हयात शर्क़
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
शैलियों
فضل الأديان المنزلة
لقد قطعت الإنسانية هذا الطريق الطويل كله، ولا تزال شعوب تعد بعشرات ومئات الملايين تسير فيه، قبل أن تصل إلى الديانات المنزلة التي هي اليهودية والمسيحية والإسلام. وقد كانت هذه الديانات تقدما عظيما على ما سبقها وما لا يزال معاصرا لها من المعتقدات الوثنية، فإن آسيا كلها لا تزال وثنية ما عدا مائة أو مائتي مليون من المسلمين في الصين وإندونيسيا والهند وتركستان وبلاد فارس، أما اليابان كلها والصين والهند فلا تزال بوذية وكونفوشيوسية وسينتونية، ولا تزال أفريقيا بأسرها فتيشية ما عدا خمسين أو ستين مليونا في شمالها وشرقها وغربها.
ولكن اليهودية كانت فتحا عظيما بالنسبة لتلك المعتقدات الوثنية، فقد جاءت شريعة منظمة بعقائد ثابتة وطقوس شريفة بعيدة عن دنايا الوثنية والفتيش، ولسنا في حاجة للكلام على واحدة من تلك الديانات الثلاث المنزلة، لأنها معلومة للجميع وكتبها المقدسة بين أيدينا وأحبارها وقساوستها ومشايخها بين ظهرانينا، ومعابدها وكنائسها ومساجدها قائمة في وسطنا ومحيطنا.
ولكن أردنا ذكرها لندلل على أمرين؛ الأول: أنها كغيرها من الأديان السالفة الذكر قد ظهرت جميعها في الشرق ولم تظهر واحدة منها في أوروبا أو أمريكا أو أفريقيا، لأن عبادة الفتيش التي ذكرناها في أفريقيا لا تعد دينا، بل هي مجموعة أساطير وأوهام أدخل في فن الفولكلور وعلوم الشعوب منها في الأديان والعقائد.
ولكن العجيب في أمر الأديان المنزلة في الشرق أنها هي أيضا قد انشقت فرقا وشيعا؛ فكان من اليهود الفرقة الصاديكمية والسمرة والصدوقيون والفرقة الخاسيديمية والفريسيون والكتبة والأسينيون والهيروديون والليبرتيون. وكذلك في المسيحية ظهرت فرقة الأجنوستيك أو العارفين والدوسيتيين والكورنثيين وفرقة الأيونيين والمانوية (نسبة إلى ماني الفارسي الذي انتحل النصرانية في القرن الرابع المسيحي) والنيقولاويون، وظهرت فرق للبحث في طبيعة المسيح وفرق في المجادلة وهم البيلاجيون، ثم أخذت المجامع تلتئم فكان المجمع النيقاوي فالقسطنطيني فالأفسسي فمجمع اللصوص (ص149 من تاريخ الأديان لنوفل) فالمجمع الخلكيدوني ثم ثلاثة أو أربعة مجامع في القسطنطينية ثم في نيقيا وفي رومة والمجمع اللاتيراتي والليوني والفيرنزي (نسبة إلى فيرنزه بإيطاليا) والباسيلي والروماني والترنتواني، ولا تزال المجامع تعقد في رومة وتصدر التعاليم الأخيرة، وآخرها المجمع الأوكمنيك 1869-1870 الذي عقد في رومة.
ولهذه الديانة كنائس تقليدية أشهرها الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية أو البروتستانتية، ومن أهل الفرق اليعقوبيون والسريان والأفيقيون والأرمن والنساطرة أو الكلدان، وقامت في روسيا قبل الثورة شيع تزيد على مائتي شيعة ولا يقل أتباعها عن خمسة عشر مليونا، ومنهم رافضو عماد الأطفال، وأصحاب التبتل، ومنهم من ارتد عندما شاع أمر عصمة البابا.
وكانت أعظم الشيع المسيحية أتباع لوثيروس وكالڤن وزنجويل وكلهم محتجون، وانتشرت مذاهبهم في ألمانيا وهولندا وإنجلترا وسويسرا والسويد والنرويج.
وكان في إنجلترا الموحدون والمطهرون، وكلما صعدت إلى الشمال وجدت فرقا تخالف البروتستانت وتعلو عليهم. ومن السكسون فرقة الكويكرس وأتباع سويد نبرج. وكل فرقة تخالف الأخرى وتقاومها وتنكر معتقداتها، كما أن جميع اليهود يخالفون النصارى وينكرون ديانتهم.
الشرق متدين
وإن هذا الدين الحنيف لم يخلص من البدع التي ظهرت فيه وأوجبت وضع علوم الكلام، فقد ظهر فيه المعتزلة والمشبهة والقدرية والجبرية أو المجبرة والمرجئة والحرورية والنجارية والجهمية والرفضية والخوارج. وكل فرقة من هذه الفرق انقسمت إلى فرق صغرى وشيع.
अज्ञात पृष्ठ