इस्लाही हरकतें
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
शैलियों
الجزء الأول: الهند والجزيرة العربية
مقدمة
تمهيد
المركز الأول: الهند
المركز الثاني: بلاد العرب
المراجع
الجزء الثاني: مصر والشام
مقدمة
تمهيد
1 - ركود الحياة العلمية في مصر والشام
अज्ञात पृष्ठ
2 - بوادر النهضة الإصلاحية في مصر والشام
3 - السيد محمد مرتضى - الحسيني الزبيدي
4 - الشيخ عبد الغني النابلسي
المراجع
الجزء الأول: الهند والجزيرة العربية
مقدمة
تمهيد
المركز الأول: الهند
المركز الثاني: بلاد العرب
المراجع
अज्ञात पृष्ठ
الجزء الثاني: مصر والشام
مقدمة
تمهيد
1 - ركود الحياة العلمية في مصر والشام
2 - بوادر النهضة الإصلاحية في مصر والشام
3 - السيد محمد مرتضى - الحسيني الزبيدي
4 - الشيخ عبد الغني النابلسي
المراجع
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
अज्ञात पृष्ठ
تأليف
جمال الدين الشيال
الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي فيما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر.
الجزء
الهند والجزيرة العربية
مقدمة
عهد إلي معهد الدراسات العربية أن ألقي بعض المحاضرات عن مراكز الثقافة العربية في الشرق الإسلامي الحديث في القرون الثلاثة؛ السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر.
وكل من اشتغل بتاريخ الشرق الإسلامي يعلم أن هذه القرون الثلاثة كانت قرونا مظلمة، ويحسن إذا نحن قسمنا تاريخ العالم الإسلامي تقسيما زمنيا خاصا به، بعيدا عن التقسيم الزمني للتاريخ الأوروبي أن نسمي هذه الحقبة بالعصور الوسطى المظلمة؛ فإن ما سبقها إلى القرن الخامس عشر كان عصر ازدهار، وما لحقها حتى اليوم عصر نهضة وإحياء.
وفي هذه القرون الوسطى انقطعت الصلة بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي، وكان الشرق الإسلامي يسير إلى وراء، في حين كان الغرب الأوروبي يقفز إلى أمام، ومع هذا لم تخل بلدان الشرق الإسلامي من نشاط ثقافي وحركات إصلاحية هي في الواقع إرهاصات لحركة النهضة والإحياء التي عمت العالم الإسلامي كله في القرنين؛ التاسع عشر والعشرين.
ولم يكن العمل لإعداد هذه المحاضرات سهلا؛ فإن أحدا لم يعن بالتأريخ لهذه الحركات، وما كتب عن رجالها قليل نادر متفرق، وقد قسمت الموضوع إلى أربعة مراكز؛ الهند، وبلاد العرب، ومصر والشام، وإيران.
अज्ञात पृष्ठ
وفي هذا الجزء تحدثت عن مركزين؛ المركز الأول الهند، والمركز الثاني بلاد العرب، وجعلت محور حديثي الشخصيات الإصلاحية أو الثقافية التي برزت في كل مركز في هذه الحقبة من الزمن.
والشرق الإسلامي الذي أقصده هنا يمتد من مصر إلى الهند، وقد قصدت أن يمتد الموضوع إلى الهند الإسلامية؛ لأننا درجنا على أن نعنى بالتأريخ لبلدان الشرق الأدنى الإسلامية، ودرج شبابنا وطلابنا على العناية بهذا الجزء وحده من العالم الإسلامي، كأنه لا يوجد إلى الشرق من العراق بلاد أو شعوب إسلامية؛ ولهذا أحسب أن ما كتبته هنا عن أحمد سرهندي وشاه ولي الله دهلوي هو أول أو أوفى ما كتب عنهما في اللغة العربية، ومع هذا فأنا لا أعتقد أنني وفيت الموضوع حقه، وما فعلت أكثر من أن مهدت الطريق ونبهت الأذهان، وأرجو أن أوفق أو يوفق غيري في المستقبل لإيفاء هذين المصلحين حقهما من البحث، والعناية بدراسة مؤلفاتهما وتحليلها وتعريف قراء العربية بها.
هذا، وقد ألحقت بهذه الفصول قوائم كاملة بمؤلفات كل شخصية من الشخصيات التي تحدثت عنها، وقوائم أخرى بالمراجع التي تلقي ضوءا على الشخصية أو العصر الذي عاشت فيه.
وإني لأرجو أخيرا أن أوفق للحديث في جزء ثان عن المركزين الأخيرين. والله ولي التوفيق.
تمهيد
العالم الإسلامي في فجر العصر الحديث
شهد العالم الإسلامي في القرن السادس عشر تغيرات أساسية، ففي السنوات الأولى من هذا القرن اصطدمت قوى الدولة التركية العثمانية بقوى دولة المماليك، وعقدت ألوية النصر للدولة الأولى، وورثت ملك المماليك في الشام ومصر، وقضت على الخلافة العباسية الصورية القائمة في مصر، وانتزع سلاطين العثمانيين منذ ذلك الحين لقب الخلافة، وأصبحوا بهذا خلفاء للمسلمين بعد أن كانوا سلاطين على دولتهم التركية وحسب.
ثم امتد ملك الأتراك العثمانيين بعد هذا، وفي هذا القرن أيضا، حتى شمل بلاد العرب واليمن في آسيا، والجزائر وتونس وطرابلس في أفريقيا، ولم يبق خارجا عن ملك العثمانيين غير مراكش.
وفي أوائل هذا القرن أيضا قامت دولتان إسلاميتان جديدتان في القسم الشرقي من العالم الإسلامي:
الأولى : الدولة الصفوية الشيعية في بلاد فارس، ومؤسسها هو الشاه إسماعيل الصفوي (906ه / 1500م)، وقد ضم إلى ملكه العراق العربي وديار بكر، وشمل ملكه بلاد فارس وخراسان جميعا، وامتدت دولته من الخليج الفارسي إلى بحر الخزر، وجعل عاصمته في تبريز.
