وقطع الحسن عليه السلام شوطا من طفولته مع جده الرسول صلى الله عليه وآلهوسلم حتى توسعت مداركه ونمت ملكاته ، وهو ناعم البال قرير العين ، يستقبل الحياة كل يوم بثغر باسم وبهناء وسعادة ، يرى من جده صلى الله عليه وآلهوسلم الحنان والعطف ، ومن مشيخة الصحابة التعظيم والتكريم ، وقد رأى عليه السلام ما منح به الاسلام من التوسع وكثرة الغزوات حتى دخل الناس في دين الله افواجا افواجا ، فقد تحطمت عروش الشرك واندحرت قوى الالحاد ، وغزت الجيوش الاسلامية مكة التي هي اعز بلد وامنعه في الجزيرة العربية ، وقام الاسلام وهو عبل الذراع مفتول الساعد شامخ الكيان وسرت موجات فتحه الى أغلب شعوب الأرض ، وقد غمرت قلوب المسلمين المسرات على هذا النصر الذي أعزهم الله وأيدهم به وكان أشد المسلمين فرحا واعظمهم سرورا بهذه الانتصارات التي حققها الاسلام أهل البيت.
ولكن لم تدم لهم الحالة الهانئة فقد عبس الزمن فى وجوههم ، واكفهر ، وغزا قلوبهم بخوف غامض وحزن بهيم فقد آن للرسول صلى الله عليه وآلهوسلم أن يفد على الله ، وينتقل الى حظيرة القدس ، وقد بدت له طلائع الرحيل وامارات الانتقال وهي :
1 وكانت أول النذر بمغادرته لهذه الحياة نزول الوحي عليه بهذه الآية ( إنك ميت وإنهم ميتون ) وقد اثارت كوامن التوجس في نفسه فقد سمعه المسلمون ينعى نفسه ويقول :
« ليتنى اعلم متى يكون ذلك؟ »
ونزلت عليه بعد هذه الآية سورة « النصر » فكان يسكت بين التكبير والقراءة ويقول :
« سبحان الله وبحمده ، استغفر الله واتوب إليه »
पृष्ठ 97