हाशिया उपर तफसीर बैदावी
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
शैलियों
الرسول عليه الصلاة والسلام بقلوبهم وإذا خلوا إلى شطار دينهم أو من كذب الذي هو للمبالغة أو للتكثير مثل بين الشيء ومؤنث البهائم، أو من كذب الوحشي إذا جرى شوطا ووقف لينظر ما وراءه، فإن المنافق متحير متردد. والكذب هو الخبر عن الشيء على نقيض صدقه. فالمعنى على القراءة الأولى تكذيبهم في قولهم: (آمنا) وعلى هذه القراءة تكذيبهم الرسول بقلوبهم وبألسنتهم أيضا إذا خلوا إلى شياطينهم. وحذف مفعول «يكذبون» إما لرعاية الفاصلة أو لقصد التعميم والتنبيه على أنهم يكذبون جميع ما يجب أن يصدق من الأخبار المتعلقة بالاعتقاد أو لمجرد الاختصار اعتمادا على القرينة الدالة على أن المراد تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن شأن اليهود العناد وتكذيب من كان كائنا من كان. قوله: (وإذا خلوا إلى شطار دينهم) عطف على قوله: «بقلوبهم وألسنتهم وإذا خلوا» وفي البعض النسخ «وإذا خلوا إلى شياطينهم» ويقال: الشيطان لمن غلا في الضلال، ويقال: خلوت إلى فلان إذا اجتمعت معه في خلوة. قوله: (أو من كذب الذي هو للمبالغة أو للتكثير) فإن بناء فعل بالتشديد قد يكون للمبالغة في فعل بالتخفيف بحسب الكيفية أي للدلالة على أن الفعل الصادر من الفاعل قوي شديد بالغ أقصى درجات الكمال، وقد يكون للدلالة على كثرة الفعل وزيادته بحسب الكمية والعدد. فمعنى «يكذبون» على الأول يكذبون كذبا عظيما وعلى الثاني يكذبون كذبا كثيرا من جهة كثرة الفاعلين كما في قولهم: موتت البهائم فإن بناء فعل فيه لتكثير الفعل من جهة الفاعل، وفي قولهم: بين الشيء للدلالة على كمال تبين الشيء وقوة ظهوره واتضاحه. فالمثالان من قبيل اللف والنشر المرتب. فإن قوله: «بين الشيء» مثال لكون بناء التفعيل للمبالغة وقوله: «وموتت البهائم» مثال لكونه للتكثير وكلمة «أو» في قوله: «أو للتكثير» لمنع الخلو إذ لا منافاة بين المبالغة والتكثير الذي هو المبالغة بحسب الكم، فإن صاحب الكشاف في سورة مريم في تفسير قوله تعالى: إنه كان صديقا نبيا [مريم: 41] قال: الصديق من أبنية المبالغة ونظيره الضحيك والنطيق، والمراد كثرة ما صدق به من غيوب الله تعالى وآياته وكتبه ورسله أو كان بليغا في الصدق لأن ملاك النبوة الصدق. قوله: (أو من كذب الوحشي إذا جرى شوطا) أي مسافة وميدانا قريبا كان أو بعيدا. وفي الحواشي الشريفية: قولهم:
كذب الوحشي مجاز مأخوذ من كذب الذي بمعنى التعدية كأنه يكذب رأيه وظنه فيقف لينظر ما وراءه، ولما كثر استعماله في هذا المعنى وكانت حال المنافق شبيهة به جاز أن يستعار منه لها. إلى هنا كلامه. أي شبه تردد المنافق بين الدينين وإظهاره الإيمان خوفا وحذرا ثم تفكره في لحوق ما يخاف منه به أي هو الإخبار عن المحكوم عليه بأنه على وجه يكون ذلك الوجه خلاف الوجه الذي ذلك المحكوم عليه ملابس بذلك الوجه في
पृष्ठ 278