अज्ञात पृष्ठ
وقد قام نزاع آخر بين هذه الدولة وبين دولة الأتراك العثمانيين، وانتصر السلطان سليم الأول في موقعة شالدران
Chàldirân (1514م)، ولكنه لم يكن انتصارا حاسما، ولم يستطع العثمانيون القضاء على ملك الصفويين قضاء تاما كما فعلوا بدولة المماليك، وكل ما نجحوا فيه هو ضم بلاد العراق والجزيرة في عهد مراد الرابع في سنة 1638م، وظلت الدولة الصفوية قائمة إلى أواخر القرن التاسع عشر (907-1311ه / 1502-1893م).
أما الدولة الثانية فهي دولة أباطرة المغول في الهند، ومؤسس هذه الدولة هو بابرشاه من سلالة تيمورلنك، وقد خلفه من نسله عدد من الأباطرة العظام من أمثال همايون وأكبر وجهانجير وشاه جهان وأورنجزيب، ثم خلف من بعدهم خلف من الملوك الضعاف، وظلت الدولة قائمة إلى أن انتهت في منتصف القرن التاسع عشر.
فهذه دول ثلاث اقتسمت الحكم في العالم الإسلامي في القرون الثلاث؛ السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، اثنتان منها سنيتان، وهما: الدولة التركية العثمانية، والدولة المغولية في الهند، والثالثة شيعية وهي الدولة الصفوية، وهي جميعا لم تكن دولا عربية الجنس أو اللسان، ولهذا أثره الواضح في اضمحلال الدراسات العربية، وانتعاش الدراسات التركية والفارسية.
ولقد بدأ العالم الإسلامي في القرن السادس عشر قويا مرهوب الجانب؛ لأن الدول الثلاث كانت دولا حربية، ولكنها لم تلبث في القرنين التاليين أن نالت منها عوامل الضعف والانحلال.
والسمة الظاهرة الواضحة للعالم الإسلامي في هذه القرون الثلاثة هي انعزاله وانقطاع الصلة بينه وبين العالم الأوروبي، في وقت كان العالم الأوروبي يخطو خطوات واسعات في نهضته العلمية وفي مخترعاته الصناعية وفي اكتشافاته الجغرافية.
أما المسلمون فقد نسوا علومهم المدنية القديمة، وبدءوا يجترون الكتب القديمة، وقصر اهتمامهم على العلوم الدينية واللغوية يبدءون فيها ويعيدون، وكان أقصى ما يستطيعه عالم منهم أن يكتب شرحا لمتن قديم أو حاشية على هذا الشرح، أو أن ينظم أبياتا من الشعر في مدح أحد الملوك أو السلاطين، أو يؤرخ بها وفاة واحد منهم.
وتدهور - تبعا لهذا - المجتمع الإسلامي، وانتقلت السيادة على العامة لنفر من المتصوفة الذين أشاعوا كثيرا من البدع المستحدثة التي تتنافى مع روح الإسلام.
ومع هذا فقد كانت تظهر وسط هذه الغياهب المظلمة وبين الحين والآخر بعض النجوم المضيئة تحاول أن تبدد هذا الظلام، وتبعث في المجتمع الإسلامي روحا تجديدية، تقوده إلى النهضة الثقافية الاجتماعية، وقد ظهرت هذه الحركات الإصلاحية أو الثقافية التجديدية في مختلف أجزاء العالم الإسلامي، وكان لها في المشرق الإسلامي مراكز أربعة: الهند، وبلاد العرب، ومصر والشام، وإيران.
وسنحاول أن نلقي بعض الضوء على كل مركز من هذه المراكز، وأن نتتبع النشاط الثقافي والحركات التجديدية التي ظهرت فيه.
अज्ञात पृष्ठ
المركز الأول: الهند
أحمد سرهندي - شاه ولي الله دهلوي (1) دخول الإسلام الهند وانتشاره بها
دخل الإسلام الهند عن طريقين: (1)
طريق السند، وقد دخل هذه المنطقة مع جيش البطل الشاب الفاتح محمد بن القاسم الثقفي في سنة 92ه، الذي استطاع أن يهزم ملك السند «داهر»، وأن يحاصر مدينة «الملتان» إلى أن استولى عليها، وحطم ما في معابدها من أوثان وأصنام، وقد امتدت فتوح محمد بن القاسم حتى شملت إقليم السند كله وجنوب البنجاب.
وظلت هذه الإمارة تابعة للخلافة، وعن طريقها انتشر الإسلام رويدا رويدا في المناطق الهندية المجاورة. (2)
والطريق الثاني هو منطقة الحدود الشمالية الغربية، وعبرها انحدرت جيوش محمد بن سبكتكين - أو محمود الغزنوي - (388-421ه) ففتحت إقليم البنجاب، وتقدمت حتى استولت على دلهي ومعظم الأجزاء الشمالية من الهند.
وتوالت على هذه المنطقة دول إسلامية كثيرة، إلى أن كان القرن السادس عشر، وانحدر بابر عبر نفس الطريق بجيوشه المغولية، مكونا دولة الأباطرة العظام التي مدت سلطانها حتى شمل معظم أجزاء الهند، والتي ظلت تحكم شبه القارة الهندية نحو ثلاثة قرون.
