؛ فَصَارَ يَأكُلَهُ بِالزَّيْتِ.
سَمِعَ الحَدِيثَ مِنْ جَمَاعَاتٍ، مِنْهُمْ: أبو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ المَلِيحِيُّ، وَأبو الحَسَنِ عَبْدُ الرَّحَمنِ بْنُ مَحَمَّدٍ الدَّاوُودِيُّ، وَأبو بَكْرٍ يَعُقُوبُ بْنُ أَحَمْدَ الصَّيْرَفِيُّ، وَأبو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الجُوينِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَاتٌ؛ آخِرُهُمْ: أبو المَكَارِمِ فَضْلُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْقَانِيُّ، رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ سِتِّ مِئَةٍ، وَأَجَازَ لِقَاضِي القُضَاةِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي عُمَرَ بْنِ قُدَامَةَ، وَلأَبِي الحَسَنِ عَلَيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبدِ الوَاحِدِ بْنِ البُخَارِيِّ.
فَرُوِّينَا نَحْنُ تَصَانِيفَهُ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ قُدَامَةَ، وَالفَخْرِ بنِ البُخَارِيِّ؛ مِنْهُمُ: الشَّيْحُ الإِمَامُ المُعَمَّرُ صَدْرُ الدِّينِ مُحَمُّدُ بْنُ مُحَمَّد بْنِ إِبْرَاهِيمَ المَيْدُومِيُّ؛ فَوَقَعَ لَنَا هذَا
1 / 19
الكِتَابُ عَالِيًا عَنِ الشَّيْخ صَدْرِ الدِّينِ المَيْدُومِيِّ، عَنْ قَاضِي القُضَاةِ ابْنِ قُدَامَةَ، وَالفَخْرِ بْنِ البُخَارِيِّ كِتَابَةً لَهُ-، كَلَاهُمَا عَنْ أَبِي المَكَارِمِ النُّوْقَانِيِّ، عَنِ المصَنِّفِ.
تُوُفّيَ البَغَوِيُّ في شَوَّالٍ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مِئَةٍ بِمَرْوَالرُّوذِ، وَبِهَا كَانَتْ إِقَامَتُهُ.
وَدُفِنَ عِنْدَ شَيْخِهِ القَاضِي الحُسَيْنِ.
قَالَ الذهَبِيِّ: وَلَمْ يَحُجُّ، وَأَظنهُ جَاوَزَ الثَّمَانِينَ.
وَمِنْ غَرَائِبِ مَسَائِلِهِ أنَّهُ قَالَ في "مَسَائِلِهِ" الَّتِي خَرَّجَهَا: لَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يُصَلِّي عَلَى الميِّتِ إلَّا النِّسَاءُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِنَّ!
وَقَالَ في "فَتَاوِيهِ": مَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ إِذَا حَضَرَهَا وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ خَلْفَ الإِمَامِ: فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا جَازَ، وِإنْ (^١) كَانَ بَالِغًا لَمْ يَجُزْ!
_________
(^١) في "الأَصْلِ": أَوْ إِنْ!
1 / 20
الفصل الثاني في ذكر طرفٍ من بيان ألفاظٍ قدَّمنا ذكرها اصطلح عليها المحدثون لا بدَّ من معرفتها
اِعْلَمْ أَنَّ، الحَدِيثَ الصَّحِيحَ هُوَ: الحَدِيثُ المُسْنَدُ المُتَّصِلُ، بِنَقْلِ العَدْلِ الضَّابِطِ، عَنِ العَدْلِ الضَّابِطِ، إِلَى مُنْتَهَاهُ؛ مِنْ غَيْرِ شُذُوذٍ وَلا عِلَّةٍ.
وَفِي هذِهِ الأَوْصَافِ الاحْتِرَازُ مِنَ المُرْسَلِ وَالمُعْضَلِ وَالشَّاذِّ، وَمَا فِيهِ عِلَّة قَادِحَةٌ، وَمَا في رُوَاتِهِ نَوْعُ جَرْحٍ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هذَا هُوَ الحَدِيثُ المُحْكُومُ لَهُ بِالصِّحَةِ بِلَا خِلَافٍ بَينَ أَهلِ العِلْمِ-.
تَنْبِيهٌ: مَا اخْتُلِفَ في صِحَّتِهِ مِنَ الأَحَادِيثِ: قَدْ يَكُونُ سَبَبُ اختلافهم انْتِفَاءَ شَرْطٍ مِنْ هذِهِ الشُّرُوطِ، وَبَيْنَهُمُ اخْتِلافٌ في اشِتِرَاطِهِ؛ كَمَا إِذَا كَانَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَسْتورًا، أَوْ كَانَ الحَدِيثُ مُرْسَلًا.
وَقَدْ يَكونُ سَبَبُ اخْتِلَافِهمْ أنَّهُ: هَلِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هذِهِ الشُّرُوطُ، أَوِ انْتَفَى بَعْضُهَا؟
وَهذَا هُوَ الأَغْلَبُ في ذلِكَ؛ كَمَا إِذَا كَانَ الحَدِيثُ في رُوَاتِهِ مَنِ اخْتُلِفَ في كَوْنِهِ مِنْ شَرْطِ الصَّحِيحِ؛ فَإِذَا كَانَ الحَدِيثُ رُوَاتُهُ كُلهمْ ثِقَاتٌ، غَيْرَ أَنَّ فِيهِمْ أَبَا الزبيْرِ المَكّيَّ مَثَلًا-، أَوْ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ، أَوْ العَلَاءَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ، أَوْ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ! قَالُوا فِيهِ: هذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسلِمٍ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ؛ لأنَّ هَؤُلاءِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِمَّنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشَّرُوط المُعْتَبَرَةُ، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ البُخَارِيِّ ذلِكَ فيهِمْ.
1 / 21