हसद फलसफी
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
शैलियों
82
واستأنف هذا النقد في كتابه «بنية العقل العربي» الذي قدم فيه دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية على أساس من التحليل البنيوي. وينقسم المشروع إلى «جزأين منفصلين، ولكن متماثلين: جزء يتناول تكوين العقل العربي، وجزء يتناول تحليل بنية العقل العربي؛ الأول يهيمن فيه التحليل التكويني، والثاني يسود فيه التحليل البنيوي.»
83
وقد حدد الجابري الهدف من مشروعه النقدي للعقل العربي في «تبيان مكونات الثقافة العربية الإسلامية وفحصها ونقدها وصولا إلى إعادة بناء الذات العربية على أسس جديدة قوامها التخلص من رواسب النماذج السلبية الماضية.»
84
ومما لا شك فيه أن هذا المشروع هو جزء متميز من مشروع أكبر بدأه رواد النهضة العربية في أواخر القرن الماضي، وأوائل القرن العشرين، لخوض معركة التنوير التي شغلت أذهان كبار مفكري ومثقفي العالم العربي، ولكن مشروع النهضة أصيب بنكسة نتيجة زحف التيار السلفي الإسلامي، ولأسباب تاريخية وسياسية واجتماعية عديدة. وربما لهذا السبب أخذ الجابري على عاتقه مهمة تحرير العقل العربي من سلطة التفكير السلفي الرجعي المتزمت، ومن كل السلطات الموروثة التي قيدت انطلاقه إلى الحرية والتقدم. وقد تراوح تقييم مشروع الجابري ما بين الإعجاب به من ناحية، والمعارضة له من ناحية أخرى، فاعتبره البعض «من أبرز وأعمق المفكرين العرب الذين يتبنون النقد الإبستمولوجي للفكر العربي.»
85
وبينما استقبلت بعض الأوساط العربية مشروع الجابري على أنه «فتح جديد»، وأنه استطاع أن يرسم خريطة تضبط منطق التراث العربي الإسلامي ورؤيته، «رأت أوساط ثقافية عربية أخرى في ذلك الفتح والإنجازات التي ترتبت عليه تراجعا إلى وراء، ووجها مكرورا من أوجه إشكالية قديمة مأزومة، أو دعوة إلى صياغة أنساق مغلقة قد تفصح عن لا تاريخية فاضحة، في حين أعلن البعض أن الجابري لم يقدم أكثر من «تصنيف أكاديمي» لما قاله سابقوه، مع إفادته من المناهج الغربية»،
86
التي حاول زرعها في الواقع العربي وتكييفها مع بعض مفاهيم تراثه. •••
अज्ञात पृष्ठ