ونتيجة لهذه الفتوح ولقيام هذه الدول الإسلامية المتتابعة؛ انتشر الدين الإسلامي في جميع أنحاء الهند، ولكننا نلاحظ أن هناك عاملا آخر كان أكثر تأثيرا في انتشار الإسلام في الهند، وذلك هو سبيل الدعوة الدينية السلمية التي تسير مع ركب الحياة وتطورها؛ فعن طريق التجار واتصالاتهم، وعن طريق الفقهاء والوعاظ ودروسهم، وعن طريق العلماء والمتصوفة ورحلاتهم ومدارسهم؛ انتشر الإسلام بين الهنود، فهؤلاء جميعا كانوا في معظمهم من العرب، أو من المثقفين بالثقافة العربية، في حين أن الفتوح الإسلامية - باستثناء الفتح الأول الذي قاده محمد بن القاسم - قامت بها جيوش وعناصر غير عربية من الترك والفرس والمغول.
وهذه ناحية هامة نعتبرها مفتاح دراسة الإسلام في الهند؛ فإن هذه الجيوش التركية والمغولية كانت في معظمها حديثة عهد باعتناق الإسلام، وقد نقلت معها معالم الثقافة الفارسية ومظاهر الحياة التركية والمغولية؛ ولهذا انتشرت في المجتمع الإسلامي بالهند اللغة الفارسية ثم اللغة الأوردية، ولم تنتشر اللغة العربية، وبالتالي لم تزدهر الثقافة العربية في الهند ازدهارها في الأقاليم والدول الإسلامية الأخرى، وساعد على هذا أن معظم العلماء والمشايخ الذين وفدوا على الهند كانوا من علماء ما وراء النهر، وهؤلاء كانوا من أتباع مذهب أبي حنيفة، يعتمدون على كتب المتأخرين من فقهاء هذا المذهب، كما كانوا شغوفين بعلوم اليونان القديمة، ولغتهم الثقافية الأثيرة لديهم هي اللغة الفارسية؛ ولهذا اصطبغت الثقافة الإسلامية في الهند بهذه الصبغات الثلاث، ولم تقم على أسس سليمة قوية من الثقافة العربية.
ولكن ليس معنى هذا أن الهنود لم يعرفوا اللغة أو المؤلفات العربية، بل لقد عرفوها وانتشرت بينهم، وتعلمها الكثيرون منهم، بل وألفوا بها، ولكن الذي نعنيه أنها كانت أقل انتشارا وتأثيرا في المجتمع الإسلامي الهندي إذا قورنت بالثقافتين الفارسية والتركية المغولية.
अज्ञात पृष्ठ
وفي القرن السادس عشر، وفي عهد الإمبراطور المغولي جلال الدين محمد أكبر تعرض المجتمع الإسلامي في الهند لهزة عنيفة؛ فقد كان هذا الحاكم عظيما حقا، مصلحا حقا، ويعتبر عصره من أزهر العصور التي شهدتها الهند، ولكن حركته الإصلاحية لم تقتصر على الجيش والنظم الحربية والإدارية والمالية، ونواحي الحياة العلمية والأدبية والفنية، بل تعدت هذا كله إلى الدين؛ فقد اعتقد أكبر أنه لا يستطيع أن يحكم دولة تعتبر بحق متحفا أنثرولوجيا (جنسيا) حكما ناجحا؛ كانت الهند تضم خليطا عجيبا متباينا من الأجناس والأديان، والعادات والتقاليد والثقافات، فتطلع أكبر إلى توحيد هذا المجتمع الهندي في كل شيء، حتى في الدين. (2) أكبر والدين الإلهي (2-1) أكبر، الحاكم السني المتدين
ولي أكبر العرش في سنة 1556م وهو في الرابعة عشرة من عمره، وظل يحكم الهند خمسين عاما، وكان في العشرين سنة الأولى من حكمه مسلما سنيا كأحسن ما يكون المسلم السني، يحافظ على أصول الدين، ويؤدي الصلوات في المسجد وفي أوقاتها، بل لقد كان يقوم أحيانا مقام المؤذن فيدعو الناس للصلاة، وكان يحترم علماء الدين والمتصوفة الزاهدين ويبجلهم، ويؤثر صحبتهم، فيقضي في حضرتهم الساعات الطوال، ولا يتردد في إجابة مطالبهم مهما ضؤلت، وكان يحج في كل عام لزيارة ضريح الشيخ سليم الششتي في مدينة أجمير
Ajmer
فيطوف به عدة مرات، ثم يجلس في حضرته وقتا طويلا، وقد سمى ابنه سليما باسم هذا الشيخ، وهو الذي سيعرف - فيما بعد - باسم جهانجير
jahangir .
وكان أكبر لا يبدأ عملا أو قولا إلا بدأه بقوله: «يا هادي، يا معين»، وكان لهاتين الكلمتين - فيما يقال - أثر السحر في نفسه، كما كانتا تثيران حماس أتباعه الشديد، فكان جنود جيشه - مسلمين وهنودا - إذا سمعوه يدعو هذا الدعاء يرددونه وراءه في صوت جهوري، ثم ينقضون على العدو دون خوف أو وجل.
وكان أكبر يعتقد في الفقراء والمتصوفة، ويزور زواياهم حافي القدمين في أغلب الأحوال، وقد دفعته هذه الروح الدينية إلى الإقبال على دراسة القرآن والحديث، وساعدته حافظة قوية على استيعاب كل ما يلقيه عليه أساتذته.
ولم يقنع أكبر بهذا، بل أصدر أوامره بتعيين القضاة والمفتين في كل جزء من أجزاء مملكته؛ ليحكموا بين الناس بالعدل تبعا لأصول الشريعة الإسلامية، وكان يستجيب لمشورة العلماء في اضطهاد المتزندقة والملحدين.
