हाशिया काला सुनन अबी दाऊद
حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)
प्रकाशक
دار الكتب العلمية
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
1415 - 1995
प्रकाशक स्थान
بيروت
शैलियों
نعم لو أن النبي قال هذا اللفظ ابتداء من غير سؤال لاندفع هذا الاحتمال
الرابع أن حاجة الأمة حضرها وبدوها على اختلاف أصنافها إلى معرفة الفرق بين الطاهر والنجس ضرورية فكيف يحالون في ذلك على مالا سبيل لأكثرهم إلى معرفته فإن الناس لا يكتالون الماء ولا يكادون يعرفون مقدار القلتين لا طولهما ولا عرضهما ولا عمقهما فإذا وقعت في الماء نجاسة فما يدريه أنه قلتان وهل تكليف ذلك إلا من باب علم الغيب وتكليف ما لا يطاق فإن قيل يستظهر حتى يغلب على ظنه أنه قلتان قيل ليس هذا شأن الحدود الشرعية فإنها مضبوطة لا يزاد عليها ولا ينقص منها كعدد الجلدات ونصب الزكوات وعدد الركعات وسائر الحدود الشرعية
الخامس أن خواص العلماء إلى اليوم لم يستقر لهم قدم على قول واحد في القلتين فمن قائل ألف رطل بالعراقي ومن قائل ستمائة رطل ومن قائل خمسمائة ومن قائل أربعمائة
وأعجب من هذا جعل هذا المقدار تحديدا فإذا كان العلماء قد أشكل عليهم قدر القلتين واضطربت أقوالهم في ذلك فما الظن بسائر الأمة ومعلوم أن الحدود الشرعية لا يكون هذا شأنها
السادس أن المحددين يلزمهم لوازم باطلة شنيعة جدا
منها أن يكون ماء واحد إذا ولغ فيه الكلب تنجس وإذا بال فيه لم ينجسه ومنها أن الشعرة من الميتة إذا كانت نجسة فوقعت في قلتين إلا رطلا مثلا أن ينجس الماء ولو وقع رطل بول في قلتين لم ينجسه ومعلوم أن تأثر الماء بهذه النجاسة أضعاف تأثره بالشعرة فمحال أن يجيء شرع بتنجس الأول وطهارة الثاني
وكذلك ميتة كاملة تقع في قلتين لا تنجسها وشعرة منها تقع في قلتين إلا نصف رطل أو رطلا فتنجسها إلى غير ذلك من اللوازم التي يدل بطلانها على بطلان ملزوماتها وأما جعلكم الشيء نصفا ففي غاية الضعف فإنه شك من بن جريج
فيا سبحان الله يكون شكه حدا لازما للأمه فاصلا بين الحلال والحرام والنبي قد بين لأمته الدين وتركهم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها فيمتنع أن يقدر لأمته حدا لا سبيل لهم إلى معرفة إلا شك حادث بعد عصر الصحابة يجعل نصفا احتياطيا وهذا بين لمن أنصف
والشك الجاري الواقع من الأمة في طهورهم وصلاتهم قد بين لهم حكمه ليندفع عنهم باليقين فكيف يجعل شكهم حدا فاصلا فارقا بين الحلال والحرام ثم جعلكم هذا احتياطا باطل لأن الاحتياط يكون في الأعمال التي يترك التكلف منها عملا لآخر احتياطا وأما الأحكام الشرعية والإخبار عن الله ورسوله فطريق الاحتياط فيها أن لا يخبر عنه إلا بما أخبر به ولا يثبت إلا ما أثبته
ثم إن الاحتياط هو في ترك هذا الاحتياط فإن الرجل تحضره الصلاة وعنده قلة @ ماء قد وقعت فيها شعرة ميتة فتركه الوضوء منه مناف للاحتياط
पृष्ठ 87