فمن احتج بالقدر على ما فعله من ذنوبه، وأعرض عما أمر الله به، من التوبة والاستغفار، والاستعانة بالله، والاستعاذة به، واستهدائه كان من أخسر الناس في الدنيا والآخرة. فهذا من فوائد ذكر الفرق بين الجمع.
فصل
الفرق الثالث: أن الحسنة يضاعفها الله وينميها، ويثيب على الهم بها، والسيئة لا يضاعفها، ولا يؤاخذ على الهم بها. فيعطى صاحب الحسنة من الحسنات فوق ما عمل، وصاحب السيئة لا يجزيه إلا بقدر عمله، قال تعالى: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ١٦٠] .
الفرق الرابع: أن الحسنة مضافة إليه؛ لأنه أحسن بها من كل وجه كما تقدم فما من وجه من وجوهها إلا وهو يقتضى الإضافة إليه.
وأما السيئة فهو إنما يخلقها بحكمة، وهى باعتبار تلك الحكمة من إحسانه، فإن الرب لا يفعل سيئة قط، بل فعله كله حسن وحسنات، وفعله كله خير.
ولهذا كان النبي ﷺ يقول في دعاء الاستفتاح: " والخير بيديك، والشر ليس إليك "، فإنه لا يخلق شرًا محضًا، بل كل ما يخلقه ففيه حكمة، هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس وهو شر جزئي إضافي، فأما شر كلى، أو شر مطلق، فالرب منزه عنه، وهذا هو الشر الذي ليس إليه.
وأما الشر الجزئي الإضافي، فهو خير باعتبار حكمته؛ ولهذا لا يضاف
1 / 44