وقرب أكبر إليه عددا من العلماء، كانوا بمثابة الرواد يوجهونه ويثقفونه؛ من أشهرهم: بيرم خان
Bairam Khan ، وعبد الله مخدوم الملك
अज्ञात पृष्ठ
Abdullah Makhdûm-ul-Mulk ، والشيخ عبدون نبي
Abdun-Nabi ، ولكنه كان يؤثر الشيخ عبدون بتقديره واحترامه وثقته، حتى إنه عينه صدرا للصدور، وكان يدعوه إلى حضرته يوميا؛ حيث يجلس بين يديه ليتلقى دروسا في الحديث. (2-2) عبادة خانة، والتمهيد لإعلان الدين الإلهي
هكذا بدأ أكبر، وهكذا ظل طوال العشرين سنة الأولى من حكمه مسلما سنيا متدينا مخلصا لعقيدته؛ مما جمع قلوب السنة من مسلمي الهند على حبه وتأييده، ولكنه انقلب فجأة إلى رجل حر التفكير، ونفض عن عقله وروحه هذا الإخلاص القديم، وبدأ يفكر في إيجاد دين جديد! فبدأ في سنة 1575م بإنشاء دار خاصة في فاتحبور سكري
Fatihpur Sikri
سماها: «عبادة خانة
Ibadat khanah »، ودعا الفقهاء والعلماء من السنة والشيعة مساء كل خميس لحضور هذه الدار، ومناقشة المذاهب في حضرته؛ بغية التقريب بين الآراء المختلفة، وتوحيد الإسلام في مذهب واحد، ولكن هذه المناقشات لم تأت بالنتيجة المطلوبة، بل على العكس وسعت الشقة وزادت في عوامل الخلاف، وراح كل فريق يتهم الفريق الآخر بالكفر والمروق.
وفي إحدى أمسيات الخميس في سنة 1578م اشتد النقاش بين العلماء حتى لقد وصم بعضهم البعض الآخر بالكفر في حضرة السلطان، ولم يعد هناك أمل في تآلف العلماء - وهو الهدف الذي كان يرمي إلى تحقيقه أكبر - وعند ذلك ألقي على الحاضرين سؤال هام:
من يكون صاحب الحق في إصدار الفتاوى والأوامر الدينية الواجب اتباعها إذا اشتد الخلاف بين الفقهاء؟ وتقدم واحد من الحضور وهو الشيخ مبارك وقال: إن السلطان يكون صاحب هذا الحق.
وتنفيذا لهذا الاقتراح كتب محضر لإعلان أكبر «إمامي عادل
Imam-I
अज्ञात पृष्ठ
c
Ādil »، أي إماما عادلا، ووقع على هذا المحضر العلماء والفقهاء في رجب من سنة 987ه، ومن بينهم مخدوم الملك وعبدون نبي، ووقع عليها بالموافقة كذلك الإمبراطور أكبر.
هذه الوثيقة وضعت السلطة كلها في يد أكبر، ورفعته إلى مرتبة أعلى من مرتبة المجتهد، وهي مرتبة الإمام العادل، وأصبح بذلك الحاكم المطلق، على أن يكون عماد حكمه الرجوع إلى القرآن والسنة والقياس، وأهم من هذا أن هذه الوثيقة جعلت لأكبر - إلى جانب سلطاته الزمنية - السلطان الروحي على رعاياه، وبالتالي سلب العلماء هذا السلطان، ولم يعد لهم الحق في أن يتدخلوا في شئون الحكم. (2-3) إعلان الدين الإلهي
وبعد قليل خطا أكبر خطوة أخرى أشد جرأة، فبدأ يفكر في وسيلة تمكنه من توحيد المجتمعين الإسلامي والهندي؛ ليقل الخلاف بين رعاياه، وليصبحوا أكثر تواؤما وانسجاما، وهداه تفكيره إلى إنشاء دين جديد يجمع أصول الديانتين الإسلامية والهندية ومحاسنهما، ولم يكن يسمح حتى ذلك الحين بدخول عبادة خانة إلا لعلماء المسلمين، فبدأ أكبر بدعوة علماء الأديان الأخرى لهذه الدار، والمشاركة في النقاش والجدل الديني، يدافع كل فريق عن دينه ويبدي محاسنه.
وبعد هذه التمهيدات دعا السلطان إلى اجتماع عام حضره كبار العلماء من كل دين وقادة الجيش، وفيه تحدث السلطان عن الأضرار التي تعود على المجتمع من كثرة الأديان وتعددها، وأعلن عن ضرورة إيجاد دين واحد يضم محاسن الأديان المختلفة الموجودة في الهند ويعتنقه الجميع، وبهذا - كما قال - «يمكن تقديس الخالق، ويمكن للسلام والرفاهية أن يسودا بين الناس، وأن يشمل الأمن الدولة.»
ولقد سمى أكبر هذا الدين الجديد «ديني إلهي
Din-i-Ilahi » أو الدين الإلهي، وتتلخص أصوله في: توحيد الله، وهو حجر الزاوية في الإسلام، وتقوم طقوسه على أسس من الصوفية المستمدة من الديانتين الهندوكية والزرادشتية.
وفرض على أتباع هذا الدين أن يؤمنوا بوحدانية الله، وبأن أكبر خليفته على الأرض، وأن يقدموا لجلالته أربعة أشياء؛ الثروة والحياة والشرف والدين.
وفرض عليهم أيضا أن يمتنعوا عن أكل اللحوم بجميع أصنافها، وأن يسجدوا للإمبراطور.
ومن طقوس هذا الدين الجديد تقديس الشمس والنار.
अज्ञात पृष्ठ
وحدد يوم الأحد ليكون يوم الاحتفال بدخول الناس في الدين الجديد، يتسلمون من صاحب الجلالة «الاسم الأعظم» وشعار الدين الجديد وهو «الله أكبر».
ووضع للدين الإلهي تحية جديدة تحل محل تحية الإسلام: «السلام عليكم» وردها: «وعليكم السلام»، وجعلت التحية الجديدة: «الله أكبر» وردها: «جل جلاله».
