हेगेल: एक बहुत छोटा परिचय
هيجل: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
شكل : سيدارتا جوتاما، المعروف باسم بوذا (حوالي 563-483 قبل الميلاد).
وفقا لهيجل، تأخذ حالة انعدام الاستقلالية الشخصية هذه أشكالا مختلفة في الثقافات الشرقية المختلفة، لكن النتيجة دائما ما تكون واحدة. يخبرنا هيجل أن الدولة الصينية كانت مؤسسة على حكم الأسرة؛ فالحكومة قائمة على الحكم الأبوي للإمبراطور، وينظر الآخرون لأنفسهم على أنهم أبناء الدولة. وهذا هو السبب الذي يجعل المجتمع الصيني يشدد بقوة على الاحترام والطاعة اللذين يدين بهما الشخص لوالديه. وفي الهند - على النقيض - لا يوجد مفهوم الحرية الفردية؛ لأن النظام الأساسي للمجتمع - نظام الطبقات الاجتماعية الذي يحدد لكل شخص من ذكر أو أنثى وظيفته في الحياة - لا يعد نظاما سياسيا، بل أمرا طبيعيا؛ ومن ثم غير قابل للتغيير. وهكذا لا تكون السلطة الحاكمة في الهند حاكما بشريا مطلقا مستبدا، وإنما الاستبداد هنا هو استبداد الطبيعة.
أما في بلاد فارس فالأمر مختلف؛ فعلى الرغم من أن الإمبراطور الفارسي يبدو للوهلة الأولى حاكما مطلقا يتشابه في كثير من الأمور مع إمبراطور الصين، فإن أساس الإمبراطورية الفارسية ليس قائما على مبدأ الطاعة الأسرية الطبيعية الذي يمتد إلى جميع أرجاء الدولة فحسب، بل على مبدأ عام يطبق فيه القانون على الحاكم كما يطبق على رعاياه. فبلاد فارس كانت ملكية ثيوقراطية قائمة على ديانة زرادشت، التي كانت تتضمن عبادة «النور». يبدي هيجل اهتماما كبيرا بفكرة النور بوصفه شيئا نقيا وكونيا، مثل الشمس التي تضيء بنورها للجميع وتنفع الجميع على حد سواء. لا يعني هذا بالطبع أن بلاد فارس كانت تؤيد المساواة بين البشر؛ فالإمبراطور ظل هو الحاكم المطلق؛ ومن ثم الشخص الحر الوحيد في الإمبراطورية. لكن حقيقة أن حكمه كان قائما على مبدأ عام ولا ينظر إليه بوصفه حقيقة طبيعية، كانت تعني وجود احتمالية حدوث تطور. إن فكرة الحكم استنادا على مبدأ فكري أو روحي تدل على بداية نمو الوعي بالحرية الذي كان هيجل معنيا بتتبعه؛ وعليه كانت هذه هي بداية «التاريخ الحقيقي».
العالم اليوناني
كانت إمكانية نمو الوعي بالحرية موجودة في الإمبراطورية الفارسية، لكن هذه الإمكانية لم تكن لتتحقق في ظل هيكل الإمبراطورية. لكن في إطار سعي الإمبراطورية للتوسع، تواصلت مع أثينا وأسبرطة وغيرهما من مدن اليونان المستقلة القديمة. فطلب الإمبراطور الفارسي من اليونانيين الإقرار بسيادته، لكنهم رفضوا، فقام الإمبراطور بتعبئة جيش جرار وأسطول ضخم من السفن، والتقى الأسطول الفارسي والأسطول اليوناني عند جزيرة سالاميس. ويشير هيجل إلى أن هذه المعركة الملحمة كانت صراعا بين حاكم مطلق شرقي كان يسعى إلى عالم موحد تحت راية إمبراطور واحد وسيادة واحدة، ودول منفصلة كانت تدرك مبدأ «الحرية الفردية». كان انتصار اليونانيين يعني أن منعطف تاريخ العالم انتقل من العالم الشرقي ذي الحاكم المطلق إلى عالم المدن اليونانية المستقلة.
ومع أن هيجل يرى العالم اليوناني كعالم تحركه فكرة الحرية الفردية، فإنه يرى تلك الحرية لم تتطور أبدا بصورة كاملة في هذه المرحلة من التاريخ. يحتج هيجل بسببين مختلفين لاعتبار الرؤية اليونانية للحرية محدودة. ويتسم أحد هذين السببين بالوضوح، والآخر يشوبه بعض التعقيد.
