الأمر سبب ولا حكمة، ولا صفة تقتضي التخصيص ببعض الأفعال دون بعض، بل ليس إلا مشيئة، نسبتها إلى جميع الحوادث سواء، ترجح أحد المتماثلين بلا مرجح.
فقيل لهم: فيجوز تأييد الكذاب بالمعجز، فلا يبقى المعجز دليلا على صدق الأنبياء. فلا يبقى خبر نبي يعلم به الفرق، فيلزم مع الكفر بالأنبياء ألا يعلم الفرق، لا بسمع ولا بعقل.
فاحتالوا للفرق بين المعجزات وغيرها، بأن تجويز إتيان الكذاب بالمعجزات يستلزم تعجيز الباري تعالى عما به يفرق بين الصادق والكاذب، أو لأن دلالتها على الصدق معلوم بالاضطرار، كما قد بسط الكلام على ذلك في غير هذا الموضع، وبين خطأ الطائفتين، وأن هؤلاء الذين اتبعوا جَهْمًا في الجبر ونفوا حكمة الله ورحمته، والأسباب التي بها يفعل، وما خلقه من القوى وغيرها هم مبتدعة مخالفون للكتاب والسنة وإجماع السلف، مع مخالفتهم لصريح المعقول.
كما أن القدرية النفاة مخالفون للكتاب والسنة وإجماع السلف، مع مخالفتهم لصريح المعقول.
فصل
والمقصود هنا الكلام على قوله: ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩]، وأن هذا يقتضي أن العبد لا يزال شاكرًا مستغفرًا.
وقد ذكر أن الشر لا يضاف إلى الله إلا على أحد الوجوه الثلاثة. وقد تضمنت الفاتحة للأقسام الثلاثة، هو سبحانه: الرحمن الذي وسعت
1 / 48