وبين الحين والحين كان الإمبراطور يصدر لأتباع دينه الجديد بعض التنظيمات واللوائح الجديدة. (2-4) الدين الإلهي بين مؤيديه ومعارضيه
فالدين الجديد - كما يتضح من هذه القواعد والأسس - يعكس أهداف الإمبراطور التي كان يرمي من ورائها إلى توحيد الأجناس الهندية المختلفة تحت راية دين واحد وعقيدة واحدة؛ فالروح التي دفعت أكبر إلى ابتداع هذا الدين هي روح الحاكم المصلح الذي يريد أن يزيل الفوارق بين رعاياه، والذي يعتقد أنه كلما زادت عوامل الألفة والوحدة بين الشعب، أدى هذا إلى قوة الدولة وأمنها واستقرارها.
وإذا نحن نظرنا إلى هذا الدين الجديد نظرة فاحصة؛ وجدنا أنه اقتبس الروح من الإسلام، بينما صاغ الجسم من الهندوكية والزرادشتية.
فالروح التي تتمثل في وحدانية الله مأخوذة عن الإسلام، والجسم الذي يتمثل في الطقوس المختلفة مأخوذة عن الديانتين الأخريين، ولم ينس الدين الجديد أن يرضي المسيحيين، فجعل يوم الأحد يوم التدشين للداخلين فيه أو للمؤمنين الجدد، وبذلك خرج هذا الدين الإلهي الجديد وهو يمثل جميع الديانات الموجودة في الهند، فهو دين عالمي هندي، فيه ما يرضي وفيه ما يجذب أتباع كل دين آخر.
وقد اختلف المؤرخون في تقديرهم لهذا الدين الجديد، فأعجب به الكثيرون من الغربيين، ورأوا فيه بشير نهضة أو حركة إحياء هندية كبرى، وقالوا في مجال الدفاع عن أكبر: إننا لكي نحسن فهمه وفهم دينه الجديد؛ يجب أن ننظر إليه على أنه حاكم مصلح مجدد، منشئ لإمبراطورية قوية، لا على أنه نبي أو رسول جاء يبشر بدين جديد، فالعقيدة التي دعا لها لم تكن هدفا في حد ذاتها، وإنما كانت وسيلة لهدف أكبر، هو التوحيد بين طوائف الشعب؛ لتكوين هند قوية موحدة.
وأما معارضوه فهم كثرة: بعضهم من الغربيين، والغالبية العظمى من المسلمين، وخاصة مسلمي الهند - معاصرين وغير معاصرين - وهؤلاء ينظرون إلى الدين الجديد باعتبار أنه دين أولا، وهكذا سماه صاحبه، ويحكمون على أكبر باعتباره ملكا مسلما دعا إلى دين جديد، معظم ما فيه لا يقره الإسلام، بل يعتبره مروقا وإلحادا وكفرا.
يقول
Smith
अज्ञात पृष्ठ
أحد الغربيين الذين أرخوا لأكبر: «كان الدين الإلهي دليلا على حماقة أكبر، لا على حكمته.» ويسمي هذا الدين في مكان آخر من كتابه «بالاختراع السخيف
a silly invention ».
أما رأي المجتمع الهندي الإسلامي في الدين الإلهي فيمثله خير تمثيل ما كتبه المؤرخ المعاصر «بداؤني
Badàoni »، لقد اعتبر هذا الكاتب - وكان محقا في رأيه - الدين الإلهي كفرا وإلحادا، وأحصى النواحي التي خرج فيها عن أصول الإسلام في النقط الآتية: (1)
أباح السجود للإمبراطور، والإسلام يمنع السجود إلا لله سبحانه وتعالى. (2)
دعا إلى عبادة أو تقديس الشمس والنار، وفي هذا رجوع للوثنية القديمة. (3)
سمح بوضع الحلاليف في القصر الإمبراطوري، واعتبر النظر إليها كل صباح عملا يستحق التقدير، والإسلام يحرم أكل لحم الخنزير، وبالتالي يحض على كراهيته. (4)
حرم أكل لحم البقر، والثوم، والبصل، وهذه أشياء أحلها الإسلام، كما حرم تربية اللحى، وقد كانت اللحى الشعار المميز للمسلمين في الهند في ذلك الحين؛ لأن الهندوكيين كانوا يحلقون لحاهم. (5)
نفى عددا كبيرا من الملا
Mullahs - أي العلماء - والمشايخ. (6)
अज्ञात पृष्ठ
منع ختان الأطفال قبل سن الثانية عشرة، وزواج البنات قبل سن البلوغ. (7)
حارب دراسة اللغة العربية. (8)
منع الأذان والصلوات الجامعة. (9)
أمر بتغيير الأسماء الإسلامية من أمثال: محمد وأحمد ومصطفى؛ لأنها تسبب الضيق للإمبراطور. (10)
أوقف الحج إلى مكة وصيام شهر رمضان. (11)
حرم دراسة القرآن والحديث. (12)
أمر بأن تحول المساجد والجوامع إلى مخازن وأماكن للحراسة.
ويختم بداؤني نقده بقوله: إن الإسلام بهذا قد هدمت أركانه، وانقض بنيانه، ولم يمض غير خمس أو ست سنوات حتى انقلب كل شيء رأسا على عقب، ولم يبق في نفس أكبر أثر ضئيل من دينه القديم القويم الإسلام، بل لقد أبدى مظاهر العداء الشديد للدين الذي آمن به في شبابه، والذي آمن به أسلافه من قبل.
وهكذا يعتبر بداؤني، ويوافقه في هذا
Smith
अज्ञात पृष्ठ
سنة 1582م - وهي السنة التي أعلن فيها الدين الإلهي - حدا فاصلا في حياة أكبر، ويريان أن أكبر لا يمكن اعتباره مسلما بعد هذه السنة.
