367

हाशिया उपर तफसीर बैदावी

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

शैलियों

تعالى: يدعون ربهم خوفا وطمعا [السجدة: 16] يرجون رحمته ويخافون عذابه أو من مفعول خلقكم والمعطوف عليه على معنى أنه خلقكم ومن قبلكم في صورة من يرجى ثواب التقوى وفيه من البعد ما لا يخفى. انتهى كلامه. فإنه ذكر ما ذكره المصنف ثم رده وأنت خبير بأن هذا الاعتراض إنما يرد على تقدير أن يجعل قوله: الذي جعل لكم الأرض موصولا «لربكم» كما ذكر، ولا يجب ذلك بل جاز أن يكون مبتدأ وأن يكون قوله: «فلا تجعلوا» خبرا له.- كما سيأتي- وأن يكون مفعول «تتقون». وأما قوله: «على أن تقييد العبادة برجاء التقوى ليس له كثير معنى» فهو مندفع بقول المصنف: «الفائزين بالهدى والفلاح» إلى آخره لانتفاء كثير المعنى إنما هو على تقدير أن يراد بالتقوى مطلق التقوى وهو التوقي عما يضره في الآخرة شركا كان أو معصية، وليس كذلك بل حمله على ما هو أقصى مراتب التقوى وهو المرتبة الثالثة التي ذكرها المصنف فيما سبق بقوله: «والثالثة أن يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويتبتل إليه بشراشره» إلى آخره، فيكون المأمور به هو العبادة المقترنة برجاء التقوى الذي هو منتهى درجات السالكين ومثمر للفوز بالهدى في الدنيا وبالفلاح في العقبى الذين يفيد أن الاستحقاق لجوار الله تعالى أي للتقرب منه والقبول عنده. فإن كل مرتبة من مراتب التقوى وإن كانت مثمرة للفوز بالهدى والفلاح إلا أن المرتبة التي تثمر الفوز بالهدى والفلاح الموصوفين بكونهما مفيدين ومستتبعين لأعلى المطالب وهو شرف التقرب منه تعالى والقبول عنده إنما هي المرتبة الثالثة، وما قبلها من المراتب كالتحلي بالعبادات وسيلة إليها فكأنه قيل: اعبدوه راجين أن تتقوه أو تتبرؤوا عما سواه مائلين بشراشركم إليه.

وظاهر أن له معنى كثيرا منه أنه تعالى نبه به على أن تلك المرتبة من مراتب التقوى منتهى درجات السالكين، ونبه به أيضا على أن العابد ينبغي أن يقرنه بعبادته ولا يقطع تبتله إلى مرتبة التقوى المفيدة للقرب والقبول عنده تعالى. وذلك لأنه تعالى جعل المقترن بحال العبادة رجاء حصول تلك المرتبة لا نفس حصولها وذلك كما ينبه على أن حصولها منتهى مراتب العابدين ينبه أيضا على أن حصولها أمر متوقع غير مقطوع.

قوله: (أو من مفعول خلقكم) عطف على قوله: «من الضمير في اعبدوا» أي فإنه حال من مفعول «خلقكم» ومن الذي عطف هو عليه وهو قوله: والذين من قبلكم. قوله:

(في صورة من يرجى) حال من مفعول «خلقكم» مع ما عطف عليه أي خلقكم ومن قبلكم والحال أنكم وإياهم كائنون في صورة من يرجى منه التقوى وقوله: «لترجح أمر التقوى» علة لكونهم في صورة من يرجى منه التقوى. وأراد بأسبابه النعم الظاهرة والباطنة وما نصبه من الأدلة العقلية الموجبتين له. وأراد بالدواعي ما وعد به وأوعد من المرغبات في الطاعات والزواجر عن المعاصي والمخالفات، وكلمة «لعل» على هذا أيضا حقيقة في معناها الذي هو

पृष्ठ 373