مقدرة البشر، وإنما هو شأن خالق القوى والقدر، وأن هذا الفن قد نضب اليوم ماؤه فصار جدالا ...
===
يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ (١) أى: منهم.
(قوله: مقدرة البشر) بضم الدال وفتحها مصدر ميمى بمعنى قدرتهم، وأما المقدرة بمعنى اليسار فبالضم لا غير.
(قوله: القوى) جمع قوة، والقدر جمع قدرة، وعطف القدر على القوى عطف خاص على عام؛ لصدق القوى بقوة السمع والبصر، ومعلوم أن خالق ما ذكر من القوى والقدر هو الله تعالى.
(قوله: وأن هذا الفن) عطف على قوله: (بأن مستحسن)، أى: ولعلمى بأن هذا الفن ... إلخ، أى: وحينئذ فالتعب فيه والاختصار ليس له كبير فائدة؛ لاضمحلاله وقلة المشتغلين به.
(قوله: قد نضب اليوم ماؤه) يقال: نضب الماء ينضب كقعد يقعد، إذا غار، شبّه ذهاب هذا الفن بنضوب الماء وغوره، بجامع عدم الانتفاع، واستعير النضوب للذهاب واشتق من النضوب نضب بمعنى ذهب، والماء ترشيح إما باق على حقيقته أو مستعار لمسائل هذا الفن، أو شبه مسائل الفن النفيسة بالماء بجامع أن كلّا سبب فى الحياة، واستعار اسم المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة المصرحة، ونضب ترشيح إما باق على حقيقته أو مستعار ل" ذهب" على طريق التبعية، أو شبّه الفن بنهر تشبيها مضمرا فى النفس على طريق المكنية، والماء تخييل، والنضوب ترشيح، وهما إما باقيان على حقيقتهما لم يقصد بهما إلا تقوية الاستعارة، أو الماء مستعار للمسائل والنضوب للذهاب، ومعنى التركيب:
وأن هذا العلم قد ذهب مسائله الحسان، وذهابها بذهاب أهل هذا الفن، ومراده ب" اليوم": زمان الشرح وما قرب منه مما قبله.
(قوله: فصار) أى ذلك الفن جدالا أى:
خصومة، أى: صار التكلم فيه جدالا، أو صار الفن محل جدال، فلا بد من تقدير فى الكلام، وإلا فالفن ليس جدالا اللهم إلا أن يكون جعله جدالا قصدا للمبالغة،
_________
(١) الشورى: ٢٥.
1 / 43