ولم تكن التغيرات التي أحدثها أكبر مقصورة على الدين وحده، بل أحدث تغييرات أخرى تؤذي شعور المسلم؛ لأنها ذات صلة وثيقة بالتشريع أو النظام الإسلامي؛ فقد تزوج أكبر من بنات أمراء الهندوك؛ ليرتبط وإياهم برابطة ولاء النسب، غير أنه سمح لأولئك الزوجات بالاحتفاظ بدياناتهن، وبالقيام بشعائر هذه الأديان داخل القصر الإمبراطوري، كما أنه استبدل التقويم الهجري بتقويم جديد سماه التقويم الإلهي، يبتدئ بسنة جلوسه على العرش، وجعل شعار أتباعه «الله أكبر»، وكان يعني به أن أكبر هو الله!
هذه الحركة هزت المجتمع الإسلامي في الهند هزة عنيفة، غير أن كل من عارضها أو قاومها من العلماء كان نصيبه النفي والاضطهاد والتشريد، ومع هذا فقد لقيت الحركة تأييدا من بعض العلماء المسلمين الذين كانوا يبتغون الوسيلة والقربى إلى السلطان، والحقيقة أنه لولا تأييد هذا النفر من العلماء لما استطاع أكبر أن يقيم دعائم دينه الجديد، وفي هذا يقول أحمد سرهندي: «ومما لا شك فيه أن كل ما وقع من المداهنة والتخاذل في الأحكام الشرعية في هذا الزمان، وما ظهر من الفساد والوهن في نشر الدعوة الإلهية وإبقاء مآثرها في هذا العصر، إنما يرجع سببه إلى علماء السوء الذين هم لصوص الدين، وشر من تحت أديم السماء، أولئك حزب الشيطان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون.»
ومع هذا فإن نفرا آخرين من العلماء المخلصين، الثابتين على إيمانهم، المتمسكين بدينهم عارضوا الدين الإلهي معارضة عنيفة، كان على رأس هؤلاء هذا العالم الذي اقتبسنا قوله الآن، السيد أحمد سرهندي، فقام هذا الرجل بحركة تجديدية مضادة، تعتبر في الواقع رد فعل لحركة أكبر الإلحادية. (3) أحمد سرهندي (971-1034ه / 1564-1625م) مجدد الألف الثانية
ويعرف أحمد سرهندي باسم «مجددي ألفي ثاني» أي مجدد الألف الثانية، وهو واحد من كبار المسلمين والمتصوفة الذين برزوا في تاريخ الهند، وقد بذل جهودا كبيرة في سبيل تجديد الإسلام، وتنقيته من الشوائب التي لصقت به، وخاصة بعد حركة الهرطقة والمروق التي كان قد بدأها الإمبراطور أكبر (1556-1605م). (3-1) حياته الأولى
ولد أحمد في مدينة سرهند (إحدى مدن ولاية بتيالا
في شرقي البنجاب) في سنة 971ه / 1564م، ووالده الشيخ عبد الأحد ينتهي نسبه إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وقد تلقى أحمد علومه الأولى على والده، ثم أتم دراسته بعد ذلك في مدينة سيالكوت
Siyālkôt .
واتجه أحمد بعد ذلك إلى العاصمة أجرا
Agra
अज्ञात पृष्ठ
حيث كان دائم التردد على مجالس الوزير الأول أبي الفضل وأخيه فيضي (وهما من العلماء البارزين في ذلك الوقت)، ويرجح مؤرخوه أنه كتب في هذه الفترة رسالته الصغيرة التي سماها «الرسالة التهليلية» في نقد المذهب الشيعي [وقد ترجم هذه الرسالة فيما بعد إلى العربية شاه ولي الله دهلوي،
1
وأرفق بها مقدمة تحدث فيها عن التيارات الدينية في بلاط الملك الأكبر، وعن نشاط الشيخ أحمد].
وبعد سنوات قليلة عاد إلى مدينته سرهند، وفي سنة 1008ه دخل في الطريقة النقشبندية، بعد أن أخذ العهد على أحد شيوخها وهو الخواجة
Kh
w
adja
باقي بالله (ت1012) الذي كان يقيم في مدينة دلهي في ذلك الوقت. (3-2) أحمد سرهندي وجهانجير
نشأ أحمد سرهندي في الربع الأخير من القرن العاشر للهجرة (16م) في نفس الوقت الذي كان أكبر يدعو فيه لدينه الجديد، فأخذ يرقب الأحوال، وبدأ ينظم حركة واسعة لمعارضة هذه الحركة الإلحادية، وبث أتباعه ومريديه في أنحاء البلاد، وكتب إلى قواد الجيش وكبار الموظفين ممن يأنس فيهم الرشد والإسلام الصحيح، ينبههم إلى هذا الخطر الداهم، ويحذرهم عاقبة هذه الفتنة العمياء، وما قد يكون لها من آثار خطيرة على الإسلام والمسلمين في الهند.
ولم تظهر آثار دعوته إلا بعد موت أكبر، وفي عهد ابنه جهانجير (1014-1037ه)، فقد سار هذا الابن على نهج أبيه، واضطهد علماء السنة ونكل بهم، وقرب إليه علماء الشيعة، واتخذهم بطانة له.
अज्ञात पृष्ठ
وعندما اشتد حماس الشيخ أحمد في معارضة الدين الإلهي وما خلفه من آثار وفي مناهضة المذهب الشيعي، وعندما نشط هو وأتباعه في دعوتهم التجديدية لمحاربة البدع والعودة بالإسلام إلى أصوله الأولى، غضب عليه جهانجير - بإيعاز علماء الشيعة ورجال القصر - واعتبر نشاطه خطرا على الدولة والعرش، وأمر بالقبض عليه، وسجنه في حصن جواليور
Gwalior ، ولكنه سرعان ما عفا عنه وأمر بإطلاق سراحه، وخلع عليه، ووصله بمبلغ من المال.
