[مُقَدَّمَة الْكِتَاب]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ــ
[حاشية العطار]
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ قَالَ الشَّارِحُ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ كَمَا هُوَ مُخْتَارُ الزَّمَخْشَرِيِّ وَالتَّفْتَازَانِي أَوْ الِاسْتِعَانَةِ كَمَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي الْبَيْضَاوِيُّ أَوْ هِيَ صِلَةٌ لِلْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ وَعَلَيْهِ يَرِدُ مَا أَوْرَدُوهُ مِنْ التَّعَارُضِ بَيْنَ الْحَدَثَيْنِ وَمِمَّا أَجَابُوا بِهِ أَنَّ الزَّمَانَ الَّذِي اعْتَبَرُوهُ فِي مُقَارَنَةِ الْحَالِ لِوُقُوعِ مَضْمُونِ عَامِلِهَا جَعَلُوهُ أَعَمَّ مِمَّا لَا يَفْضُلُ عَمَّا وَقَعَ فِيهِ وَمَا يَفْضُلُ عَنْهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّلَبُّسَانِ فِي زَمَانٍ بِهَذَا الْمَعْنَى وَأَمْكَنَ وُقُوعُ الِابْتِدَاءِ فِي حَالِ التَّلَبُّسَيْنِ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ تَدَافُعِ الِابْتِدَاءَيْنِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِالْجِنَانِ أَوْ بِاللِّسَانِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ وَالْآخَرُ بِآخَرَ مِنْهَا أَوْ يَكُونُ مَعًا بِالْجِنَانِ لِجَوَازِ إخْطَارِ الشَّيْئَيْنِ مَعًا بِالْبَالِ قَالَ اللَّيْثِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ وَفِي كِلَيْهِمَا نَظَرٌ.
أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ مَعْنَى الْعُمُومِ الَّذِي اعْتَبَرَهُ النُّحَاةُ فِي مُقَارَنَةِ الْحَالِ لِلْعَامِلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَزْمَانٌ فَاصِلَةٌ عَنْ أَزْمَانٍ عَامِلَةٍ حَتَّى تَكُونَ مُقَارَنَتُهَا لَهُ بِبَعْضِهَا لَا بِتَمَامِهَا كَمَا فِي جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوبُ قَبْلَ الْمَجِيءِ مُمْتَدًّا إلَيْهِ وَبَاقِيًا بَعْدَهُ.
وَأَمَّا جَوَازُ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الرُّكُوبِ مُقَارِنًا لِلْمَجِيءِ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَفِي التَّسْمِيَةِ وَالتَّحْمِيدِ أَيُّهُمَا أُخِّرَ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُ مُقَارِنًا لِلِابْتِدَاءِ الَّذِي لَيْسَ لِزَمَانِهِ انْقِسَامٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّلَبُّسَ بِأَمْرٍ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ الْأَمْرِ فَلَوْ قَارَنَ بِالتَّسْمِيَةِ وَالتَّلَبُّسِ بِالتَّحْمِيدِ ذَلِكَ الِابْتِدَاءَ لَزِمَ وُقُوعُ ابْتِدَاءَيْنِ مُتَدَافِعَيْنِ.
وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالتَّحْمِيدَ الْمُعْتَدَّ بِهِمَا الْمَرْجُوُّ مِنْهُمَا حُصُولُ الْيُمْنِ وَالْبَرَكَةِ مَا يَكُونُ عَنْ قَلْبٍ حَاضِرٍ وَتَوَجُّهٍ تَامٍّ وَالْقَلْبُ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ التَّوَجُّهُ التَّامُّ إلَى شَيْئَيْنِ مَعًا مِثْلُ التَّسْمِيَةِ وَالتَّحْمِيدِ إلَّا نَادِرًا لِلْأَفْرَادِ الْمُتَجَرِّدِينَ بِالْكُلِّيَّةِ عَنْ الْعَوَائِقِ الْبَشَرِيَّةِ اهـ.
ثُمَّ إنَّ الْبَدْءَ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ إنَّمَا هُوَ فِي صَدْرِ الْفِعْلِ وَالْمَطْلُوبُ تَعْمِيمُ الْبَرَكَةِ فَمِنْ ثَمَّ رُجِّحَ تَقْدِيرُ الْمُتَعَلِّقِ خَاصًّا لِتَعُمَّ الْبَرَكَةُ سَائِرَ أَجْزَاءِ الْفِعْلِ فَتَقْدِيرُ أُؤَلِّفُ مُقْتَضٍ بِلَفْظِهِ صُحْبَةَ التَّأْلِيفِ لِمَا تَبَرَّكَ بِهِ لَكِنْ قَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِ أَبْتَدِئُ يُسَاوِي أُؤَلِّفُ مَثَلًا بِسَبَبِ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي هُوَ الْبَسْمَلَةُ أَوْ الْحَمْدَلَةُ لِمَا بُدِئَ بِهِ مَصْحُوبَ الْبَرَكَةِ عَلَى جَمِيعِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ ذَلِكَ إذْ فِيهِ الْحَضُّ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَمَا ذَاكَ إلَّا؛ لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي الْبِدَاءِ يَحْصُلُ هَذَا الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ اهـ.
وَقَدْ أَوْرَدَ سَمِّ هُنَا إشْكَالًا
1 / 2