أما السبب الواضح، فهو أن فكرة الحرية عند اليونانيين تسمح بوجود العبودية. إن استخدام الكلمة «تسمح» بلا شك ضعيف جدا؛ لأن هيجل يرى أن الشكل الديمقراطي لدى اليونانيين كان يتطلب بالتأكيد وجود العبيد كي يؤدي دوره. فإذا كان كل مواطن، كما كان الحال في أثينا، يتمتع بحق وواجب المشاركة في الإكليزيا - وهي الجهة العليا المعنية باتخاذ القرار في المدينة - فمن تبقى لأداء المهام اليومية الخاصة بتوفير ضروريات الحياة؟ يجب أن تكون هناك فئة من العمال الذين يفتقرون لحقوقهم وواجباتهم بوصفهم مواطنين. بعبارة أخرى: يجب أن يكون هناك عبيد.
في العالم الشرقي، هناك شخص واحد فقط حر، وهو الحاكم. ومعنى وجود عبيد أن العالم اليوناني قد تقدم لمرحلة أصبح فيها البعض - لا الكل - أحرارا. لكن هيجل يرى أنه حتى أولئك المواطنين الأحرار في إحدى المدن اليونانية ليسوا أحرارا بالكامل. والسبب الذي يدفعه لهذا الرأي ليس من السهل استيعابه؛ فهو يزعم أن اليونانيين ليس لديهم مفهوم الضمير الفردي. فكما رأينا، كان هيجل يعتقد بانعدام هذا المفهوم في العالم الشرقي أيضا، لكن في حين كانت الشعوب الشرقية تطيع ببساطة ودون تفكير قانونا أخلاقيا فرض عليها من سلطة عليا، كان دافع اليونانيين ينبع من داخلهم. ويوضح هيجل أنهم كانوا يتمتعون بعادة الحياة من أجل بلدهم دون أي تفكير. ولم تكن هذه العادة نابعة من قبول مبدأ مجرد ما، مثل فكرة أن على الجميع العمل من أجل صالح بلدهم. فاليونانيون بفطرتهم آمنوا بأنهم مرتبطون بدولتهم بقوة لا يمكن زعزعتها، بحيث لم يميزوا بين مصالحهم الشخصية ومصالح المجتمع الذي كانوا يعيشون فيه، فلم يتصوروا حياتهم بعيدا عن هذا المجتمع - أو ضده - بشتى عاداته وصور الحياة الاجتماعية به.
كل هذا يعني أن استعداد اليونانيين للقيام بما يخدم مصلحة المجتمع ككل ينبع من داخلهم، وهذا يدل على أن اليونانيين كانوا أحرارا بطريقة لم يتمتع بها الشرقيون؛ فقد كانوا يقومون بما تمليه عليهم أنفسهم، لا ما تمليه عليهم بعض القوانين الخارجية. ومع ذلك، يقول هيجل إن هذا الشكل من الحرية ليس كاملا لمجرد أن الدافع إليه يأتي بصورة طبيعية جدا؛ فنتاج العادات والأعراف التي نتربى عليها ليس نتيجة لاستخدام عقولنا. فإذا أقدمت على فعل شيء نتيجة لعادة، فأنا لم أختر أن أقوم به عن عمد. فيمكن القول بأن أفعالي ما زالت تخضع لقوى خارجة عن إرادتي - القوى الاجتماعية التي منحتني عاداتي - حتى وإن لم يكن هناك حاكم مطلق يخبرني بما علي فعله، وإن بدا أن الدافع وراء الفعل ينبع من داخلي.
وكأحد أعراض هذا الاعتماد على القوى الخارجية، يشير هيجل إلى ميل اليونانيين لاستشارة وسيط روحاني لإرشادهم قبل أن يقدموا على أي مجازفة مهمة. قد تكون مشورة الوسيط الروحاني قائمة على حالة أمعاء حيوان تم ذبحه قربانا، أو على حدث طبيعي آخر ليس له أي علاقة بفكر الشخص. فالأحرار بحق لم يكونوا ليسمحوا بأن تتحدد أهم قراراتهم استنادا إلى مثل هذه الأحداث، بل كانوا يتخذون قراراتهم بأنفسهم مستخدمين قدرتهم على التفكير. فالعقل يرتقي بالأحرار فوق الأحداث الطبيعية العرضية، ويمكنهم من التفكير بصورة انتقادية في موقفهم والقوى التي تؤثر فيهم. وهكذا لا يمكن أن تتحقق الحرية بالكامل دون التأمل أو التفكير النقدي.
अज्ञात पृष्ठ