وربما كنت مخطئة في هذا.
لم يكن بالمقهى حمام للسيدات؛ لذا كان علي الذهاب إلى الفندق المجاور والمرور أمام باب الحانة المفتوح، تلك الحانة التي عادة ما تكون مظلمة، وصاخبة، وتنبعث منها رائحة الجعة والويسكي، والدخان الكثيف للسجائر والسيجار الذي يغمرك ويخنقك. ومع هذا شعرت بالراحة هناك أيضا؛ فلن تجد الحطابين - أولئك الرجال الذين يعملون في مصنع نشر الأخشاب - يصرخون في وجهك كما يفعل الجنود والطيارون في تورونتو؛ لقد كانوا غارقين في عالم الرجال، يقصون روايتهم بصوت عال، منهمكين لا يبالون بالبحث عن امرأة. ربما كانوا في الواقع أكثر حرصا على الابتعاد عن صحبة النساء الآن أو إلى الأبد.
كانت لدى الطبيب عيادة في الشارع الرئيسي، وهي مبنى من طابق واحد؛ لذا فلا بد أنه كان يقيم في مكان آخر، وقد سمعت عن طريق الممرضات المساعدات أنه لم يكن متزوجا. وفي الشارع الجانبي الوحيد وجدت المنزل الذي كان يحتمل أنه منزله؛ كان مغطى بزخارف الجص، ذا نافذة ناتئة تعلو الباب الأمامي، وكانت هناك مجموعة من الكتب المكدسة على حافة تلك النافذة. كانت بالمكان مسحة من الكآبة ، إلا أنه كان يبدو منظما، مما يوفر قدرا من الراحة قد يهفو إليه رجل وحيد، بل رجل وحيد يتسم بالتنظيم الشديد.
كانت المدرسة التي تقع في نهاية ذلك الشارع السكني مكونة من طابقين، ويدرس بالطابق السفلي الطلاب حتى الصف الثامن، وبالطابق العلوي الطلاب حتى الصف الثاني عشر. لمحت ماري هناك فيما بعد ظهيرة أحد الأيام، وكانت تشارك في اللعب مع أقرانها بإلقاء كرات من الثلج بعضهم على بعض. كان من الواضح أنه فريق من الصبية ضد فريق من الفتيات. وحينما وقع بصرها علي، صاحت قائلة: «مرحى، أيها المعلمة.» ثم قذفت بكرتي الثلج اللتين كانتا في يديها بنحو عشوائي، وهرولت تعبر الطريق. قالت في إثارة وهي تلتفت وراءها: «أراكم في الغد.» بدا كلامها بنحو أو بآخر وكأنه نوع من التحذير حتى لا يتبعها أحد.
قالت: «أنت في طريقك للعودة إلى المدرسة، أليس كذلك؟ وأنا كذلك. إنني عادة ما أذهب في صحبة ريدي، لكنه يرجع في وقت متأخر جدا. وأنت؟ ماذا ستفعلين؟ هل ستستقلين الترام؟»
رددت عليها بالإيجاب، فقالت ماري: «أوه، يمكن أن أريك الطريق الآخر، وهكذا توفرين نقودك. إنه طريق الغابة.»
قادتني عبر طريق يمكن المرور به بالرغم من ضيقه، يعلو عن البلدة ثم يقطع الغابة ويمر بمصنع نشر الأخشاب.
قالت: «هذا هو الطريق الذي يسلكه ريدي. قد يكون عاليا لكنه يصير قصيرا عندما تتجهين إلى الأسفل نحو المصحة.»
مررنا في طريقنا بمصنع نشر الأخشاب، وكان يوجد بأسفلنا بعض الأشجار المقطوعة على نحو عشوائي في الغابة، وعدد من الأكواخ الصغيرة التي بدا أنها مأهولة بالسكان، ويتضح ذلك من خلال أكوام الحطب، وأحبال الغسيل، والدخان المنبعث منها. وفجأة، انطلق من أحدها كلب كبير يشبه الذئب، وأخذ ينبح ويزمجر بصوت عال.
صاحت به ماري: «اسكت.» وصنعت على الفور كرة من الثلج وألقتها نحوه، فأصابت ما بين عينيه؛ فاستدار سريعا متقهقرا للخلف، وأمسكت بكرة أخرى من الثلج استعدادا لإلقائها نحو ردفيه. ظهرت امرأة ترتدي مئزرا من داخل الكوخ وراحت تصيح قائلة: «لقد كان من الممكن أن تقتليه.» «يا ليته مات!» «سأجعل زوجي الضخم يمسك بك.» «هذا لن يحدث مطلقا؛ فزوجك هذا لا يستطيع أن يضرب بعوضة.»
अज्ञात पृष्ठ