وطالت حيرتي بين العمل فيها والعمل في غيرها، وأين يكون العمل في غيرها؟
إنه التدريس ولا شيء غيره ... فإن لم يتيسر في المدارس الأهلية، فقد يتيسر بإعطاء الدروس الخصوصية، وأما وظيفة الحكومة فهيهات الآن «هيهاتين» لا هيهات واحدة ... لأنني كنت قبل اشتغالي بالصحافة أتنحى عن وظيفة الحكومة لنفوري منها ... فالآن أطلبها - إن طلبتها - ولا أظفر برضاها، بعد أن ثبت اسمي في سجلات الحكومة بين أسماء القائمة السوداء، وبعد أن صار الغضب على الصحافة والصحفيين غنيا عن الأسباب ...
ولا بد من عمل عاجل على أية حال؛ لأن تكاليف المعيشة على الشاب الذي لا يكسب رزقه من وظيفة، ولا من مورد يملكه، ضرورة ملحة لا تحتمل الإرجاء من يوم إلى يوم ... ولا نقول: من أسبوع إلى أسبوع.
وكرهت نفسي أن ألجأ إلى أحد من الميسورين من أهلي، وهم غير قليلين بحمد الله.
وكرهت نفسي أن ألجأ إليهم؛ لأنني تحديتهم جميعا وخيبت رجاءهم قاطبة بالخروج من الخدمة الأميرية، بعد أن وصلت إليها بين مزدحم الطلاب المتهافتين عليها، وشق علي أن أرفض نصيحتهم ثم أسعى إليهم لألتمس معونتهم، وخيل إلي أنهم قائلون بلسان الحال إن لم يقولوا بلسان المقال: إنك أعرضت عنا وذهبت إلى الصحافة ... فأمامك اليوم صحافتك العزيزة، فخذ منها ما تعطيك ...!
وإلى أين يوجد العمل، ما العمل؟
تبين لي بعد قليل أن المصرف الأكبر بالأمس صالح أن يكون اليوم موردي الأكبر، إن لم يكن موردي الوحيد ...
هذه الكتب الكثيرة لم لا تباع إلى أن تتجدد القدرة على شرائها، إن تجددت الحاجة إليها؟ ...
إنها الآن تعد بالمئات بعد الإقبال على شرائها نحو ثلاث سنوات ... وليس من المنظور أن تباع بثمن الشراء مع الحاجة الملحة إلى البيع السريع، ولكنها تباع بما يكفي لقوت اليوم واليومين والأسبوع ... وقد تكفي خمسة قروش لقوت اليوم في تلك الفترة، ولا علينا من أجرة البيت وأمثالها من النفقة المتجمعة، التي تقبل التأجيل زمنا طويلا أو غير طويل ...
ولقد كان موردا نافعا قد يمتد فيسعفنا - مع الدروس الخصوصية - بضعة شهور ...
अज्ञात पृष्ठ