371

مستحيل ، كما عرفت.

ثم إن كون الصوم في الغد ، أو الصلاة عند الدلوك غير اختياري لتقيده بأمر غير اختياري لا يحتاج إلى البيان.

ولا يدفع هذا الإشكال ما في الكفاية من أن القدرة في زمان الواجب كافية في تعلق التكليف الفعلي به (1)، لوضوح أنه بعد حلول الوقت إنما تكون القدرة على ذات المأمور به لا على قيده.

وبالجملة إنما يقال : القدرة في زمان الواجب كافية لو قدر على ما كان عاجزا عنه قبلا ، وفي المقام ليس كذلك ، إذ ما كان عاجزا عنه قبلا يكون حين الوقت أيضا عاجزا عنه ، إذ لا يقدر على الصلاة المقيدة بالدلوك حتى بعد تحقق الدلوك ، وإنما يقدر على ذات الصلاة ، فلا يكفي هذا لصحة التكليف الفعلي ، كما هو واضح.

هذا ، ولكن أصل الشبهة أشبه شيء بالمغالطة ، وذلك لأنا ننقل الكلام إلى الواجب المشروط بشرط خارج عن تحت الاختيار ، ونقول : إنه حيث إن الوجوب فيه مشروط بالوقت ، فلو حل الوقت وطلع الفجر أو دلكت الشمس مثلا ، فهل يكون الصوم والصلاة واجبة مطلقا أو مقيدة بذاك المبدأ والمنتهى؟ أي : من دلوك الشمس إلى غسق الليل في الثاني ، ومن طلوع الفجر إلى الليل في الأول ، فإن كان الواجب مطلقا وليس مقيدا بشيء ، فلازمه جواز تأخير الصلاة إلى الليل وجواز تأخير الصوم إلى الليل ، إذ ما هو موجود شرط للوجوب وقد تحقق ، وليس قيدا للواجب حتى يلزم إتيانه ، وذلك لأن تقيد الواجب به يكون تكليفا بما لا يطاق.

पृष्ठ 52