हाशिया उपर तफसीर बैदावी
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
शैलियों
بعضها بانقضاء البعض ضرورة امتناع التكلم بالحرف الثاني بدون انقضاء الحرف الأول، ولا شك أن حدوث الحروف يستلزم حدوث ما يتركب منها. ومنها ما ذكروه من اشتمالها على صيغ الماضي المسبوقة بغيرها. والحنابلة وافقوا المعتزلة في أن كلامه تعالى مؤلف من الأصوات والحروف وخالفوهم بأن قالوا إنه قديم قائم بذاته تعالى، حتى قال بعضهم من غاية جهلهم: إن الجلد والغلاف أيضا قديمان والكرامية وافقوا الحنابلة في أن كلامه تعالى مركب من الأصوات والحروف وسلموا كونها حادثة ولكنهم زعموا أنها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث بذاته تعالى. وكلهم اتفقوا على نفي الكلام النفسي ونحن نثبته ونقول: إنه قديم قائم بذاته تعالى، ونثبت الكلام اللفظي الدال على ذلك المعنى الأزلي ونقول: إنه حادث قائم بغير ذاته وإن كلام الله تعالى اسم مشترك بين الكلام النفسي القديم وبين اللفظي الحادث كما مر. وإذا عرفت ما ذكرناه من التفصيل ظهر لك أن احتجاج المعتزلة على حدوث الكلام اللفظي إقامة للدليل على ما لا نزاع فيه بيننا وبينهم وهو حدوث الكلام اللفظي، فإن النزاع بيننا وبينهم إنما هو في إثبات الكلام النفسي ونفيه. فإنا لم نقل بقدم الكلام اللفظي كما ذهب إليه الحنابلة حتى يكون الاحتجاج على حدوثه مضرا لنا وإبطالا لما ذهبنا إليه، إلا أن يقال بنى المصنف كلامه على المقالة المفردة المخالفة لما اشتهر بين أصحابنا من حدوث الكلام اللفظي واختار أنه أزلي قائم بذاته تعالى لانتفاء ما يقتضي حدوثه وهو كونه مرتب الأجزاء في نفسه بحيث يكون حدوث بعضها مشروطا بانتفاء البعض، فإن ذلك مقصور على الكلام الحسي القائم بالمخلوق فإن آلتهم لا تساعدهم على التلفظ بالحروف التي هي مادة كلامهم إلا مرتبة لا اللفظ القديم القائم بذاته لا يحتاج إلى الآلة فلا يكون حادثا مرتب الأجزاء في نفسه اللفظ القائم بذاته تعالى كذلك. فقول المصنف: «وأجيب بأنه مقتضى التعلق» معناه أن ما وقع في القرآن من صيغ الماضي وإن كان حادثا مسبوقا بوقوع النسبة قبل الإخبار عنها بها إلا أن ذلك مقتضى التعلق أي مبني على تعلق الخبر الأزلي بتلك النسبة بعد وقوعها. فإن الكلام الأزلي في نفسه وإن كان على صورة الماضي إلا أنه إخبار محض غير مقيد بزمان ولا مكان كذات الباري سبحانه وتعالى فلا يستدعي كونه مسبوقا بوقوع النسبة لأن كلامه في الأزل لا يتصف بكونه ماضيا أو حالا أو مستقبلا لعدم الزمان فيه. ثم إذا وجد الزمان ووقعت النسبة فحينئذ يحدث للكلام الأزلي الكائن على صورة الماضي تعلق بتلك النسبة الواقعة فيتصف الخبر الأزلي حينئذ بكونه ماضيا مسبوقا بوقوع النسبة فيكون حادثا مسبوقا بالعدم بناء على حدوث تعلقه بتلك النسبة بعد وقوعها. ولا يلزم من حدوث التعلق حدوث الكلام المتعلق بتلك النسبة المتجددة الحادثة
पृष्ठ 222