بلا أثر، وذهب رواؤه فعاد خلافه بلا ثمر، حتى طارت بقية آثار السلف أدراج الرياح، ...
===
(وقوله: بلا أثر) أى: بلا فائدة؛ وذلك لعدم وقوف متعاطيه على حقائق أسراره فيتكلمون بظواهره.
(قوله: وذهب رواؤه) بضم الراء والمد أى منظره الحسن، استعارة للطائفه على طريق المصرّحة، أو شبه الفن بإنسان ذى منظر حسن، بجامع الرغبة فى كل على طريق المكنية، وإثبات الرواء تخييل إما باق على حقيقته لم يقصد به إلا تقوية الاستعارة، أو استعارة لمسائله اللطيفة وأسراره، وذهابها بذهاب من يعرفها لا بنسيانها.
(قوله: فعاد) أى: فصار ذلك الفن، أى: صار التكلم فيه خلافا، أو صار ذلك الفن محل خلاف، أو فى الكلام مبالغة. (وقوله: بلا ثمر) أى: فائدة، ويحتمل أن الكلام فيه تشبيه بليغ بحذف الكاف أى: فصار ذلك الفن كخلاف أى: كشجر الخلاف وهو المسمى بالصفصاف، وهو لا ثمر له؛ وعلى هذا فقوله: (بلا ثمر) بيان للواقع، ثم إنّ هذه السجعة بمعنى ما قبلها لكن الخطب محل إطناب.
(قوله: حتى طارت ... إلخ) أى واستمر هذا الفن فى الاضمحلال شيئا فشيئا إلى أن طارت، ف" حتى" للانتهاء، ويصح أن تكون تعليلية، والسلف فى الأصل: من تقدّمك من آبائك، والمراد هنا علماء هذا الفن؛ لأنهم آباء فى التعليم، والمراد ببقية آثارهم ما بقى من فوائدهم وعلومهم أو ما بقى من تلامذتهم المقررين لقواعد هذا الفنّ الناشرين لها بالإفادة، وفى الكلام استعارة بالكناية حيث شبه بقية آثار أهل هذا الفن بطائر، وإثبات الطيران تخييل إما باق على حقيقته أو مستعار للذهاب.
(قوله: أدراج الرياح) الأدراج جمع درج بفتح الدال وسكون الراء، ودرج الكتاب طيّه، يقال: درج الكتاب درجا أى: طواه طيّا، والمراد بها الطرق، أى: ذهبت بقية آثار السلف فى طرق الرياح، ويلزم من ذلك عدم وجودها بالمرة؛ لأن عادة الريح أن تزيل ما مرت به فى طريقها، فعبر بالملزوم وأراد اللازم؛ وعلى هذا فالأدراج منصوبة على الظرفية، ويصح أن يراد بالأدراج الأحوال، وحال الرياح طيرانها وذهابها بسرعة؛ وعلى هذا فأدراج نصب على الحال على حذف مضاف، أى: طارت بقية آثار السلف
1 / 44