فترى الأحاديث المذكورة أولا تخالف ظاهر رواية المصنف رحمه الله حيث جعلت الخير في قرن النبي عليه السلام وقرنين بعده، والأحاديث المذكورة آخرا ليس فيها تعيين، لأن الخبر المذكور فيها يصح في كل قرن، وأما ما ذكره المصنف فلعل المراد به الإشارة إلى قوم معينين كالرستميين مثلا لقوله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى: {فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه}الآية [المائدة:54] ، "من رهطك يا سلمان"، ولقوله أيضا: "لو تعلق الدين بالثريا لنالته رجال من الفرس" أو كما قال. أو يكون المراد بتفضيلهم على غير من عينت لهم الخيرية في القرون الثلاثة، والله أعلم بحقيقة التأويل، فليحرر.
ثم رأيت صاحب المواهب يذكر في المسألة قولين وأن مذهب الجمهور تفضيل قرنه صلى الله عليه وسلم على غيره، حيث قال بعد قوله صلى الله عليه وسلم "خير الناس قرني" الحديث، ما نصه: "وهذا يدل على أن أول هذه الأمة أفضل ممن بعدها، وإلى هذا ذهب معظم العلماء، إلى أن قال: وذهب أبو عمر وابن عبد البر إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة أفضل ممن كان في جملة الصحابة، وأن قوله عليه السلام: "خير الناس قرني" ليس على عمومه بدليل ما يجمع القرن من الفاضل والمفضول، وقد جمع قرنه صلى الله عليه وسلم جماعة من المنافقين المظهرين للإيمان، وأهل الكبائر الذين أقام عليهم أو بعضهم الحدود.
पृष्ठ 45