اعلم- وفقك الله- أنه لا خلاف في وجوب الإعادة في هذه المسألة، سواء قلنا: يتيمم، أم لا، وما نقله عن القاضي أبي الطيب من عدم الوجوب غلط، وكذلك ما نقله عن ابن الصباغ في تقرير ذلك. ولنذكر كلام ابن الصباغ، ليتضح ما أشرنا إليه من الغلط، فنقول: قال قبيل باب المسح على الخفين ما نصه: وأما إذا لم يغلب على ظنه ولا على ظن البصير، فإنه قال، فإنه قال- يعني الشافعي-: لا يتيمم، ويخمن، ويتوضأ على أكثر ما يقدر عليه من ذلك، ويصلي. ولم يذكر الإعادة، قال القاضي أبو الطيب: وعندي أن الإعادة واجبة، لأن الماء لم يثبت عنده طهارته بأمارة. وما قاله أشبه بأصل الشافعي.
قال: وكذلك البصير يفعل.
قال: وقد حكى البندنيجي في «التعليق» أنه قال سألت أبا حامد: إذا لم يغلب على ظنه طهارة أحدهما؟ قال: يصلي بالتيمم إن خاف فوات الوقت، ويعيد. وما قاله القاضي فهو على ما نص عليه الشافعي في الأعمى، وما قاله أبو احمد أقيس، لأنه لم تثبت طهارة الماء. هذا كلام صاحب «الشامل»، وقد اتضح له منه أن ما نقله المصنف عن القاضي غلط، بل هو موافق للشيخ أبي حامد في عدم وجوب الإعادة، وإن اختلفا في شيء آخر. وكذلك- أيضًا- ما نقله عن صاحب «الشامل» من مغايرة قوله في القضاء لقول أبي حامد، حيث نقل عنه ترجيح مقالة أحدهما بكونها أقرب إلى النص، ومقالة الآخر بكونها أقيس. ثم إن ابن الصباغ إنما ذكر هذا الترجيح للمقالتين في البصير لا في الأعمى- فتأمله تقطع به- فنقله المصنف إلى مسألة الأعمى مع مخالفته في التعبير عن صيغة الترجيح، ولا شك أن المصنف استمد في هذه المسألة من كلام «الشامل»، فاختلط عليه من أوله إلى آخره.
قوله: نعم، لو كانت الآنية ثلاثة، وقد وقعت النجاسة في اثنين منها، واجتهد ثلاثة فيها، فأدى اجتهاد كل واحد إلى طهارة إناء- لا يجوز أن يقتدي بعضهم ببعض في صلاةٍ ما بتلك الطهارة، كما لو وقعت النجاسة في أحد الإناءين، فاجتهد فيهما اثنان، فأدى اجتهاد أحدهما إلى طهارة إناء، واجتهاد الآخر إلى طهارة الآخر. على أن في مسألة الاستشهاد وجهًا حكاه الشيخ أبو محمد في كتاب الحج: أنه يجوز أن يقتدي أحدهما بالآخر، بناء على قولٍ في أن من أحرم بنسك ثم نسيه هل يتحرى؟ وإذا ثبت في هذه الصورة جرى في الأخرى. ولو كان النجس من الثلاثة واحدًا، وقد أدى اجتهاد كل شخص إلى طهارة واحد- ففي جواز اقتداء بعضهم ببعض كلام سبق في
20 / 23