وقد اختلفت الروايات عند ذكر الأسباب التي دفعت الإمبراطور جهانجير إلى العفو عن الشيخ أحمد؛ تقول إحدى هذه الروايات: إن الإمبراطور رأى فيما يرى النائم أن الشيخ أحمد قد ظلم، وأن رجلا صالحا يقول له وهو عاض على يديه: «ويحك! قد حبست رجلا لا ترى مثله في الصلاح والورع.»
وتقول رواية أخرى - وهي أقرب إلى الصحة: إنه لم يمض على دخول الشيخ أحمد السجن إلا أيام قليلة حتى تغير الحال غير الحال، وأخذ الرجل ينفث من روحه بين المسجونين والجناة من القتلة والسارقين، ويلقي عليهم مواعظه، فإذا بهم بين يوم وليلة قد انقلبوا خلقا آخر، وبدءوا يأتمرون بأوامر الشيخ في ذلة وخشوع، ويؤدون فروضهم الدينية في أوقاتها وفي حرص شديد؛ مما أثار عجب مدير السجن وإعجابه، فكتب إلى الإمبراطور يقول له: إن هذا السجين - الشيخ أحمد - ليس كغيره من نزلاء السجن، وإنما هو في الحقيقة ملك قلما يأتي الدهر بمثله، فإن وافق السلطان أطلقنا سراحه، وأكرمناه بما يستحقه.
عند ذلك ندم جهانجير على ما صدر منه في حق الشيخ أحمد، وأمر في الحال بإحضاره إلى قصره في أجرا، ولما علم بقربه من العاصمة أرسل ابنه وولي عهده الأمير «خرم» - شاه جهان فيما بعد - لاستقباله والترحيب به، ولما دخل الشيخ أحمد على الإمبراطور حياه وحيا حاشيته بتحية الإسلام، ولم يسجد له، فحفظها الإمبراطور في نفسه، وتلقاه رغم هذا بالترحاب، وأبقاه معه في القصر لينتفع بنصائحه. (3-3) نجاح حركة السيد أحمد التجديدية
وكان لبقاء الشيخ في القصر آثار طيبة؛ فقد استطاع أن يقنع الإمبراطور بإلغاء كثير من البدع التي استحدثها أبوه أكبر، فأصدر بعد قليل أمرا ملكيا نص فيه على ما يأتي: (1)
تحريم السجود للملك. (2)
إباحة ذبح البقر وأكل لحمه. (3)
إعادة بناء المساجد المهدمة. (4)
إبطال القوانين المعارضة للشريعة الإسلامية. (5)
अज्ञात पृष्ठ
تعيين القضاة والمحتسبين في مختلف المدن الهندية.
وبذلك آتت حركة الشيخ أحمد التجديدية أكلها، وعاد للمجتمع الإسلامي في الهند اطمئنانه، وانتهت حركة الاضطهاد لعلماء السنة، وبدأ المسلمون يحسون الحرية التامة في القيام بشعائر دينهم. (3-4) مؤلفات السيد أحمد المجددي
وقد كتب الشيخ أحمد جملة من الرسائل في موضوعات دينية مختلفة، منها:
المبدأ والمعاد (دلهي، 1311).
رسالة تهليلية، وقد طبعت ملحقة بمجموعة رسائله «مكتوبات» وطبعت في لكناو.
معارف لدنية.
مكاشفات غيبية.
رسالة في إثبات النبوة.
آداب المريدين.
شرح رباعيات أستاذه خواجه باقي بالله.
अज्ञात पृष्ठ
وأشهر آثاره الفكرية جميعا مجموعة رسائله المعروفة باسم «مكتوبات» التي أرسلها إلى تلاميذه ومريديه وبعض الشخصيات الأخرى المعاصرة، لشرح كثير من الموضوعات الإسلامية التي كانت موضع جدل ومناقشة، ولا زالت هذه المكتوبات تحتل حتى اليوم مكانها الجدير بها بين أهم ما خلفه الفكر الإسلامي في الهند من تراث قديم.
2 (3-5) السيد أحمد مجدد الألف الثانية
وقد أطلق مولانا عبد الحكيم السيالكوتي بحق على الشيخ أحمد سرهندي لقب «مجددي ألفي ثاني» أي مجدد الألف الثانية، وذلك تحقيقا للحديث الشريف الذي يقول: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» وقد عني المسلمون في مختلف الأقطار الإسلامية بهذا الحديث، كلما تأخرت بلادهم، أو انتشرت فيها البدع المستحدثة، فكانوا ينظرون إلى وراء، ويرون أنه لا صلاح لحاضرهم إلا بالعودة إلى ما كان عليه النبي والصحابة في العصر الإسلامي الأول، وبالعودة إلى أصول الإسلام ومنابعه الحقيقية من قرآن وسنة، وكانوا دائما يحصون أسماء من ظهر من المجددين على رأس المئين الماضية، ويرتقبون ظهور المجدد الجديد.
وقد كتب السيوطي أرجوزة أحصى فيها المجددين إلى القرن التاسع الهجري، وسماها «تحفة المهتدين بأخبار المجددين»، وجعل نفسه فيها المجدد للقرن التاسع، قال:
وهذه تاسعة المئين قد
أتت، ولا يخلف ما الهادي وعد
وقد رجوت أنني المجدد
فيها، ففضل الله ليس يجحد
ونتيجة للجهود الطيبة التي بذلها الشيخ أحمد سرهندي لمحاربة البدع المستحدثة، ولتجديد الإسلام وتخليصه من الشوائب التي علقت به؛ اعتبر نفسه واعتبره معاصروه بحق مجدد الألف الثانية، أي مجدد المئة الحادية عشرة، وقد ذاع صيته وانتشرت طريقته وآراؤه خارج حدود الهند في أفغانستان وفي أواسط آسيا. (3-6) وفاته
وتوفي الشيخ أحمد المجددي في سنة 1034ه/1624م ودفن في مدينة سرهند، ولا يزال الناس حتى اليوم يتوافدون على قبره؛ لزيارته والتماس البركة في رحابه.
