.......................................................................................
ــ
على الأول من حيث الحكم، وعلى الثاني من حيث الكيف، وقيل: فعلان لمبالغة الفعل فيفيد جلالة الفعل، وفعيل: لمبالغة الفاعل فيفيد التكرار مرة بعد أخرى، ففي كل منهما مبالغة ليست في الآخر تتمة ورود في الحديث: "إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض فجعل في الأرض منها واحدة فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطيور بعضها على بعض وأخر تسعا وتسعين، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة". رواه أحمد، وروى البخاري في "كتاب التوحيد" من صحيحه عن أبي هريرة فيما يرويه رسول الله ﷺ عن ربه ﷿: "إن رحمتي سبقت غضبي" وفي رواية: "تغلب غضبي"، والمراد: بيان سعة الرحمة وشمولها للخلق حتى كأنها السابق والغالب كما في "شرح المشكاة"، والمراد: السبق والغلبة باعتبار التعلق أي تعلق الرحمة غالب على تعلق الغضب؛ لأن الرحمة مقتضى ذاته المقدسة، والغضب متوقف على صدور ذنب من العبد. قوله: " الحمد لله "، قال بعضهم: إن الأحكام المذكورة في البسملة تقال في الحمدلة، فتارة يكون الإتيان بها واجبا أي فرضا كما في خطبة الجمعة، وتارة يكون مندوبا كما في خطبة النكاح ونحوها، وفي ابتداء الدعاء ولأمر ذي البال وبعد أكل وشرب ونحو ذلك، وتارة يكون مكروها كما في الأماكن المستقذرة، وتارة يكون حراما كما في حالة الفرح بالمعصية، وبعد أكل حرام إلا أن يقصد الحمد على حصول الغذاء من حيث هو المستلزم لقوة البدن اهـ. وذكر في الهندية من الخطر والإباحة أن الحمدلة بعد أكل الحرام لا تحرم فينزل على هذا، وقوله: كما في خطبة الجمعة يعني: إذا اقتصر عليها فإنها تجزئ وتقع فرضا لا أن لفظها متعين؛ لأنه لو اقتصر على تسبيحة أو تهليلة تجزئ وتقع فرضا، وتارة يكون سنة مؤكدة كما في الحمدلة بعد العطاس. قوله: " شرف خلاصة عباده " أي: المختارين من عباده الذين استخلصهم لحفظ الشريعة وهم العلماء غير الأنبياء، قوله: " بوارثة صفوته " الباء للسببية والمراد بالصفوة الأنبياء والإضافة فيه وفي عباده وعباده لتشريف المضاف. وقوله: " خير عباده " بدل من صفوته، وعباد جمع عابد من العبادة، والأول جمع: عبد، والمراد بالعلماء هم أهل السنة والجماعة وهم أتباع أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي ﵄، قال ﷺ: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"، وهؤلاء هم أهل العلوم الشرعية والإلهية من أهل السنة والجماعة؛ لأن الناس مع وجودهم آمنون من كل محنة وضلالة دينية، وقال ﷺ: "العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لا يورثون درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر". صححه جماعة، وفي رواية: "يحبهم أهل السماء وتستغفر لهم الحيتان في البحر وإنما العالم من عمل بعلمه"، وفي رواية أخرى: "أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد"، وفي رواية أخرى: "كاد حملة القرآن أن يكونوا أنبياء إلا أنهم لا
1 / 7