قالت: «ظننتك على الدرج.»
دثرتها جريتا بالغطاء الموضوع على فراشهما، وحينها بدأت تشعر هي الأخرى برعشة تسري في أوصالها كما لو أن حمى قد أصابتها. شعرت بغثيان، واستشعرت بالفعل آثار بعض القيء في حلقها. قالت كاتي: «لا تدفعي بي هكذا.» ثم تلوت وأزاحت نفسها بعيدة عنها.
وقالت: «تفوح منك رائحة كريهة.»
أزاحت جريتا ذراعيها بعيدا ثم استلقت على ظهرها.
كان ما حدث أمرا فظيعا، تصوراتها عما كان من الممكن أن يحدث كانت مفزعة. كانت الطفلة لا تزال ثائرة وتنأى بنفسها بعيدا عنها.
لا بد أن أحدهم كان سيعثر على كاتي؛ فكان سيلمحها هناك شخص محترم، وليس شريرا، ويحملها إلى حيث تكون في مأمن. كانت جريتا ستسمع الإعلان المفزع، أخبار العثور على طفلة بمفردها في القطار، طفلة تقول إن اسمها هو كاتي. كانت جريتا ستهرع إليهم من المكان الذي كانت تتواجد فيه في تلك اللحظة، محاولة أن تهندم نفسها قدر الإمكان، لتخبرهم بأن الطفلة هي ابنتها وكانت ستكذب حين تقول إنها كانت في الحمام حينما وجدوا طفلتها. كانت ستكون خائفة جدا، لكنها في نفس الوقت لم تكن لترى الوضع الذي كانت عليه طفلتها الآن؛ لم تكن لترى طفلتها وهي تجلس في ذلك المكان المزعج، عاجزة لاحول لها ولا قوة بين عربات القطار، لا تبكي أو تتذمر كما لو أنه كان عليها أن تبقى في هذا المكان للأبد دون أن يقدم لها أحد أية تفسيرات لذلك، ودون وجود أي بادرة أمل تلوح في الأفق لإخراجها مما هي فيه. كانت عيناها على نحو غريب خاليتين من أي تعبير، وكان فمها مفتوحا بعض الشيء، وذلك في اللحظة التي سبقت تفاجئها بحقيقة إنقاذها، وحينها شرعت في البكاء؛ حينها فقط، استعادت عالمها، وحقها في البكاء والشكوى.
قالت الآن إنها لم تكن ترغب في النوم، وأنها تريد أن تظل مستيقظة. وسألت عن مكان جريج، فأخبرتها جريتا أنه يأخذ غفوة لأنه متعب.
ذهبت بصحبة جريتا إلى عربة المشاهدة المقببة لقضاء بقية فترة ما بعد الظهيرة بها، ولم يكن بها أحد سواهما تقريبا؛ فلا بد أن الأشخاص الذين كانوا يلتقطون الصور قد شعروا بالتعب وقت التقاطهم صورا لجبال روكي. وبحسب تعليق جريج من قبل، إن أرض البراري التي يمرون بها قد ألقت بعض الكآبة والملل في نفوسهم.
توقف القطار لوقت قصير في ساسكاتون وهبط منه عدة أشخاص، وكان جريج من بينهم، ورأت جريتا شخصين يحييانه بدا واضحا أنهما والداه، وحيته أيضا امرأة تجلس على مقعد متحرك، ربما تكون جدته، ثم التف حوله مجموعة من الشباب الذين كانوا بانتظاره وقد ارتسمت على وجوههم أمارات البهجة والحياء. لم يبد على أي منهم أنه ينتمي إلى طائفة دينية، أو أنهم أناس تغلب عليهم الشدة والصرامة بأي حال من الأحوال.
لكن كيف يكون بمقدورك أن تلمح ذلك وتتأكد من أنه موجود في أي شخص من الأشخاص؟
अज्ञात पृष्ठ