واشتهرت صناعة العباءات النفيسة من حرير الخز، وعلى الجملة اشتهرت كل مدينة بصناعة، وعلقت المصابيح البلورية في المساجد ومساكن الأغنياء، وكانت مزدانة بالنقوش الجميلة والآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية، وكانت تصنع هذه المصابيح على أشكال مختلفة، وتباع إما للاستعمال أو للزينة، وقد بقيت منها بقية أثرية إلى اليوم، ويصف لنا بشار - الأعمى - كأسا عليها صورة كسرى بقلنسوته، ورسم حد للخمر الصرف، ورسم حد آخر للماء الممزوج به .
ازدهار التجارة
وازدهرت التجارة في عهد هارون الرشيد، وكانت أول الأمر في يد اليهود والنصارى، ثم انتقلت إلى المسلمين، وقد كثرت أسواقها، واتسعت مناحيها، حتى وصلت إلى الصين، وهم يتجرون في الحرير، والأحجار الكريمة، والأقمشة المزخرفة، والزجاج الملون، ونحو ذلك.
وكانوا ينقلون بضائعهم على قوافل متعددة تسلم كل قافلة ما بعدها كمراحل البريد.
وقد هم الرشيد بحفر قناة السويس قبل ديلسبس بألف عام، وامتدت تجارتهم شرقا إلى إندونيسيا، وغربا إلى مراكش وإسبانيا، ويدل على ازدهار التجارة في عهد الرشيد وخلفائه كثرة الدخل الذي كان يجبى من الأقطار الإسلامية.
الجيش
واشتهرت الدولة العباسية بمهندسين يشيدون العمارات الفخمة، وبعضهم اختص ببناء الحصون، وبعضهم ألف الكتب في الهندسة الحربية؛ كالتعبئة وطرق الاستيلاء على الحصون، وتشييد القلاع والفروسية والحصار، وصفات الخيول وأنواع الخيالة، وكان النظام السائد هو نظام الإقطاع، وهو جمع قطيعة، وسميت أماكن كثيرة بقطيعة فلان، وكان مرتب الجندي مائة درهم شهريا - وزيد بعد ذلك في العصر العباسي - وهذا للجندي الراجل، أما الفارس فكان مرتبه ضعف ذلك، عدا ما يمنحه الخليفة للجنود في المناسبات المختلفة.
واشتهر نظام في الجيش يسمى نظام الموالي؛ فكان لكل خليفة جيش ينتمي إليه، وكان من مقتضى هذا النظام تعلق الجنود بمولاهم والاعتزاز به والتحصن به.
وكان هناك ديوان يسمى ديوان العرض ملحقا بديوان الحرب، من وظيفته استعراض الجند، ومعرفة كفايتهم.
ولذلك نجد أناسا كثيرين يلقبون بالعارض، وكان لكل مرفق من مرافق الدولة مفتش يسمى بالمشرف، وكان مفتش الري والزراعة يسمى مفتش الأقرحة، ومن وظيفة هؤلاء المفتشين التفتيش، كل في دائرة اختصاصه، ورفع التقارير عنها إلى الخليفة.
अज्ञात पृष्ठ