فتساءل رمانة محتدا: ماذا تعني؟ - إن لم تسرع فسيصيبك أذى لا تتصوره. - ولكنه أخي!
فقال توكل وهو لا يفطن إلى أبعاد قوله: ليس نادرا أن يقتل الأخ أخاه في حارتنا!
فازدرد رمانة ريقه بامتعاض وغمغم: هكذا!
فقال شيخ الحارة: لقد أعذر من أنذر، فتحرك وحق الحسين.
54
لم يجرؤ رمانة على مقابلة وحيد وهو سكران، فقرر أن ينتظر حتى الصباح. غير أن الشيخ إسماعيل القليوبي شيخ الزاوية اقتحم عليه داره عند منتصف الليل حاملا إنذارا من وحيد بأنه إذا غادر داره فقد عرض نفسه للهلاك.
وأدرك رمانة أن عزيز هو الذي أوقع بينه وبين وحيد فتهجم على جناحه وانهال عليه سبا حتى أوشك أن يلتحم الاثنان في عراك عنيف. عند ذاك اعترفت عزيزة بأنها هي التي فطنت إلى المؤامرة التي دبرها لابنها، وأنها أفضت بظنونها إلى وحيد. وصب رمانة عليها غضبه حتى صرخت في وجهه: ابعد عن وجهي يا قاتل قرة!
هكذا اشتعلت الدار بالغضب والكراهية على مشهد من الخدم.
وفي الحال انتقلت عزيزة وعزيز إلى دار البنان، ولم يبق في الدار إلا رمانة ورئيفة والشيخة ضياء.
واستقل عزيز بمحل الغلال، فجدده، وأعاده إلى أيام ازدهاره كما كان أيام قرة، ولم يساور وحيدا ارتياب فيه، ووجد في تنبيه عزيزة له ما طمأنه من ناحية عزيز فزاره مهنئا ومضفيا عليه أمام الحارة رضاه وحمايته. وأقلع عزيز عن أحلامه. أقلع عنها وهو حزين، غير مبرأ من ازدراء نفسه. وقنع بممارسة الخير في محله، مع عماله وعملائه وزبائنه ومن يتيسر له مساعدتهم من الحرافيش.
अज्ञात पृष्ठ