وأورع، لا معتفي رفده
يخيب، ولا جاره يهتضم
ذلول الدماثة صعب الإباء
ثقيف العزيم إذا ما اعتزم
ظفر جاسوس ابن عبدوس بكل هذا، ودون كلماته التي كان ينثرها جزافا في مجالس المظفر، ولونها بما شاء له فنه واقتضته صناعته، وذهب به إلى صاحبه فزاد فيه ابن عبدوس ما أراد - وما آفة الأخبار إلا رواتها - وملأ به صدر ابن جهور، وكان رجلا أذنا يلقي السمع لكل واش، وينصت إلى كل نمام. وعاد ابن زيدون بعد شهرين فلحظ في ابن جهور انصرافا عنه، وفتورا عند لقائه، ورأى أن الابتسام أصبح جهومة، والثقة أضحت شكا، والميل صار مللا. فبعث إليه بقصيدة فيها استعطاف، وفيها تهديد، وفيها شمم وإباء. منها:
مالي وللدنيا؟ غررت من المنى
فيها ببارقة السراب الخادع
ما إن أزال أروم شهدة عاسل
حميت مجاجتها بإبرة لاسع
من مبلغ عني البلاد إذا نبت
अज्ञात पृष्ठ