حاشية ابن عابدين

Ibn Abidin d. 1252 AH
86

حاشية ابن عابدين

حاشية ابن عابدين

प्रकाशक

شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

संस्करण संख्या

الثانية

प्रकाशन वर्ष

1386 अ.ह.

प्रकाशक स्थान

مصر

قَبْلِي» وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَلَمْ يَظْهَرْ نَسْخُهُ فَفَائِدَةُ نُزُولِ الْآيَةِ تَقْرِيرُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ، وَتَأَتِّي اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ الَّذِي هُوَ رَحْمَةٌ. كَيْفَ وَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ حُكْمًا مَبْسُوطٍ فِي تَيَمُّمِ الضِّيَاءِ عَنْ فَوَائِدِ الْهِدَايَةِ، وَعَلَى ثَمَانِيَةِ أُمُورٍ كُلُّهَا مُثَنَّى طَهَارَتَيْنِ: الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَمُطَهِّرَيْنِ: الْمَاءُ وَالصَّعِيدُ، وَحُكْمَيْنِ: الْغَسْلُ وَالْمَسْحُ، وَمُوجِبَيْنِ: الْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ، وَمُبِيحَيْنِ: الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ وَدَلِيلَيْنِ: التَّفْصِيلِيُّ فِي الْوُضُوءِ وَالْإِجْمَالِيُّ فِي الْغُسْلِ، ــ [رد المحتار] وَأُجِيبَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ الْخَاصَّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ لَا أَصْلُ الْوُضُوءِ، وَبِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا ثَبَتَ لِلْأَنْبِيَاءِ يَثْبُتُ لِأُمَمِهِمْ، يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ قِصَّةِ سَارَةَ مَعَ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَمَّا هَمَّ بِالدُّنُوِّ مِنْهَا قَامَتْ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، وَمِنْ قِصَّةِ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ أَنَّهُ قَامَ فَتَوَضَّأَ، قِيلَ يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ. أَقُولُ: حَيْثُ ثَبَتَ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ لِلْأَنْبِيَاءِ بِحَدِيثِ هَذَا وُضُوئِي إلَخْ، فَحَمْلُ الْوُضُوءِ الثَّابِتِ لِأُمَمِهِمْ بِالْقِصَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَلَى اللُّغَوِيِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفَرْقِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى بَقَائِهِ، أَمَّا لَوْ نَصَّ عَلَيْنَا مُقْتَرِنًا بِالْإِنْكَارِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا﴾ [الأنعام: ١٤٦]- الْآيَةَ فَإِنَّهُ أَنْكَرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى - ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ﴾ [الأنعام: ١٤٥]- الْآيَةَ وَكَتَحْرِيمِ السَّبْتِ، أَوْ ظَهَرَ نَسْخُهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ كَالتَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا يَكُونُ شَرْعًا لَنَا، بِخِلَافِ نَحْوِ - ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا﴾ [المائدة: ٤٥]- وَنَحْوُ صَوْمِ عَاشُورَاءَ. (قَوْلُهُ: فَفَائِدَةُ نُزُولِ الْآيَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ الْوُضُوءُ فُرِضَ بِمَكَّةَ مَعَ فَرْضِيَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَيْضًا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا فَقَدْ ثَبَتَتْ فَرْضِيَّتُهُ فَمَا فَائِدَةُ نُزُولِ آيَةِ الْمَائِدَةِ؟ أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: تَقْرِيرُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ) أَيْ تَثْبِيتُهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً بَلْ تَابِعًا لِلصَّلَاةِ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَهْتَمَّ الْأُمَّةُ بِشَأْنِهِ، وَأَنْ يَتَسَاهَلُوا فِي شَرَائِطِهِ وَأَرْكَانِهِ بِطُولِ الْعَهْدِ عَنْ زَمَنِ الْوَحْيِ وَانْتِقَاصِ النَّاقِلِينَ يَوْمًا فَيَوْمًا، بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ الْمُتَوَاتِرِ الْبَاقِي فِي كُلِّ زَمَانٍ وَعَلَى كُلِّ لِسَانٍ. اهـ. دُرَرٌ. (قَوْلُهُ: وَتَأَتِّي) مَصْدَرُ تَأَتَّيْ مَعْطُوفٌ عَلَى " تَقْرِيرُ ". (قَوْلُهُ: اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ) أَيْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي النِّيَّةِ وَالدَّلْكِ وَالتَّرْتِيبِ وَنَقْضِهِ بِالْمَسِّ وَقَدْرِ الْمَمْسُوحِ. (قَوْلُهُ: عَلَى نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ حُكْمًا) مِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ إرَادَتُهُ وَاقْتِضَاءُ اللَّفْظِ إيجَابَ الْغُسْلِ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْكَمٌ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْإِسَالَةُ دُونَ الْمَسْحِ بِلَا اشْتِرَاطِ الدَّلْكِ وَلَا النِّيَّةِ وَلَا التَّرْتِيبِ وَلَا الْوَلَاءِ، وَجَوَازُ مَسْحِ الرَّأْسِ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ، وَدَلَالَتُهَا عَلَى بُطْلَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ، وَعَلَى جَوَازِ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ، وَعَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَيْسَ بِفَرْضٍ، وَعَلَى تَعْمِيمِ الْبَدَنِ فِي الْغُسْلِ، وَعَلَى وُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِيهِ، وَعَلَى وُجُوبِ التَّيَمُّمِ لِمَرِيضٍ خَافَ الضَّرَرَ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَعَلَى جَوَازِهِ لِخَائِفِ سَبُعٍ وَعَدُوٍّ، وَعَلَى جَوَازِهِ لِلْجُنُبِ، وَعَلَى أَنَّ نَاسِيَ الْمَاءِ يَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ، وَعَلَى أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ خِلَالَ الصَّلَاةِ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ، وَعَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ نَبِيذِ التَّمْرِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ ابْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. قَالَ: وَإِنَّمَا اقْتَصَرْنَا عَلَى ذَلِكَ لِاسْتِبْعَادِ بَعْضِهَا وَتَقَارُبِ بَعْضِهَا الْبَعْضَ. (قَوْلُهُ: كُلُّهَا) أَيْ الثَّمَانِيَةُ أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِيهِ شَيْئَانِ فَالْجُمْلَةُ سِتَّةَ عَشَرَ ط. (قَوْلُهُ: طَهَارَتَيْنِ) تَثْنِيَةُ طَهَارَةٍ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ ط. (قَوْلُهُ: الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦]- وَقَوْلُهُ - ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦]-. (قَوْلُهُ: الْمَاءُ وَالصَّعِيدُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ - ﴿فَاغْسِلُوا﴾ [المائدة: ٦]- لِأَنَّ الْغَسْلَ بِالْمَاءِ، وَقَوْلُهُ - ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا﴾ [المائدة: ٦]-. (قَوْلُهُ: وَحُكْمَيْنِ) تَثْنِيَةُ حُكْمٍ بِمَعْنَى مَحْكُومٍ بِهِ: أَيْ مَأْمُورٍ بِهِ ط. (قَوْلُهُ: وَمُوجِبَيْنِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ فَإِنَّهُمَا مُوجِبَانِ لِلطَّهَارَةِ ط أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْحَدَثَ هُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: الْحَدَثُ) أَيْ الْأَصْغَرُ فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [المائدة: ٦]- وَالْجَنَابَةُ: أَيْ الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا﴾ [المائدة: ٦]-. (قَوْلُهُ: وَمُبِيحَيْنِ) أَيْ لِلتَّرَخُّصِ بِالتَّيَمُّمِ. (قَوْلُهُ: الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [المائدة: ٦]-. (قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَالِيُّ) أَيْ فِي قَوْله تَعَالَى

1 / 91