हसद फलसफी
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
शैलियों
57
وحديث ريكور عن العلاقة الحية بين النص والمفسر يجعله قريبا من المنهج الفينومينولوجي إلى حد كبير، كما يقربه أيضا من هيدجر أكبر فلاسفة الوجود المعاصرين عندما رأى أن اللغة هي تجلي الوجود في العالم، «ومن ثم فإن تفسير النصوص هو تفسير للوجود، ومهمة تفسير النصوص هي مهمة الوعي بالوجود، وهكذا ارتبط المبحث اللغوي في النصوص بالمبحث الأنطولوجي في الفلسفة؛ فتفسير النصوص هو قراءة للغة الوجود وسماع صوته كما تتجليان فيها.»
58
ويحاول ريكور «تأسيس الفهم على اكتشاف المستويات الدلالية والرمزية للغة التي تتيح للذات المدركة أو العارفة فهم نص من النصوص أو تفسير التاريخ انطلاقا من رؤية معينة للحياة»،
59
لكن محاولة ريكور - تأسيس معرفة بالوجود - تختلف عن محاولة فهم حقيقة الوجود العام المباشر الذي يقصده هيدجر؛ لأن الوجود الذي يعنيه فيلسوف التأويل هو الوجود الدال والمرموز.
إذا كان للبنيوية تأثير على المنهج الهرمنيوطيقي، فهي - أي البنيوية - تعد عند ريكور البداية التي ينطلق منها، وهي كمنهج علمي تتطلب الانفصال التام بين ذاتية الباحث وموضوع بحثه، وبالتالي تختلف عن التفسير الرمزي الذي ينتهجه، ولأنه مدرك للفرق الجوهري بين المنحى البنيوي الظاهري وبين المنحى الهرمنيوطيقي التأملي، أخذ يبحث عن «العلاقة التي يمكن أن تربط بينهما كقطبين متوازيين من أقطاب المعرفة والوجود: القطب الموضوعي للمدخل البنيوي من جهة، والقطب الوجودي أو الأنطولوجي للمدخل الهرمنيوطيقي من جهة أخرى.»
60
وعكف بول ريكور على تطبيق منهجه التأويلي على النصوص الأدبية بكل أشكالها في محاولة لإثبات كيف أن الرمز والاستعارة والمجاز ليست فحسب أشكالا أدبية أو محسنات بديعية لإضفاء الجانب الجمالي على العمل الأدبي، بل إنها تتحول من خلال التأويل إلى نوع من الوعي بالوجود، أو نوع من تحقيق الذات لذاتها وكينونتها الحرة ووعيها بنفسها وإمكاناتها.
وننتقل إلى القطب الآخر من أعلام فلاسفة التأويل وهو هانز جورج جادامر (1900م-...) الذي أعطى للهرمنيوطيقا بعدا أشمل وأكثر عمقا عندما اعتبرها استمرارا للفلسفة العملية بأساليب مختلفة. ويصر جادامر على أن «الوعي هو دائما وجود أكثر من أن يكون وعيا، وأن وجودنا التاريخي سابق على أي فصل تجريدي بين الذات والموضوع في المعرفة، كما أنه هو أساس هذا الفصل. ومهمة الهرمنيوطيقا الفلسفية أن ترفع إلى مستوى الوعي التأملي تلك القدرة الإنسانية الأساسية على التواصل المعقول مع الموجودات التي تعيش معنا. وذلك لتحقيق الفهم المتبادل من خلال اللغة، وهي بهذه المثابة - أي الهرمنيوطيقا - تظل سابقة على نوع معين من الفعل العملي، كما تظل كذلك مرتبطة به.»
अज्ञात पृष्ठ