हाशिया उपर तफसीर बैदावी
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
शैलियों
وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا بيان لمعاملتهم مع المؤمنين والكفار وما صدرت به القصة فمساقه لبيان مذهبهم وتمهيد نفاقهم فليس بتكرير. روي أن ابن أبي وأصحابه استقبلهم نفر من الصحابة فقال لقومه: انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم.
والمشاعر الظاهرة. ولما كان حال المنافقين أن لا يحصل لهم هذا الإدراك الجاري مجرى الشعور لكفاية أدنى النظر والالتفات في حصوله وأريد بيان حالهم، كان المناسب أن يسلب عنهم الشعور بذلك إشعارا بأنهم أنزل مرتبة من البهائم بخلاف الإدراك المتعلق بأمر الدين والتمييز بين الحق والباطل فإنه خفي يفتقر حصوله إلى نطر وتفكر، فإذا أريد بيان حالهم وسخافة رأيهم وقصر حالهم على السفاهة المحضة كان المناسب أن يبين ذلك بأن يقال «لا يعلمون» جريا على مقتضى الظاهر لأنه علم استدلالي يحتاج إلى نظر وفكر ليس منزلا منزلة الإحساس حتى ينفي عنهم ذلك بأن يقال «لا يشعرون».
قوله: (بيان لمعاملتهم مع المؤمنين والكفار) لما صدر الآيات الواردة في حق المنافقين بقوله: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين علم منه إجمالا أنهم أبطنوا الكفر وأظهروا الإيمان ولم يعلم طريق ذلك الإظهار والإبطان ولا كيفية معاملتهم مع المؤمنين والكفار بين ذلك بإنزال هاتين الشرطيتين. قوله: (وما صدرت به القصة) وهو قوله تعالى: ومن الناس من يقول آمنا بالله الآية وهو جواب عما يتوهم من أن قوله تعالى:
وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا تكرار لما سبق من قوله: ومن الناس من يقول آمنا لاشتراكهما في الدلالة على إظهارهم الإيمان عند المؤمنين وليسوا بالمؤمنين. ومحصول الجواب أنهما وإن كانا متحدين ظاهرا لكنهما متباينان في الغرض المسوق له الكلام، فإن هذه الآية مسوقة لبيان معاملتهم مع المؤمنين وأهل دينهم وتلك مسوقة لبيان نفاقهم. قال الشريف المحقق نور الله مرقده في تقرير السؤال: والجواب يعني أنه إذا نظر إلى جزاء الشرطية الأولى وهي قوله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا توهم أن هناك تكرارا لما صدرت القصة به، وإذا لوحظ أنه مقيد بلقائهم المؤمنين و «إن» الشرطية الثانية معطوفة على الأولى لا على أن كلا منهما شرطية مستقلة كالشرطيتين السابقتين بل على أنهما بمنزلة كلام واحد ظهر أن هذه الآية سيقت لبيان معاملتهم مع المؤمنين وأهل دينهم كما أن صدر القصة مسوق لبيان نفاقهم فاضمحل ذلك التوهم. إلى هنا كلامه. قيل: ويمكن أن يدفع ما يتوهم من التكرار بوجه آخر وهو أن مراد المنافقين بقولهم السابق آمنا بالله وباليوم الآخر الإخبار عن إحداث الإيمان وبقولهم: ههنا آمنا الإخبار عن إحداث الإخلاص في الإيمان، وأيد هذا الوجه بقول الإمام: قوله تعالى: قالوا آمنا المراد به أخلصنا بالقلب. والدليل عليه وجهان: الأول أن الإقرار باللسان كان معلوما منهم فما كانوا يحتاجون إلى بيانه إنما
पृष्ठ 292