अज्ञात पृष्ठ
وقد ازدادت شهرته ذيوعا، وكثر تلاميذه وأتباع طريقته بعد وفاته، وهم الذين يعرفون حتى اليوم باسم «المجددية»، ومما ساعد على انتشار تلاميذه وكثرة عددهم الأحوال السيئة الناجمة بعد ذلك عن سيادة السيخ، وسيطرتهم على إقليم البنجاب. (3-7) الجديد في طريقة الشيخ أحمد
ومع أن الشيخ اتصل - منذ شبابه - بكثير من الطرق الصوفية المعروفة على عهده - وخاصة الطريقة النقشبندية - فقد تحاشى الكثير من مغالاتهم، ولا سيما نزعاتهم وأفكارهم القائلة بوحدة الوجود
، ثم حاول في طريقته أن يقرب بين فريقي الصوفية: القائلين بفكرة التوحيد
Monotheism ، والقائلين بفكرة وحدة الوجود، وقال هو بالأخذ بفكرة وحدة الشهود، بدلا من فكرة وحدة الوجود؛ وذلك لأنه لاحظ أن الكثيرين من المتصوفة في عصره قد تأثروا بفلسفة البراهمة، وأخذوا بكثير من عقائدهم وأفكارهم، كوحدة الوجود والحلول والاتحاد وغيرها؛ ولذلك ركز الكثير من جهوده لتفنيد هذه الآراء والرد عليها، وخاصة آراء محيي الدين بن عربي في وحدة الوجود، ورسائل
3
الشيخ أحمد مليئة بالأدلة والمناقشات التي يهاجم فيها فكرة وحدة الوجود، والتي يدعو فيها لفكرة وحدة الشهود، وبهذا نستطيع أن نقول: إن هذه الفكرة تعتبر بحق الشيء الجديد الذي قدمه الشيخ المجدد لعالم الفكر الإسلامي الديني. (3-8) جهود الشيخ أحمد في إصلاح المجتمع الإسلامي في الهند
لم تقصر جهود الشيخ على هذا، بل لا بد أن نذكر له مساعيه الحميدة لإصلاح شأن الحكومة ورجالها؛ فقد كان يعتقد أنهم القدوة، إذا صلحوا صلحت الرعية والبلاد كلها، وإذا فسدوا فسد المجتمع الذي يقومون على شئونه، كذلك كان الشيخ المجدد يعتقد أن الكثير من الفساد القائم يرجع أسبابه إلى العلماء الذين تهافتوا على الدنيا وعلى إرضاء السلطان؛ ولهذا بذل الكثير من جهوده لمحاربة هذا الصنف من العلماء، ومناهضة بدعهم والرد عليها.
ولقد كانت حركة أحمد سرهندي في الواقع عميقة الأثر في المجتمع الهندي الإسلامي؛ فقد تأثر بها الكثيرون بعده، وكانت ممهدة لحركة تجديدية أخرى قام بها مجدد ثان في القرن الثامن عشر، هو العالم الهندي الكبير شاه ولي الله دهلوي. (3-9) حركة عبد الحق دهلوي
وبين الحركتين ظهرت جهود أخرى سارت في نفس الطريق:
منها جهود الشيخ عبد الحق دهلوي (958-1052ه/1551-1642م)، وقد عاصر الشيخ المجدد بعض الوقت، ولكنه توفي بعده بنحو ثمانية عشر عاما، وقد عني الشيخ عبد الحق أكثر ما عني بإحياء السنة النبوية ودراسة علم الحديث، وألف في هذا العلم كتبا كثيرة، وشرح «مشكاة المصابيح» للتبريزي بالعربية والفارسية معا، فهو بهذا يعتبر أول عالم وقف جهوده في شمال الهند على نشر السنة النبوية وتدريس كتبها وشرح متونها.
अज्ञात पृष्ठ
وقد درس الشيخ عبد الحق أولا في فاتح بور، وفي سنة 996ه ذهب لمكة؛ لأداء فريضة الحج، وهناك درس على كبار العلماء (ذكرهم في كتابه زاد المتقين)، وبعد عودته أقام يدرس في دلهي مدة تقرب من نصف القرن، وخلال هذه المدة حاز إعجاب الإمبراطور جهانجير وابنه شاه جهان، وقبره موجود في حوضي شمسي في دلهي، ونقش على حائط القبة موجز لحياته، ونص هذا النقش موجود كاملا في كتاب: «غلاب علي أزاد، مآثر الكرام، أجرا، 1328، ص201».
وقد ترك عبد الحق 49 مؤلفا بالعربية والفارسية، هذه أهمها:
ديوان شعر.
لمحة التنقيح، وهو شرح بالعربية على مشكاة المصابيح للتبريزي، وله أيضا شرح بالفارسية على نفس الكتاب، طبع في لكناو 1277ه.
أخبار الأخيار، وهو تراجم لأولياء الهند بصفة خاصة.
زبدة الآثار، وهو ترجمة لعبد القادر الجيلاني.
مفتاح الفتوح، وهو ترجمة فارسية مع التعليقات لكتاب الجيلاني «فتوح الغيب».
ذكر الملوك، وهو تاريخ مختصر للهند منذ عهد الغوريين إلى عهد أكبر.
جذب القلوب، وهو تاريخ للمدينة، مبني في معظمه على كتاب السمهودي.
مدارج النبوة، وهو سيرة للرسول.
अज्ञात पृष्ठ